استئناف ترحيل المهاجرين يزيد التوتر بين الجزائر والمنظمات الدولية

الجزائر – وجهت المنظمة الدولية للهجرة، اتهامات للحكومة الجزائرية بالتهجير القسري وغير المحترم لحقوق الإنسان لعدد من المهاجرين الأفارقة، وذلك بعد إنقاذ مصالحها لنحو 130 مهاجرا أفريقيا من خطر محقق، بعدما تاهوا في الصحراء الأفريقية، في المناطق الحدودية بين دولتي النيجر والجزائر.
وقال بيان للمنظمة إنه “تم إنقاذ 128 مهاجرا من غرب أفريقيا، من بينهم نساء وأطفال كانوا في صحراء (أساماكا) بالقرب من الحدود الجزائرية، وإن المرحلين وصلوا منتصف الأسبوع إلى شمال النيجر”، في إشارة إلى المعبر الذي تسلكه شبكات التهريب لتسفير المهاجرين إلى دول العبور وعلى رأسها الجزائر.
وجاءت اتهامات المنظمة الدولية للهجرة في أعقاب إعلان الحكومة الجزائرية عن استئناف عمليات ترحيل المهاجرين الأفارقة، برغم الانتقادات التي وجهتها لها منظمات حقوقية محلية ودولية، وأوعزت ذلك إلى المخاطر التي باتت تشكلها ظاهرة الهجرة السرية على الاستقرار الأمني والاجتماعي في البلاد.
وأوضح البيان أن “فرق الإغاثة أنقذت 128 مهاجرا، من بينهم ثماني نساء و14 طفلا في صحراء (أساماكا)، وهي منطقة نيجيرية متاخمة للجزائر، وأن المهاجرين تنقلوا سيرا على الأقدام من نقطة الصفر على الحدود مع الجزائر، قبل أن تعثر عليهم فرق الإغاثة التي قدمت لهم الرعاية الأولية اللازمة”.
وأضاف “أكثر من مئة شخص قبلوا هذه المساعدة وتم نقلهم إلى مركز العبور بمنطقة (أرليت) بالنيجر الأربعاء الماضي، فيما وصل ثمانية آخرون بمفردهم إلى مركز العبور، بينما قرر ستة مهاجرين العودة مجددا إلى الحدود الجزائرية في محاولة ثانية للعبور إلى التراب الجزائري”.
وبحسب المنظمة فإن المهاجرين ينتمون إلى 8 جنسية أفريقية، وهي نيجيريا، ساحل العاج، مالي، غامبيا، ليبيريا، الكامرون، السنغال وغينيا بيساو.
وكانت الحكومة الجزائرية قد دعت وفدا إعلاميا لمرافقة المهجرين من مراكز التجميع في شمال البلاد إلى غاية الحدود الجنوبية مع دولة النيجر، بغية إضفاء الشفافية ونقل شهادات حية عن ظروف الترحيل، بعد الانتقادات التي وجهت لها من طرف منظمات حقوقية.
وفي مايو الماضي دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الحكومة الجزائرية إلى وقف عمليات ترحيل المهاجرين الأفارقة بشكل جماعي إلى بلدانهم الأصلية دون تقييم فردي، وهو ما استقبلته الجزائر بامتعاض شديد، بدعوى عدم تفاعل المنظمات الدولية مع دعواتها إلى التكفل الجماعي بظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وفي المقابل أكد مدير دائرة الهجرة في وزارة الداخلية الجزائرية حسان قسيمي أن “عمليات إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى الحدود تجري طبقا للقانون الجزائري والالتزامات الدولية لبلاده، وفي ظل الاحترام الصارم لحقوق الإنسان وكرامة الأشخاص المعنيين”.
وأضاف “عمليات الترحيل تتم بموافقة مسبقة من سلطات البلدان المعنية التي تقوم بتحديد هوية المعنيين وإصدار جوازات مرور قنصلية لهم، وبمشاركة متطوعي الهلال الأحمر الجزائري وأفراد الحماية المدنية، وأن إيواء المهاجرين المرحلين يتم في ظروف لائقة بمراكز استقبال مجهزة خصيصا لهذا الغرض، ونقلهم إلى مدينة تمنراست تخصص له حافلات مزودة بكل وسائل الراحة”.
وأوضح “هناك معلومات دقيقة أكدتها أيضا منظمات أفريقية تشير إلى أن الأطفال يباعون في كل من نيامي، أغاديس، أساماكا وأرليت في النيجر، ويأتون بهم إلى الجزائر ويستغلونهم في ظروف غير إنسانية من الثامنة صباحا إلى العاشرة ليلا”.
وتابع “وعليه قامت الحكومة بترحيل أزيد من 17 ألف طفل وامرأة كانوا يستغلون في التسول، وتمت معالجتهم صحيا ونفسيا وترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية”.
ولفت إلى أن مصالح الأمن عثرت على ما يقارب 24 ألف دولار، بحوزة مهاجر نيجري حين توقيفه منذ ستة أشهر في بلدة عين صالح بأقصى الجنوب، واعترف المعني بأن المبلغ تحصل عليه من عملية التسول، ما يؤكد استغلال شبكات الهجرة غير الشرعية للنساء والأطفال والشباب في حرفة التسول لتمويل نشاطات مشبوهة.
وأعلنت الخارجية الجزائرية عن استئناف عملية الترحيل في مطلع شهر أغسطس الجاري، وذلك بهدف “التصدي الجيد لظاهرة الهجرة غير الشرعية ومحاربة شبكات الاتجار بالبشر، وأن الأمر يتعلق بالمهاجرين من دولة النيجر تنفيذا للاتفاق المبرم بين البلدين في هذا المجال”.