شورى النهضة يحسم موقف الحركة من مصير رئيس الحكومة التونسية

تونس - ناقش مجلس شورى حركة النهضة التونسية، خلال اجتماعه الأحد، موقف الحركة من تعديل الحكومة وتمسكها ببقاء يوسف الشاهد على رأسها.
وقال عبدالكريم الهاروني رئيس مجلس شورى حركة النهضة، الأحد، إن حركته لها ثقة في استعداد كافة الأحزاب والمنظمات المشاركة في الحوار والتوافقات حول وثيقة قرطاج 2. وأكد أن للحركة ثقة في أن كل الأطراف ستقدم التنازلات المطلوبة.
وتطالب حركة النهضة بتعديل جزئي على الحكومة التونسية وترفض إقالة رئيسها يوسف الشاهد.
وقال عماد الخميري، المتحدث باسم حركة النهضة، إن “مجلس شورى حركة النهضة أكد على بقاء يوسف الشاهد رئيسا للحكومة مع إجراء تعديل وزاري جزئي”.
وأوضح الخميري، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، أن حركته ترى أن “مصلحة البلاد تقتضي استقرارا سياسيا ويمكن ليوسف الشاهد وفريقه الحكومي أن يطبقا ما جاء في وثيقة قرطاج 2”.
وتجري مفاوضات في تونس حاليا بين الموقعين على اتفاق وثيقة قرطاج، التي كانت قاعدة على أساسها تشكلت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد في أغسطس عام 2016، لإعادة تحديد أولويات عمل الحكومة.
وتضمنت المفاوضات نقاشا بين الأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة قرطاج حول تغيير كلي للحكومة أو الاكتفاء بتعديل جزئي مع الإبقاء على رئيس الحكومة الحالي.
ويبقى مصير الشاهد وفريقه الحكومي النقطةَ الوحيدة التي لم تتفق بشأنها الأحزاب والمنظمات التونسية المشاركة في المفاوضات، فيما تم الاتفاق على أولويات عمل الحكومة للفترة القادمة في نص اتفاق جديد أصبح يعرف بوثيقة قرطاج 2. وتدور المفاوضات حول موقفين الأول يطالب بإقالة يوسف الشاهد وكل فريقه الحكومي ويتبناه كل من الاتحاد العام التونسي للشغل وحزب نداء تونس الحاكم، فيما يرى أصحاب الموقف الثاني الاكتفاء بتعديل جزئي على الحكومة التونسية وعدم إقالة رئيسها يوسف الشاهد، ويقود هذا الطرح حركة النهضة.
وانتقد حزب نداء تونس شريكه في الحكومة حزب النهضة، إذ قال إنه يستغرب كيف تتمسك الحركة بالشاهد في حين أنها تقر بفشله هو وحكومته.
وأكد الخميري أن حركة النهضة لم تصف حكومة الشاهد بـ”الفاشلة”، مشددا على أن المشكلة تتمثل في تنفيذ الإصلاحات الكبرى وطريقة القيام بذلك وليس في تغيير الحكومات.
ولم تكن في موقف مجلس شورى حركة النهضة الرافض لإقالة يوسف الشاهد أي مفاجآت، فالحركة عبرت في مناسبات عديدة سابقة عن هذا الموقف.
والأسبوع الماضي قالت كتلة حركة النهضة بمجلس نواب الشعب إن “التوقيت غير مناسب لإجراء تعديل وزاري شامل”. وجاء هذا الموقف إثر اجتماع لكتلة النهضة بالبرلمان مع زعيم الحركة راشد الغنوشي.
وأكدت الكتلة أن الرغبة في ضخ دماء جديدة في الحكومة أمر مقبول لكن البلاد في حاجة إلى الاستقرار السياسي باعتبار وضعها الصعب.
ورغم ذلك توقع متابعون للشأن السياسي في تونس أن تعدّل النهضة موقفها وذلك في قراءات مختلفة للقاء جمع راشد الغنوشي زعيم الحركة الإسلامية بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي السبت.
وأعلن الاتحاد العام التونسي للشغل أن الطبوبي التقى الغنوشي في مقر الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي على صفحته الرسمية في موقع فيسبوك مكتفيا بالقول “تم خلال هذا اللقاء التطرق إلى الوضع العام في البلاد في علاقة بوثيقة قرطاج” دون تقديم المزيد من التفاصيل.
وفي نفس اليوم، استقبل الطبوبي في مكتبه بمقر اتحاد الشغل قادة من حزب المسار من بينهم جنيدي عبدالجواد، إذ أفادت المنظمة العمالية بأن اللقاء ناقش الوضع العام في البلاد.
واللافت للنظر أن لقاء الطبوبي مع كل من الغنوشي وقيادة المسار تزامن مع إعلان حزبي حركة النهضة والمسار عقد اجتماعات لأعلى سلطة تقريرية في كلا الحزبين لتدارس موقفهما بشأن مصير يوسف الشاهد وحكومته.
وأثار هذا الأمر التوقعات بأن قيادة المنظمة العمالية تسعى لحشد دعم أكبر لموقفها، الرافض لاستمرار يوسف الشاهد على رأس الحكومة التونسية، من داخل الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج.
وتعزز هذا الموقف، بحسب مصادر خاصة لـ”العرب”، من خلال تأكيد قيادات من حزب المسار أن اللقاء مع الطبوبي كان لمتابعة مسار وثيقة قرطاج 2 والتشاور من أجل المزيد من التوافق لإخراج البلاد من الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها.
وعقد حزب المسار، الأحد، اجتماعا لقيادته تدارس فيه حسم موقفه من إقالة يوسف الشاهد من منصبه أو التمسك به. وكان الحزب قد أعلن في وقت سابق أنه يطالب بحكومة كفاءات غير معنية بالمشاركة في الانتخابات القادمة.
وكشف جنيدي عبدالجواد، القيادي بحزب المسار، أن حزبه لا يرى مانعا في المشاركة في الحكومة الجديدة إذا تم إجراء تعديل جزئي أو كلي.
وتابع موضحا أن موقف حزبه مشروط بموافقة الاتحاد العام التونسي للشغل على أن يكون ضمن الحزام المساند لهذه الحكومة.
وقال عبدالجواد، في تصريح لإذاعة محلية خاصة الأحد، إن “وجود المسار في الحكومة مسألة ثانوية بالنظر إلى الأزمة التي تعيشها البلاد”.
ومن المقرر أن يحسم المشاركون في صياغة وثيقة قرطاج 2 مصير يوسف الشاهد وحكومته اليوم الاثنين.
واتفقت هذه الأطراف المشاركة في مشاورات وثيقة قرطاج 2، في اجتماع عقد يوم الجمعة الماضي، على البرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي للحكومة الذي يتضمن 63 نقطة أعدتها لجنة من الخبراء.
أما بخصوص النقطة التي تتعلق بمصير الحكومة الحالية وبالحكومة التي ستكلف بتنفيذ برنامج الأولويات فقد شهدت خلافا بين من يرى أن التغيير الحكومي يجب أن يكون شاملا ومن يرى أنه لا يمكن إلا أن يكون تعديلا جزئيا.
وفي يناير الماضي دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج في يوليو 2016 إلى التفاوض حول أوضاع البلاد بعد فقدان حكومة الشاهد البعض من الداعمين لها.