الدراما الجزائرية تعيش انتكاسة حادة في ذروة الموسم الرمضاني

اشتداد حمى التفرد ببث الأعمال المنجزة يعكس رهان الفضائيات المحلية، على ربح معركة الريادة خلال الموسم الذي يستقطب جمهورا واسعا وسخاء من قبل المعلنين.
الثلاثاء 2018/05/29
مسلسل "الخاوة" دون منافسة

الجزائر- دخل صراع الريادة بين قناتي “الشروق” و”الجزائرية وان” الخاصتين، أروقة المحاكم عشية بداية الموسم الدرامي الرمضاني، بسبب الخلاف بينهما على أحقية بث سلسلة “لالا زيب”، حيث يزعم كلا الطرفين تعاقده الشرعي والقانوني مع الشركة المنتجة، وهو ما يعكس حالة الارتباك التي تحيط بالمشهد الدرامي في البلاد خلال الموسم الجاري.

ويرى مختصون، أن اشتداد حمى التفرد ببث الأعمال المنجزة يعكس رهان الفضائيات المحلية، على ربح معركة الريادة خلال الموسم الذي يستقطب جمهورا واسعا وسخاء من قبل المعلنين، وأن شهر رمضان تحول إلى فرصة للاستهلاك الدرامي، إلاّ أن حالة التهافت والمنافسة خرجت من إطارها النزيه والاحترافي، بعد وصولها إلى أروقة المحاكم، وتصفية الحسابات خارج أطر النزاهة والمهنية.

 

كعادة كل رمضان، تنتقل إدارات البرمجة في التلفزيونات الجزائرية خلال الساعات الأخيرة قبل حلول الموسم الدرامي الرمضاني، إلى السرعة القصوى من أجل ضبط شبكاتها البرامجية، والمراهنة على ربح تحدي الشركاء والمتابعين، إلاّ أن معطيات الأيام العشر الأولى من البث أكدت الانتكاسة الدرامية، في ظل احتدام الصراع ودخوله أروقة المحاكم، بعد توقيف تصوير بعض الأعمال التي كان يراهن عليها البعض

ومهد قرار إدارة مجمع “الشروق” الخاص بتوقيف تصوير مسلسلي “الرايس قورصو”، و”تلك الأيام”، لنكسة درامية كبيرة، بعدما تم الرهان على العملين من أجل دخول غمار المنافسة المحلية والعربية، على جمهور الموسم الرمضاني، وذلك باعتراف الرجل الأول في المجمع علي فضيل، الذي أكد في حفل عرض الشبكة البرامجية، على أن “المجمع سيبقى حاضرا في المشهد الدرامي الجزائري، رغم خسارته ورقة المنافسة العربية بعد توقف تصوير المسلسلين”.

وكانت قناة “الشروق” قد بررت وقف التصوير مسلسلي “الرايس قورصو” و”تلك الأيام”، بالأسباب المالية وغياب الدعم، إلاّ أن مصادر “العرب”، أكدت أن القرار يرتبط بضغوطات سياسية، بعد الشبهات التي حامت حول تغلغل تيار المعارض التركي فتح الله غولن، عبر أذرعه المالية والبشرية في الرسائل السياسية التي يحملها العملان.

وأضافت بأن “المسلسلين حملا جرعة لافتة من الجرأة وانتقاد الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقدم عدة إسقاطات وإيحاءات تزعج أطرافا وشخصيات بعينها في مراكز القرار السياسي، فضلا عن فتح جراح العشرية الحمراء في مسلسل ‘تلك الأيام’، بشكل أعاد طرح العديد من الاستفهامات التي أحاطت بالمرحلة، لا سيما تلك المتعلقة بالتهم التي طالت الجيش الجزائري في ارتكاب مجازر في حق المدنيين”.

وأدخلت ندرة ونوعية الأعمال الدرامية المخصصة للعرض خلال شهر رمضان، إدارات التلفزيونات الجزائرية (الخاصة والحكومية)، في سباق مع الوقت، إلاّ أن سقف مطالب الشركات المنتجة، جعلها في وضع حرج ما اضطرها للاكتفاء بملء الفراغ فقط، خاصة بالنسبة لقناة “الشروق” التي فقدت إمكانية بث سلسلة “لالا زينب” و”أسطورة المماليك”، بسبب الخلافات مع المنتجين أو المنافسين.

ومع ذلك استطاعت قناة “الجزائرية وان” إنقاذ موسمها بتفردها ببث الجزء الثاني من مسلسل “الخاوة”، الذي تعول عليه كثيرا لافتكاك الريادة خلال الموسم، تؤهلها لضمان مكان تنافسي في المشهد الفضائي في البلاد، لا سيما مع الانطباعات الإيجابية وردود الفعل المثمنة لتجربة الجزء الأول من المسلسل المذكور.

ورغم مسارعة إدارة “الشروق” لافتكاك سلسلة “أسطورة المماليك” التي كان يفترض بثها على قناة النهار وفق اتفاق مبدئي بين القناة والشركة المنتجة المملوكة لعائلة الفنانة ريم غزالي، إلاّ أنها هي الأخرى لم توفق في ترسيم الاتفاق نهائيا معها، بعدما طفت على السطح خلافات مالية بين الطرفين، الأمر الذي تسبب في تأجيل العمل وعرضه خارج الموسم الرمضاني.

وذكرت مصادر مطلعة لـ”العرب”، بأن “الخلاف الأخير بين ‘الشروق’ والشركة المنتجة لـ’أسطورة المماليك’، ذو طبيعة مالية صرفة، بعدما طلبت الأخيرة من القناة تسبيقا ماليا لتغطية النفقات والديون المتراكمة عليها لدى الفنيين والممثلين، قبل الاستفادة من عائدات الإعلانات التي تبث قبل وخلال وبعد البث”.

ويراهن التلفزيون الحكومي بقنواته الخمس، على مسلسلي “النار الباردة” و”الوداع الأخيرة”، فضلا عن سلسلتي “عنتر بن شداد” و”باب الدشرة” والممثلين بيونة وساعد القط، من أجل المنافسة التي فرضتها القنوات الخاصة، وإزاحتها من عرش الريادة بعد عقود من الاحتكار، إلاّ أن اكتفاء عملية الإنتاج بالصف الثاني من الممثلين والفنانين، يصب في صالح مسلسل “الخاوة”، الذي استقطب وجوها محلية وعربية وفرانكو جزائرية.

16