مخاوف من سنة جامعية بيضاء في ظل احتجاج الأساتذة في تونس

اجتماع الاثنين يحسم مواعيد إجراء الامتحانات، ووزارة التعليم العالي تؤكد أن لديها حلول للأزمة تراعي مصلحة الطلبة.
الجمعة 2018/05/25
ارتباك مخيف

تونس - تتخوف أوساط مختلفة من احتمال إقرار “سنة جامعية بيضاء” في تونس رغم تطمينات وزارة التعليم العالي، في ظل عدم اجتياز عدد من الجامعات امتحانات العام الحالي بسبب الأزمة المتصاعدة بين الوزارة ونقابة الأساتذة الجامعيين الباحثين المعروفة اختصارا بتسمية “إجابة”.

واحتج العشرات من الطلبة أمام وزارة التعليم العالي، الخميس، مطالبين بتحديد موعد لإجراء الامتحانات ومعبرين عن موقفهم الرافض لإقرار سنة جامعية بيضاء.

فيما عبرت عمادة المهندسين التونسيين في بيان أصدرته الخميس عن “عميق انشغالها لما آلت إليه الأوضاع في المدارس الهندسية ونبهت إلى عواقب ما يجري”.

وقال البيان إن الأوضاع في أغلب المدارس الهندسية العمومية “تدهورت بشكل غير مسبوق إثر تواصل الإضراب الإداري للأساتذة الجامعيين منذ يناير”.

وحملت عمادة المهندسين وزارة التعليم العالي مسؤولية ما يحدث في المدارس الهندسية والتأخير في إيجاد الحلول للأزمة الحالية، داعية رئيس الحكومة إلى التدخل لإنهاء الأزمة.

كما أعلن مجلس نواب الشعب عن عقد جلسة عامة، الاثنين القادم، لمساءلة وزير التعليم العالي سليم خلبوس.

ولم يجتز الطلبة في العديد من الجامعات الامتحانات خلال العام الجامعي الحالي، فيما امتحن البعض منهم في عدد من المواد ومازال ينتظر اجتياز بقية المواد. وفي ظل هذا الوضع المرتبك أصبح الغموض يكتنف مصير الطلبة الذين  يتساءلون عن مواعيد إجراء امتحاناتهم دون الحصول على إجابات واضحة.

إدريس السايح: القانون يفرض علينا التفاوض مع الطرف النقابي الأكثر تمثيلا
إدريس السايح: القانون يفرض علينا التفاوض مع الطرف النقابي الأكثر تمثيلا

وأكد أشرف مطيبع عضو نقابة إجابة لـ”العرب” أن اجتماعا من المقرر عقده بين إجابة ووزارة التعليم العالي الاثنين القادم سيوضح الصورة حول مصير المفاوضات بين الطرفين وبالتالي موعد إجراء الامتحانات.

وقال مطيبع، الأستاذ الجامعي بجامعة الإلكترونيك والاتصالات بصفاقس، إن الوزارة اقترحت تشريك إجابة في منظومة إصلاح التعليم العالي خلال آخر اجتماع معها وأن يتواصل التفاوض بشأن مطالب الأساتذة مقابل تعليق الإضراب عن العمل.

وتابع أن إجابة اقترحت أن يتواصل التفاوض حول مطالبها وأن يتم إجراء الامتحانات في سبتمبر القادم. وستدرس إجابة مقترحات وزارة التعليم العالي في اجتماع لمجلسها الوطني الأحد.

وأكد مطيبع أن الأساتذة الذين شاركوا في الإضراب الإداري أمنوا  كامل ساعات التدريس. وأشار إلى أن الإضراب عن العمل تم تنفيذه في 103 مؤسسة جامعية. ويأمل مطيبع أن يكون تعامل وزارة التعليم العالي مع نقابته إيجابيا في جلسة الاثنين القادم، مقرا بأن “الطلبة هم الطرف المتضرر من الأزمة بين إجابة والوزارة”.

في المقابل تسعى وزارة التعليم العالي إلى طمأنة الطلبة وعائلاتهم بأنه لا مجال لأن يكون العام الدراسي الحالي “سنة جامعية بيضاء”، مؤكدة أن لديها حلولا لحل أزمة التعليم العالي.

وقال إدريس السايح مستشار وزير التعليم العالي لـ”العرب”، “لن تكون السنة الحالية سنة جامعية بيضاء وهذا قرار مجلس الجامعات أعلى سلطة في التعليم العالي في تونس″.

وأفاد بأنه في حال تم إجراء الامتحانات متأخرة عن موعدها العادي فستتخذ وزارة التعليم العالي إجراءات استثنائية في هذا الشأن في ما يتعلق بتسجيل الطلبة في الجامعات بالسنة الجامعية القادمة، بالإضافة إلى التسجيل في المبيتات الجامعية وغيرها من المسائل والإجراءات الأخرى.

وأوضح السايح أن الجامعات التي تعطلت فيها مواعيد الامتحانات بصفة كلية أو جزئية يبلغ عددها 35 مؤسسة جامعية، مبينا أن أغلب الجامعات التونسية أنهت الامتحانات.

وقال إن عدد الأساتذة الذين شاركوا في الاحتجاج المتمثل في مقاطعة الامتحانات بلغ 1500 أستاذ جامعة، وهو ما يعني حوالي 6 بالمئة من جملة أساتذة الجامعات في تونس.

وقال السايح إن مجلس الجامعات أقر تكوين لجنة بيداغوجية تتولى مهمة وضع الحلول اللازمة للتعامل مع إضراب الأساتذة الجامعيين بحسب ما يفرضه القانون في حالات عدم إجراء الامتحانات، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين.

وأفاد بأن من بين الحلول إلغاء البعض من المواد في ما يتعلق بنظام الدراسة بالوحدات (الوحدة تتضمن العديد من المواد الدراسية)، أو تكليف أستاذ بديل يقدم مواضيع الامتحان للطلبة يكون من نفس المؤسسة الجامعية أو من جامعة أخرى. وأكد السايح أن الحلول التي ستتخذها اللجنة البيداغوجية ستراعي ظروف الطلبة ووضع الجامعات حالة بحالة.

وتعتبر نقابة إجابة قرار وزارة التعليم العالي تكليف لجان بيداغوجية بالإشراف على الامتحانات “قرارا غير قانوني وضربا لقيمة الشهادات العلمية في تونس ومبدأ المساواة بين الطلبة”. وقالت النقابة إن هذا القرار يعد تصعيدا من قبل الوزارة، مؤكدة أن مطالبها ليس للتنفيذ فورا بل يمكن التفاوض بشأنها.

وتطالب النقابة بوضع التعليم العالي العمومي من بين أولويات عمل الحكومة، إلى جانب تحسين الأوضاع المادية والمهنية لأساتذة الجامعات وتوفير الإمكانيات المادية لدعم منظومة البحث العلمي.

وصرح السايح بأنه سيتم اقتطاع أيام الإضراب عن العمل من رواتب الأساتذة الجامعيين الذين شاركوا في الاحتجاج، معتبرا أن هذا القرار “شر لا بد منه ينص عليه القانون في مثل هذه الحالات”، موضحا في الوقت نفسه أن “وزارة التعليم العالي لا تتمنى الوصول إلى وضع يدفعها إلى اتخاذ قرار الاقتطاع من الرواتب”.

وأوضح مطيبع أن إجابة أعلنت في نوفمبر العام الماضي أنها ستنفذ إضرابا إداريا بموجبه لن تقدم مواضيع الامتحانات للطلبة لكنها لن تقاطع الدروس، كما بين أن الإضراب عن العمل بدأ تنفيذه منذ يناير الماضي.

وقال “كل هذه الفترة تعنتت الوزارة في التفاوض معنا واختارت التفاوض مع الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي (نقابة التعليم العالي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل) في حين أنها ليست الطرف النقابي المحتج”.

وأفاد مطيبع بأن “الوزارة رفضت طيلة 6 أشهر التفاوض معنا وانتظرت حتى حلول موعد إجراء امتحانات آخر العام وموعد تنظيم مناقشات مشاريع تخرج الطلبة لتبدأ التفاوض مع الأساتذة المضربين عن العمل حول مطالبهم”.

لكن السايح أوضح أن الأمر ليس فيه “تعنت” من قبل وزارة التعليم العالي وليس فيه “تجاهل” لنقابة إجابة، إذ كانت فقط تتعامل مع الطرف النقابي الأكثر تمثيلا وهو ما يقره القانون باعتبار أن الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي هي النقابة الأكثر تمثيلا في هذا المجال.

ولفت إلى أن وزارة التعليم العالي دعت نقابة إجابة إلى المشاركة في مشاورات إصلاح منظومة التعليم العالي حتى قبل بدء أساتذة العليم العالي تنفيذ احتجاجاتهم، مؤكدا إيمان الوزارة بمبدأ التعددية النقابية.

وكانت وزارة التعليم العالي قد اتفقت مع النقابة التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل في مارس الماضي على إقرار امتيازات جديدة لأساتذة الجامعات في تونس، بالإضافة إلى اعتماد مفاوضات خاصة بسلك التعليم العالي ضمن المفاوضات الجارية بين الحكومة والمنظمة العمالية والتي تتعلق بزيادة الرواتب.

4