زيارة الجهيناوي لطبرق تمهد لتقارب بين تونس وشرق ليبيا

زار وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي الثلاثاء مدينة طبرق الليبية، حيث التقى رئيس البرلمان عقيلة صالح، وهي الخطوة التي اعتبرها مراقبون تمهيدا لتقارب بين تونس وسلطات شرق ليبيا.
وقال عضو مجلس النواب صالح افحيمة لـ”العرب” إن عقيلة صالح قطع مشاركته في أعمال جلسة خصصت لمناقشة مشروع قانون الاستفتاء على الدستور، للقاء الجهيناوي.
وأكد افحيمة أن زيارة وزير الخارجية التونسي جاءت بشكل مفاجئ ولم يعلن عنها البرلمان سابقا، نافيا علمه بالمواضيع التي ستتم مناقشتها بين الجهيناوي وعقيلة صالح.
وتأتي زيارة الجهيناوي عقب نحو أسبوعين من زيارة كان قام بها إلى طرابلس حيث التقى رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد مشري ونظيره محمد الطاهر سيالة.
وتلا تلك الزيارة توتر عكسته تصريحات أدلى بها نائب رئيس المجلس الرئاسي المقرب من تيار الإسلام السياسي أحمد معيتيق تخللتها تهديدات بغلق المعبر الحدودي الليبي-التونسي المشترك، “رأس جدير” أمام حركة مرور التونسيين.
وهدد أحمد معيتيق في بيان وزعه السبت بإغلاق الحدود البرية مع تونس في حال استمر ما وصفه بـ”المُضايقات” التي يتعرض لها الليبيون عند دخولهم التراب التونسي.
وأثار موقف معيتيق استغراب المراقبين للعلاقات بين الجانبين التي اتسمت بالمتانة منذ وصول المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق نهاية مارس من عام 2016 إلى طرابلس. واعتبروا أن تصريحات معيتيق قد تلمح إلى توتر بين تونس وسلطات طرابلس، لافتين إلى أن المناوشات بين التونسيين والليبيين تحدث بشكل متكرر لكن هذه هي المرة الأولى التي يتدخل فيها المجلس الرئاسي.
ولم يستبعد هؤلاء المراقبون أن يكون هذا التصعيد بسبب دعم حقيقي من قبل تونس للمبادرة الفرنسية لحل الأزمة الليبية، وهو ما تعكسه مشاركة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي خلال المؤتمر الذي عقد في باريس نهاية مايو الماضي. ونص الاتفاق على ضرورة إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري، وهو ما يرفضه الإسلاميون والمجلس الرئاسي على حد السواء.
وهذه هي المرة الأولى التي يزور فيها مسؤول تونسي الشرق الليبي منذ اندلاع الأزمة منتصف عام 2014، عقب ما عرف بمعركة فجر ليبيا، التي انتهت بطرد ميليشيات إسلامية لحكومة عبدالله الثني الشرعية والبرلمان المنبثقة عنه من طرابلس إلى طبرق.
ورغم اعتراف العالم بشرعية مجلس النواب وحكومته حتى الإعلان عن توقيع اتفاق الصخيرات في ديسمبر 2015، إلا أن تونس اختارت التعامل مع حكومة الإسلاميين وهو ما أثار حفيظة السلطات شرق البلاد.
وبررت الحكومة التونسية التي كان يقودها مهدي جمعة حينئذ تعاملها مع الإسلاميين باعتبارات فرضها الواقع.
وتتركز مصالح تونس مع ليبيا على الجزء الغربي القريب منها عكس المنطقة الشرقية البعيدة عنها جغرافيا كما أن علاقاتها أقوى منذ القدم مع الجزء الغربي سواء من الناحية الاقتصادية أو الأمنية أو حتى العلاقات الاجتماعية بين مواطني البلدين.
ولم تتغير سياسة تونس تجاه ليبيا عقب وصول حزب نداء تونس إلى الحكم ووصول رئيسه الباجي قائد السبسي إلى قصر قرطاج نهاية 2014، والذي أدلى بتصريحات أثارت جدلا واسعا في الوسطين التونسي والليبي.
وقال حينئذ إن تونس تتعامل مع الطرف الفاعل على الأرض في ليبيا بغض النظر عن شرعيته، لافتا إلى أن الاعتراف الدولي بالحكومة الموجودة في طبرق ليس له أي معنى. وفي معرض تبريره لاستقبال رئيس حكومة الإسلاميين خليفة الغويل قال السبسي حينئذ إنه مستعد لاستقبال “الشيطان” من أجل مصلحة تونس، مؤكدا أن تعاون تونس يكون مع من له صلة بالقضايا التي تمسها، واصفا ذلك التعاون بـ”الضروري”.
لكن مراقبين قالوا حينئذ إن اعتراف تونس بحكومة الإسلاميين فرضه التوافق بين حزب نداء تونس وحركة النهضة الإسلامية.
وكانت الزيارة التي قام بها كل من عقيلة صالح والقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، إلى تونس العام الماضي لمناقشة مبادرة السبسي لحل الأزمة الليبية، أنهت جمودا سياسيا دام سنوات.