مصري يعيد أمه إلى الطفولة باللهو في شوارع الإسكندرية

محمد سعيد يعود بأمه إلى زمن الطفولة فيصطحبها في نزهة، ليرسم على محياها ابتسامة ضاعت منها وسط تحملها مسؤولية تربية أبنائها الثلاثة حتى دخولهم الجامعة.
السبت 2018/09/15
محاولة استراق ابتسامة من الماضي

حاول شاب مصري إسعاد والدته الستينية التي كرست حياتها للسهر على أحوال العائلة أمام مرض الأب، من خلال جلسة تصوير فريدة حملتها عنوة إلى زمن الطفولة البعيد بكل ما فيه من ألعاب ولهو ومرح.

القاهرة - اصطحب الشاب المصري محمد سعيد والدته الستينية في جلسة تصوير بشوارع مدينة الإسكندرية الواقعة على البحر المتوسط، وهي تلهو وتلعب كالأطفال، غير عابئة بنظرات المارة.

ويعد مشهد ظهور أم في آخر عقدها السادس تلهو وتتسلق الألعاب المخصصة للأطفال رفقة ابنها وتسير معه وسط الشارع كالعشاق، جديدا على المجتمع الإسكندري.

أراد سعيد أن يعود بأمه إلى زمن الطفولة، فقرر اصطحابها في نزهة دامت كامل اليوم، حتى يرسم على محياها ابتسامة ضاعت منها وسط تحملها مسؤولية تربية أبنائها الثلاثة حتى دخولهم الجامعة نيابة عن زوجها الذي أقعده المرض.

ولم يكن إقناع الأم بجلسة التصوير أمرا سهلا، لكن سعيد تمسك بفكرته فأذعنت أمام إصراره ووافقت على الخروج في النزهة، وفوجئت بأنها تتنقل بين كورنيش بحر الإسكندرية وركوب الألعاب في الملاهي واستقلال الحنطور (عربة يجرها حصان)، والتجول في الشوارع وهي تحمل بالونات ذات ألوان زاهية.

ارتسمت على ملامح الأم علامات السعادة والفرح، حيث اندمجت في اللعب ومع سيل من الذكريات تعيدها إلى فترة كانت فيها طفلة صغيرة لا تحمل أي هموم، أبعدتها إلى حين عن واقع تحملت فيه مسؤولية استمرت لأكثر من أربعين عاما.

فكر سعيد من خلال جلسة التصوير أن يرد البعض من جميل وعرفان أمه عليه، فهي لم تخرج لنزهة طفولية منذ قرابة 55 عاما، فهي حتى عندما كانت طفلة صغيرة في بيت والدها، تحملت معه أيضا عناء تربية أشقائها ونسيت نفسها وحياتها الشخصية لأجل راحتهم.

ورغم بساطة التجربة إلا أنها أعادت الأم إلى الوراء، فهي منذ نصف قرن تقريبا لم تمش في الشارع وهي تمسك البالونات في الهواء متحدية نظرات الناس إليها.

وكانت نظرات الناس طوال ساعات النزهة تطارد الأم في كل مكان، فما يحدث غير مألوف بالنسبة إليهم، لأنها تلهو مع شاب وليس مع رجل في سنها، وتمرح إلى جوار عربات الترام وأتوبيسات النقل العام وتمسك بيد ابنها اليمنى، وغزل البنات والبالون في اليسرى.

عادت الأم إلى المنزل بعد جلسة التصوير وهي لا تستوعب ما حدث، والابتسامة لا تفارق وجهها. وحظيت قصتها مع ابنها بردود فعل واسعة على صفحات التواصل الاجتماعي، باعتبار أن الفكرة غير مألوفة عند أكثر الناس، لكن البعض تعامل معها باعتبارها بحثا عن الشهرة من جانب الابن.

وذكر أمجد فريد المصور الذي وثق نزهة سعيد وأمه، أن الابن تعامل مع الموقف بإنسانية مطلقة، فقد كان يريد إسعادها فقط بعدما شعر بانشغاله عنها لظروف عمله وتكرار تواجده خارج المنزل وإحساسه بأنه أصبح بعيدا عنها.

وأضاف فريد في حديثه لـ”العرب” أن أكثر المواقف الصعبة التي واجهته خلال جلسة التصوير، هي التعليقات الساخرة من بعض المارة، لكن الابن كان يطالب الأم في كل مرة بعدم الانتباه، قائلا “اعتدت تصوير جلسات رومانسية بين زوجين أو شاب وفتاة خلال فترة الخطوبة، لكن تظل هذه الواقعة فريدة من نوعها، وأجمل ما فيها لحظات السعادة التي عاشتها الأم على يد ابنها”.

24