معرض باريسي يحتفي بفنون القلم "بيك"

قلم البيك يمتلك الكثير من الدلالات الثقافية والتاريخية، فهو منتج شعبي رخيص الثمن وقابل للاستبدال بسهولة، ما جعله قادرا على نزع الهالة المحيطة بالقلم الثمين.
الأحد 2018/04/15
معرض باريسي يحتفي بفنون القلم "بيك"

كلنا استخدمناه في أحدى مراحل حياتنا، وخصوصا في المدرسة، والبعض منا، ما زال يستخدمه إلى الآن، يكتب به، يرسم به أو حتى يخربش، هو قلم البيك- Bic الفرنسي، الذي بدأ إنتاجه عام 1950، ويعتبر من أشهر أنواع الأقلام الشعبية، وحتى إن لم نعرف اسمه، إلا أن شكله الشفاف ورأسه المدبب مألوف للجميع، وهو الخيار الأول لكل من يخطر بباله أن يشتري قلما.

قلم البيك، ليس مجرد قلم “حبر ناشف” حاد الحواف، إذ تم اعتماده ضمن المجموعة الدائمة في متحف الفن المعاصر في نيويورك، تحت تصنيف العمارة والتصميم، ويعتبر واحدا من مجموعة “تحف متواضعة” التي يمتلكها المعرض، وهذا العام يستضيف مركز المئة وأربعة في باريس، معرضا مميزا، تحضر فيه أعمال أكثر من ثمانين فنانا، المشترك بينهم استخدامهم لقلم البيك، فالمجموعة التي تمتلكها شركة بيك، تحوي أكثر من 150 عملا، أُنتجت منذ الخمسينات حتى الآن، تستخدم فيها أقلام ومنتجات الشركة المتنوعة بوصفها وسائط فنية ومواد لصناعة العمل الفني، سواء عبر الاستخدام التقليدي لها أو ذاك الذي يقترحه الفنان.

الأعمال في المعرض، أشبه بنتاج مختبر فنيّ، يسائل فيه الفنانون القلم، بوصفه الوسيط الأبسط المستخدم لصناعة العمل الفنيّ، إذ نشاهد تخطيطات بقلم البيك لفنانين مشاهير، كتلك التي تعود لألبيرتو جياكوموتي، والتي يمكن اعتبارها دراسة لبورترية شخصية، إلى جانب تخطيطات أخرى لرينية ماغريت وجورجيو كولومبو وغيرهم، وعلى النقيض نرى أعمالا لا يقتصر فيها استخدام القلم على الرسم، بل توظف أجزاءه ويُعاد تشكيل مكوناته، لتحضر كجزء ضمن العمل الفنيّ، كما في لوحة للفنان هشام برادة، والتي يستخدم فيها حبر القلم لتكوين مساحات لونيّة مختلفة.

معرض باريسي يحتفي بفنون القلم "بيك"
معرض باريسي يحتفي بفنون القلم "بيك"

نشاهد في المعرض أيضا، التقنيات المختلفة لاستخدام قلم الحبر، كالتنقيط، الذي نراه في لوحة للفنان تشارلز لايب بيتون، الذي يتلاعب بالكثافة اللونيّة عبر توزيع النقاط المختلفة على الورقة، لنرى أمامنا منظرا طبيعيا، تتداخل فيه الأضواء مع الظلال كلوحة انطباعيّة، بعكس ما نراه في لوحة للفنان تيمي ذاكيد، والتي نشاهد فيها بورتريه واقعي مصنوع بحرفيّة عالية تحاكي الواقع.

يحوي المدخل إلى المعرض، عمل تجهيزٍ ضخم للفنان النمساوي هيربيرت هينترغر، والذي نشاهد فيه ما يزيد عن ألف قلم مثبت على الجدران من حولنا، لتحيط بنا الأقلام الشفافة ورؤوسها الزرقاء من كل الجهات، والجدير بالذكر أن الكثير من أعمال هينترغر تعتمد على أقلام البيك التي يوظفها عضويا ضمن منحوتاته.

يمتلك قلم البيك، الكثير من الدلالات الثقافية والتاريخية، فهو منتج شعبي متاح للجميع، رخيص الثمن وقابل للاستبدال بسهولة، ما جعله قادرا على نزع الهالة المحيطة بالقلم الثمين، الذي لا يجوز أن نفقده، إذ يصفه أومبيرتو إيكو، بالمثال الفريد على الاشتراكية، فقد ألغى كل حقوق التملك وأشكال الاختلاف الطبقي. وهذا ما يحاول المعرض أن يخبرنا به، أن القلم في متناول الجميع، سواء كان طفلا يتعلم الكتابة أو فنانا يجهّز للوحته القادمة.

يُذكر أن شركة بيك، بدأت جمع وإنتاج مجموعة الأعمال الفنيّة هذه، منذ نهاية التسعينات، احتفاء بمارسيل بيك الذي صمم واخترع القلم، ويقول برونو بيك، رئيس الشركة الحاليّ، إن هذه المجموعة تسمح بالتعرف على مدى تأثير منتجات شركة بيك على المستهلكين، وقدرتها على غواية الفنانين من كل أنحاء العالم، سواء استخدموها كأداة للعمل الفنيّ أو كمصدر للإلهام، والأهم أن هذه المجموعة، تعرض علنا للمرة الأولى، وهي مقسمة في المعرض حسب الموضوعات إلى: ” فنانين من التاريخ، معرض للبورتريهات، التصميم والموضة، والعمارة المتخيلة”، والتي يعكس كل منها، استخداما مختلفا لمنتجات الشركة.

عمل بقلم البيك يستلهم الأعمال الانطباعية

 

13