انتقادات واسعة للختان الجماعي بمستشفى بصفاقس جنوب تونس

عاد المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس إلى واجهة التقارير الإعلامية بعد انتشار صور على مواقع التواصل الاجتماعي لعملية ختان جماعي. وعرف المستشفى في مناسبات سابقة خلافات بين النقابات والهياكل الحكومية المشرفة على قطاع الصحة مما عطل الشؤون الإدارية.
السبت 2017/06/24
ممارسات خارجة عن القانون

تونس - استنكرت وزارة الصحة التونسية في بيان أصدرته الجمعة، تنظيم عملية ختان لأبناء عائلات فقيرة بأحد المستشفيات التونسية للظروف غير الصحية وغير القانونية التي تمت فيها. ورأت الوزارة في الحادثة “تهاونا بصحة الأطفال وبإجراءات العمل داخل المؤسسات الصحية”.

وأقرت الوزارة إجراءات جديدة بعد تلقيها نتائج تحقيق في عملية الختان وتقرير لجنة التفقد الطبي والإداري التي أذنت بها الوزارة. وأعلنت الوزارة عن محاسبة الأطراف المتسببة في عدم احترام الشروط الطبية والصحية لإجراء التدخل الجراحي، مؤكدة تتبع مرتكبيه بالتنسيق مع القضاء.

وأذنت وزارة الصحة بعرض كل الأطفال الذين تم ختانهم خلال الحادثة التي أثارت ضجة على الفحص الطبي للتثبت من سلامتهم.

وشددت على منع إجراء عمليات الختان خارج الأقسام الجراحية، باعتبارها عملا جراحيا يشرف عليه طاقم طبي وتتبع كل من تثبت مخالفته لهذه التراتيب.

وحددت وزارة الصحة سعرا موحدا ومنخفضا في كل المستشفيات العمومية لإجراء عمليات الختان، وسيضبط تعميم رسمي لاحقا تعريفة الختان.

وانتشرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس خلال الأيام الأخيرة لعملية ختان جماعي للأطفال نظمت بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بولاية (محافظة) صفاقس جنوب تونس. وأثارت الصور استياء عاملين في قطاع الصحة في تونس.

وانتقد أطباء ظروف إجراء عملية الختان الجماعي بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس من قبل النقابة الأساسية لأعوان الصحة التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل وإدارة المستشفى. وطالبوا الأطراف الحكومية بوضع حد للممارسات التي وصفوها بأنها “تجاوزات في حق الطفولة والصحة العمومية”.

وقال أطباء إن الصور التي تم تقاسمها على موقع فيسبوك تبرز أن عملية الختان التي شملت حوالي 200 طفل من أبناء العائلات المعوزة “تمت في ظروف غير صحية وتشكل خطورة كبيرة عليهم”.

وأوضحوا أن الختان الجماعي تم في العيادات الخارجية للمستشفى بدل قسم العمليات الجراحية، مشيرين إلى غياب الضمانات الطبية خاصة التخدير والتعقيم والاعتماد على مختصين في جراحة طب الأطفال التي تتطلبها عملية الختان.

وأكد مراد التركي المتحدث باسم القضاء المحلي في صفاقس، في تصريح لـ”العرب”، أن السلطات القضائية المحلية بدأت، الأربعاء، التحقيقات في ملابسات وظروف عملية الختان الجماعي التي نظمت نهاية الأسبوع الماضي في المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس من قبل نقابة موظفي الصحة التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل وإدارة المستشفى.

وقال التركي إن المحكمة اعتمدت على أحكام الفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية. وأوضح أن التحقيقات في مرحلتها الحالية تعني “عدم توجيه أي اتهامات لأي أطراف كانت”، مشيرا إلى أن الأمر يقتصر على البحث والتدقيق في ظروف إجراء عملية الختان.

وتهدف التحقيقات الأولية إلى النظر في مدى احترام الإجراءات الإدارية والطبية اللازمة، وقال التركي “البحث الآن يقتضي عرض ملابسات الحادثة على أهل الخبرة والاختصاص مثلا اللجوء إلى طبيب شرعي وعرض الملف على لجنة طبية لتصدر التقرير العلمي المناسب”.

وأضاف التركي أن التحقيقات القضائية ستنظر بداية في وجوب العمل الجراحي لعمليات الختان من عدمها.

وإذا تبين أن العملية كانت تتطلب جراحة وسجلت تجاوزات لذلك فإن الملف القضائي سيجري في التوجه المفترض باعتبار أن الأمر كان يتطلب إطارا طبيا كاملا مكونا من مبنج وجراح أطفال وغيرها من الاختصاصات الطبية الأخرى.

وتحدثت مصادر طبية عن تورط نقابة الصحة بمستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس في تجاوزات أخرى سابقة من بينها تنظيم عمليات ختان جماعي، وهو ما دفع وزارة الصحة إلى إصدار أوامر رسمية تمنع ممارسات مشابهة.

وتؤكد مصادر طبية أن ختان الأطفال عملية حساسة تستوجب عناية طبية فائقة. وأوضحت المصادر أن إجراء الفحوصات قبل العملية أمر ضروري، مشيرة إلى أن ما حصل في مستشفى صفاقس يمكن أن يعرض الأطفال إلى مضاعفات خطيرة.

وقالت حبيبة الميزوني الكاتبة العامة لنقابة الأطباء والصيادلة، إن “عملية الختان جريمة ضد الطفولة ومخالفة للقانون وللمعايير الطبية والأخلاقية والإنسانية”.

ووصفت الصور على مواقع التواصل الاجتماعي بـ”صادمة جدا” لأنها تبين غياب التعقيم والتخدير، إضافة إلى تجاوزات عديدة أخرى.

وأثارت حادثة الختان الجماعي جدلا كبيرا بشأن ممارسات غير قانونية لنقابة الصحة بمشتشفى الحبيب بورقيبة. وكانت نقابة المستشفى أحد أطراف خلافات كبيرة حدثت سابقا مع وزير الصحة الأسبق سعيد العايدي. كما رفضت النقابة تعيين مدير للمستشفى ينتمي إلى المؤسسة العسكرية العام الماضي، واحتجت النقابة لنفس الأسباب في مناسبات كثيرة.

ولم يتمكن المدير السابق للمستشفى من ممارسة مهامه من مكتبه بالمستشفى، مما اضطره لتسيير الشؤون الإدارية من مقر الإدارة المحلية للصحة، ليقدم استقالته بعد أشهر من الخلاف.

4