مهرجان الفجيرة للفنون لا يتنكر للمونودراما

الفجيرة – يكاد المسرحيون العرب الذين واكبوا مهرجان الفجيرة الدولي للفنون منذ دوراته الأولى، عندما كان تظاهرة تحتفي بالمونودراما بشكل خاص، يجمعون على أن تحوّله إلى مهرجان شامل لمختلف الفنون، ما هو إلاّ بادرة منفردة من شأنها تعزيز انفتاح الفنون في ما بينها.
ورغم غيرة البعض على الطابع المسرحي للتظاهرة، إلاّ أنهم أكدوا أن التنوّع الفني الذي بات عليه المهرجان لم يلغ المكانة المتميّزة للمونودراما حتى هذه الدورة ويتطلّعون إلى أن تحافظ على ذلك في الدورات القادمة.
تنوع مثمر
المسرحي اللبناني رفيق علي أحمد أكد أن التحوّل الذي طرأ على المهرجان وتحوّله من تظاهرة مخصّصة للمونودراما إلى أخرى تشمل العديد من الفنون، ما هو إلاّ خطوة متميزة وإيجابية تستحق التقدير والشكر.
وقال علي أحمد “أن يصبح المهرجان فنونا متنوعة، أراه أمرا إيجابيا، بمعنى أن مهرجان المونودراما كان لهواة النوع، كانت الناس تأتي أساسا للمسرحيات المونودرامية، ولكن الآن بين الاحتفالات التراثية وما بين الموسيقى وما بين الأغاني التي ستقدّم وما بين الفن التشكيلي، أصبح الأمر أكثر شمولية وتنوعا حتى يتمكن أكبر عدد ممكن من الناس من المشاركة في هذا المهرجان، وبهذا نستطيع القول إن هذه الصيغة أصبحت تلبي أهواء ورغبات أمزجة أكبر عدد من الجمهور، وهذا إيجابي جدا”.
تتواصل حتى الخامس من مارس القادم فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي للفنون الذي يقام كل سنتين، والذي تنظمه هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، مستضيفا في نسخته الثانية 300 فنان ومسرحي من 18 دولة عربية، و70 ضيفا أجنبيا من أكثر من 36 دولة، مقترحا على جمهور المهرجان 22 عرضا موسيقيا وغنائيا من 19 دولة عربية وأجنبية، وأوركسترا “ماري”، علاوة على 9 فرق إماراتية للفنون الشعبية
وأضاف “أود أن أشكر القيمين على المهرجان، لأنهم لم يخونوا المونودراما وحافظوا على وجود عروض مسرحية مونودرامية هامة بمشاركة ثابتة تؤثث فعاليات المهرجان، وما أضيف من فنون أخرى هو شيء إيجابي نحن بأمس الحاجة إليه، فمن المهم إشراك الناس بالأعمال الفنية على تنوعها في مهرجان ما حتى يكون الكل مشاركا في هذا الفعل الفني، وهو ما يغذي الوجدان والعقل والمسرح”. ومهرجان الفجيرة الدولي للفنون، هو امتداد لمهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما الذي انطلقت أولى فعالياته سنة 2003 (تقام كل سنتين) وتواصل حتى عام 2014 كتظاهرة غايتها ترسيخ حضور مسرح المونودراما على الساحة الثقافية العربية عموما والإماراتية خاصة.
لكن وبدءا من دورة 2016 خرج المهرجان من حلته المونودرامية لينفتح على بقية الفنون الأخرى في مسعى لتطوير الحراك الثقافي عامة، وفتح المجال أمام أكبر عدد من الفنانين للتلاقي والتفاعل وتبادل الخبرات دون المساس بالمساحة المتميّزة للمونودراما ضمن الفعاليات.
وتعتبر الممثلة الأردنية عبير موسى من جهتها أن احترام القائمين على المهرجان للفنون عموما، يجعل المسرحيين في غنى عن القلق من إمكانية فقدان المونودراما لمكانتها الأولى.
وتقول عبير موسى “كنت أحب تميّز مهرجان الفجيرة للمونودراما، لأنه صدقا، كان من دورة إلى أخرى يقدّم عروضا تبهرني وتستفزني للعودة إلى المسرح في وقت تراجع فيه المشهد المسرحي العربي، وأصبحت قليلة هي المرات التي نصاب فيها بالدهشة إزاء تميّز عروض مسرحية قليلة ونادرة، ولكني كلي يقين أن في إدخال فنون أخرى على المهرجان ستُثمر أشياء جميلة ومختلفة، وأنه ستكون هناك عروض متميّزة خاصة في ظل ثقل الأسماء التي ستؤثث المهرجان على غرار عازف العود نصير شمه، علاوة على الفنون التشكيلية، ما يجعلني على ثقة بأنني سأرى شيئا ممتعا ومتفردا”.
وتتابع “إن القائمين على مهرجان الفجيرة حريصون على التطوّر وتجنب التكرار باستمرار منذ بداية المهرجان، وهذا المعطى مهم ويبدّد المخاوف بشأن تلاشي المونودراما وسط زخم الفنون الأخرى”.
وانطلقت فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي للفنون السبت الماضي بعرض فني أقيم على مسرح الكورنيش الكبير على شاطئ الفجيرة، وتضمن مجموعة من قصائد الشيخ راشد بن حمد الشرقي ومحمد عبدالله سعيد الحمودي، وفكرة لمحمد سعيد الضنحاني، وألحان الفنان الأردني وليد الهشيم، وسيناريو وسينوغرافيا وإخراج الفنان السوري ماهر صليبي، وأثث الحفل كل من الفنان التونسي لطفي بوشناق والفنان الإماراتي حسين الجسمي والفنانة المصرية أنغام.
وتضمن الحفل مشاركة أربعين راقصة وراقصا من فرقة سمة قدموا فيه عرضا لأوبريت ضم مجموعة من الفقرات عكست جمالية المكان وغناه الثقافي.
تلاقح ثقافي
من جانبه أعرب عرّاب المسرح السعودي فهد الردة عن أمله لو حافظ المهرجان على طابعه المونودرامي، لكنه أثنى على هذا التنوّع الذي بات عليه المهرجان والذي ستكون له تأثيرات إيجابية على الساحة الفنية العربية.
وقال الردة “مهرجان الفجيرة منذ بدايته، وهو يقدّم لمسة جديدة ومختلفة خليجيا وعربيا وبنى سمعته الدولية واستطاع أن يخلق حالة من التقارب العربي والغربي والآسيوي ولم شمل ثقافات مختلفة، لتقدّم نفسها بصورتها في إمارة الفجيرة الجميلة”.
ويتابع في حديثه لـ”العرب”، “حقيقة، وددت أن يحافظ المهرجان على طابعه المونودرامي، على أن تنفتح مهرجانات أخرى في الفجيرة على بقية الفنون من منطلق أن هذه الإمارة جميلة وذات طابع سياحي مختلف وتحتاج إلى أكثر عدد ممكن من التظاهرات الفنية والثقافية للتعريف أكثر بها وبخصوصيتها على المستويين العربي والعالمي، لتصبح وجهة ثقافية وسياحية أكبر وفي مستوى ما تتميّز به من طبيعة جاذبة ومتفرّدة”.
وشدّد فهد الردة على أن “جمع كل الفنون في مهرجان واحد يبقى حالة إيجابية، تتيح مساحة للتلاقي المُثمر لقدر هام من المبدعين من أنماط مختلفة، حيث تُقربهم وتلم شملهم الفنون في إمارة جميلة تدرك وتعي قيمة ذلك”.
ويستضيف المهرجان عددا هاما من نجوم التمثيل والغناء والفنون الأدائية، إذ يحل أكثر من 300 نجم عربي على المهرجان من 18 دولة عربية، فيما يصل عدد الضيوف الأجانب إلى 70 شخصا من 36 دولة من بينها الولايات المتحد الأميركية والسويد وألمانيا وسويسرا والصين وصربيا وبوركينا فاسو وأرمينيا وروسيا وسلوفينيا وفيتنام وجنوب أفريقيا وتركيا وبنغلادش والمملكة المتحدة وبولندا وجورجيا والهند وكوريا الجنوبية وفرنسا وغيرها.
ومهرجان الفجيرة للفنون مهرجان دولي شامل للفنون المسرحية والموسيقية والتشكيلية والأدائية والفنون الشعبية، تشارك فيه فرق وفنانون من خمسة وخمسين دولة، ويضمّ تحت مظلته مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما في دورته السابعة، وبطولة السيف في دورتها الثالثة، والعديد من الفعاليات الفنية التي ستوزّع في جميع مناطق إمارة الفجيرة.
ويستمر المهرجان عشرة أيام، ليضم عروضا استعراضية ومسرحية بمشاركة أكثر من 25 دولة، حيث يعول القائمون عليه على بناء جسور ثقافية بين هذه الدول والتعرف عليها من خلال فنها.