أساتذة تونس ينفذون إضرابا عاما من أجل تخفيض سن التقاعد

يواصل الأساتذة في تونس تحركاتهم الاحتجاجية التي كانوا قد نفذوها منذ فترة، وتهدف هذه الاحتجاجات إلى الضغط على وزارة التربية من أجل تصنيف مهنة التدريس ضمن المهن الشاقة والمرهقة. ويسعى المدرسون إلى تعديل قانون التقاعد في مهنتهم ليكون اختياريا في سن 55 سنة.
الخميس 2018/02/15
لا دروس اليوم

تونس – تنفذ نقابة التعليم الإعدادي والثانوي في تونس إضرابا عن العمل، الخميس، في تحرك تهدف من خلاله إلى التعبير عن رفضها لتأخر وزارة التربية في الاستجابة لطلباتهم التي من ضمنها تصنيف التعليم ضمن المهن الشاقة والمرهقة مما يطرح أمامهم خيار التقاعد الاختياري في سن 55 سنة.

وقال لسعد اليعقوبي الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي في تونس، خلال ندوة صحافية الأربعاء، إن قرار “الإضراب العام يعود إلى مماطلة وزارة التربية في تفعيل النقطة العاشرة من محضر اتفاق أكتوبر 2011”.

وينص الاتفاق الموقع بين الطرفين الذي لم يقع تفعيله بعد على تصنيف مهنة التدريس في مراحل التعليم الإعدادية والثانوية بجميع رتبها “ضمن المهن الشاقة والمرهقة”، ويسمح هذا الأمر للمدرسين في تونس بالتقاعد الاختياري في سن الـ55 مع 30 سنة عملا.

وقال محمد الطيب الحاج طيب مسؤول قسم الإعلام بوزارة التربية، لـ“العرب”، إن الوزارة لم تتخذ قرارات بعد بشأن الاحتجاجات التي ينفذها الأساتذة ولم تحسم موقفها من مطالب أهل القطاع.

وأكد الحاج طيب أن “المفاوضات ما زالت متواصلة مع الأطراف النقابية” لمناقشة مجموعة المطالب المقدمة التي يحتج بسببها الأساتذة، مفيدا بأن “جلسة تفاوضية ثانية ستنعقد قبل نهاية هذا الأسبوع”.

وأقرت نقابة التعليم الثانوي بأن اجتماعا عقدته مع ممثلي وزارة التربية الثلاثاء لم يحقق نتيجة بشأن مسار التفاوض، إذ وصفته بـ”غير الجدي”.

واعتبر اليعقوبي أن “وزارة التربية غير جادة في التفاوض”، مؤكدا في المقابل أن الجامعة العامة للتعليم الثانوي (تابعة للاتحاد العام التونسي للشغل) مستعدة للتفاوض الجدي لإيجاد حلول عاجلة لكل المشكلات. وأفاد بأن عدم التوصل إلى اتفاق مع الوزارة يمكن أن يدفع الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي، التي تشرف على كل تحركات النقابة، إلى طلب تدخل قيادة المنظمة العمالية بشأن مطالب الأساتذة وسبل تحقيقها.

وتستند نقابات التعليم بتونس في دعم موقفها بشأن رفضها للرفع في سن التقاعد في هذا القطاع إلى حالات وفاة أساتذة جدت خلال الأيام الماضية إذ توفي البعض منهم أثناء حصة التدريس، وأثار الأمر جدلا في مواقع التواصل الاجتماعي عند مشاركة المستخدمين صور محاولات الإسعاف الفاشلة لمدرس قضى في حضور تلامذته.

لسعد اليعقوبي: 3 آلاف أستاذ في عطل مرضية طويلة بسبب الضغط النفسي والأمراض
لسعد اليعقوبي: 3 آلاف أستاذ في عطل مرضية طويلة بسبب الضغط النفسي والأمراض

وصباح السبت الماضي، توفي أستاذ (في العقد الخامس من العمر) مادة العربية بمدرسة إعدادية في إحدى مدن ولاية (محافظة) سوسة إثر نوبة قلبية مفاجئة.

وأفاد اليعقوبي بأن “حالات الوفاة في صفوف الأساتذة بلغت حوالي 112 حالة منذ شهر أكتوبر الماضي”.

ويؤكد العاملون في قطاع التعليم أن المهنة التي يمارسونها مرهقة ولها تأثيرات كبيرة على صحتهم الجسدية والنفسية، حيث قال اليعقوبي إن “3 آلاف أستاذ في عطل مرضية طويلة الأمد حاليا، بسبب الضغط النفسي والأمراض العضوية الناجمة عن هذه المهنة”.

وتابع بأن هناك عددا كبيرا من المدرسين يتعالجون مع مواصلة ممارسة عملهم، منتقدا إصرار وزارة التربية “على مباشرتهم لعملهم على الرغم من ضعف مردودهم”.

ويقترح اليعقوبي أن يقع توظيف مدرسين جدد من بين خريجي الجامعات، مشيرا إلى أن الدولة عليها تحمل مسؤولية سوء الخيارات الاقتصادية والعجز المالي.

وإلى جانب مراجعة سن التقاعد للمدرسين، يحتج الأساتذة على تردي أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية وعدم تحديث المنح الخاصة و”غياب إرادة جدية للإصلاح التربوي وتدهور الوضع التربوي عموما”.

وتطرق اليعقوبي خلال الندوة الصحافية إلى ضرورة توفير الإمكانيات المادية لتحسين البنية التحتية للمدارس والمعاهد التونسية، مشيرا إلى أن هذه المؤسسات “تمر بوضعية كارثية”.

وأكد أن أكثر من 480 مدرسة ومعهدا تحتاج إلى تدخل طارئ، وأن أبسط شروط الإيواء لا تتوفر في أكثر من 30 بالمئة من المبيتات المدرسية.

وتواترت حوادث اشتعال حرائق في البعض من المبيتات المدرسية بتونس في الفترة الأخيرة، وقضت تلميذتان في مدرسة إعدادية بولاية القصرين في حريق اشتعل في مبيتهن المدرسي مطلع الأسبوع الماضي.

وبداية الشهر الحالي، نفذ أساتذة التعليم الثانوي في تونس سلسلة احتجاجات في كل مناطق البلاد مطالبين بتعديل المقدرة الشرائية لمدرسي التعليم الثانوي وحسم مسألة التقاعد وإنهاء التفاوض في النظام الأساسي الاستثنائي.

وهدد الأساتذة بحجب أعداد الاختبارات المكتوبة عن الإدارة وإرجاعها إلى التلاميذ فقط.

ويسعى الأساتذة من خلال احتجاجاتهم إلى الضغط على المسؤولين الحكوميين من أجل حل مسألة النقص الكبير لمدرسي المواد الأساسية طيلة الستة أشهر الأولى من العام الدراسي الحالي.

وقررت نقابة التعليم الثانوي إقرار مقاطعة الدروس إلى نهاية العام الدراسي، في اجتماع الهيئة الإدارية لجامعة التعليم الثانوي المقرر في فبراير الحالي، إذا لم تحقق المفاوضات مع وزارة التربية تقدما بشأن مطالب المدرسين.

وتمثل نقابة التعليم الثانوي إحدى أكثر النقابات ثقلا داخل الاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة العمالية الأكثر تمثيلا في تونس. وبسبب احتجاجات الأساتذة وخلافات النقابة ووزير التربية السابق ناجي جلول تم إعفاء هذا الأخير من منصبه نهاية أبريل الماضي من قبل رئيس الحكومة يوسف الشاهد.

وعلى مدى أشهر بقيت وزارة التربية تدار بالنيابة من قبل وزير التعليم العالي إلى أن تم تعيين حاتم بن سالم على رأسها في آخر تعديل وزاري أقره الشاهد في سبتمبر الماضي.

4