29 حكاية من الريف الإنجليزي تحكي بانسيابية ساحرة حياة البساطة

الحكايات الشعبية في الريف الإنجليزي لها عبق خاص مرجعه الطبيعة المفعمة بالجمال والهدوء والثقافة والتقاليد الخاصة.
الخميس 2024/12/05
الحكايات تعكس صورة عن واقع المجتمع الريفي

تبقى الحكايات الشعبية إرثا ثقافيا، ومكونا من مكونات الهوية الوطنية للبلدان، وللشعوب الأوروبية كما للشعوب العربية نصيبها من الحكايات الشعبية، التي تحضر فيها الخرافات والحيوانات، والقصص التي يحفل بها الموروث الشعبي لكل بلد.

لكن الحكايات الشعبية في الريف الإنجليزي لها عبق خاص مرجعه تلك الطبيعة الحية المفعمة بالجمال والهدوء، وهي الصورة التي يمثلها الريف الإنجليزي، حيث الحياة بعيدة عن صخب المدن والضوضاء، والفوضى المتزاحمة. وقد انعكس الريف بطبيعته الاستثنائية على القصص التي تتناول تفاصيل الحياة فيه، فجاءت مكسوة بالبساطة والانسيابية.

وقد نجحت الكاتبة والمترجمة فضة المعيلي، في كتابها “حكايات شعبية من الريف الإنجليزي” الذي صدر حديثا عن دار ذات السلاسل بالكويت، والذي جاء في قرابة 320 صفحة من القطع المتوسط، في أن تقدم إلينا صورة عن تلك البساطة والإنسيابية في الحكايات الشعبية التي تتناقلها الأجيال في الريف الإنجليزي، من خلال ترجمتها لـ29 حكاية.

وتعكس لنا الحكايات الـ29 التي ترجمتها لنا المعيلي صورة عن واقع المجتمع الريفي، حيث التعاضد بين أبنائه، والتلاحم والتعاون في السراء والضراء، بما يرسخ القيم والعادات والتقاليد، مع مخاطبة العقل والوجدان، بغرض الإصلاح وتعزيز السلم المجتمعي، والوحدة بين الأفراد، وتعرّفنا -كذلك- على كيفية اتسام الشخصيات في الريف بالهدوء والحكمة.

وترى فضة المعيلي في مقدمة كتابها أن القصص الريفية تؤرخ لواقع المجتمع، وتسعى لغرس القيم الحميدة ودعمها، وبالتالي تكون بمنزلة خطوط حمراء لا يمكن للأبناء تجاوزها. كما تصور القصص الريفية حياة المزارع في أرضه، وتبرز دور المرأة الريفية في بناء البيت والعائلة، وتسلط الضوء على التعاون بين أبناء المجتمع الريفي، وهي بذلك تمثل حالة مجتمعية مهمة، وتعزز القيم والمبادئ الأصيلة التي تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل.

◙ الحكايات الشعبية في الريف الإنجليزي لها عبق خاص مرجعه تلك الطبيعة الحية المفعمة بالجمال والهدوء
◙ الحكايات التي ترجمتها لنا الكاتبة فضة المعيلي حملت في طياتها العبر والمعاني التي تم تناقلها عبر مرور الزمن

وقد جمعت المعيلي قصص كتابها من عدة مراجع وسردت تلك القصص على شكل حكايات شعبية، تصف الريف الإنجليزي الذي تبدو الحياة فيه بسيطة جدا، حيث يتمتع بمناظر خلابة، على مساحات خضراء كبيرة، ومنازل ساحرة، وتلال تحبس الأنفاس، وطرق متعرجة قادت الكثير من الشعراء والكتاب نحو مجدهم، وجعلت منه قبلة لعشاق المناظر الطبيعية، حيث بات هذا الريف يجذب ملايين السياح سنويا، بسبب طبيعته الجغرافية التي يتميز بها.

الحكايات التي ترجمتها لنا الكاتبة والمترجمة فضة المعيلي، حملت في طياتها العبر والمعاني التي تم تناقلها عبر مرور الزمن، وقد جاءت بعض تلك الحكايات من كتاب “المزيد من الحكايات الخيالية الإنجليزية” التي جمعها وحررها كاتب التراث والناقد الأدبي والمؤرخ جوزيف جاكوبس، الذي اعتمد على الأسلوب الإنجليزي التقليدي للرواية الشعبية بجميع تفاصيلها، مع إضافة لمسات من اللغة القديمة.

 وأتت أيضا من كتاب الشاعر والكاتب الإسكتلندي جورج سكوت دوغلاس “حكايات وقصص شعبية من إسكتلندا”، والذي ذكر فيه أن الحكايات التي جاءت من الريف أصبحت ذات أهمية، لأنها تشكل فرعا من فروع التعلم، وجاء الكتاب الثالث بعنوان “حكايات خيالية إنجليزية” لكاتب التراث والناقد الأدبي والمؤرخ جوزيف جاكوبس، الذي وصف كتابه بأنه يشتمل على العديد من أفضل الحكايات.

 وجاءت كذلك من کتاب “حكايات وقصص شعبية من الريف الأيرلندي” التي تم تحريرها واختيارها من قبل الشاعر والكاتب المسرحي ويليام بتلر ييتس، والتي وصفها في مقدمة كتابه بأنها تمتلئ بالبساطة والوقائع الموسيقية. وتنقل لنا المترجمة عن ييتس قوله “إن بعض الحكايات سمعها من أفواه الرواة. أما الحكايات الأخرى، فقد تم جمعها من كتاب أعادوا صياغتها، منهم: ليتيشيا ما كلينتوك، وباتريك كينيدي، وويليام كارلتون إضافة إلى آخرين.”

كما جاءت بعض الحكايات التي ترجمتها فضة المعيلي من كتاب بعنوان “الحكايات الإسكتلندية”، للكاتبة إليزابيث ويلسون غريرسون، التي صاغت تلك القصص بلغتها الخاصة، وكما تقول المعيلي فقد تميزت قصص غريرسون بالطول نسبيا، ورغم أن لها سحرها الخاص، فإنها تختلف تماما عن الحكاية الخرافية العادية. يذكر أن فضة المعيلي كاتبة ومترجمة، درست اللغة الإنجليزية بكلية الآداب في جامعة الكويت، وعملت في عدة مؤسسات صحفية، من بينها جريدة “الجريدة” التي تعمل بها حتى اليوم.

وتعمل المعيلي في المجال البحثي، إضافة إلى عملها في المجال الصحفي، بجانب الترجمة، ولديها اهتمام كبير بالقصص والحكايات الشعبية، وقد قدمت للمكتبة العربية عدة إصدرات تدور في فلك الحكايات الشعبية منها: حكايات شعبية روسية (2018)، وحكايات شعبية تركية (2019)، وحكايات شعبية يابانية (2019)، وحزاوي كويتية (2021)، والحب على الطريقة اليابانية (2021).

13