وضعية حقوق الإنسان تؤجل انفراج الأزمة السياسية في الجزائر

تهم الإرهاب والمؤامرة الخارجية تفاقمان من عزلة معارضي السلطة.
السبت 2021/06/26
الحملة الأمنية ضد الحراك في الجزائر تشتد

تزيد وضعية حقوق الإنسان في الجزائر من تأزيم الوضع السياسي في البلاد، حيث صعّدت السلطات الجزائرية حملتها الأمنية ضد نشطاء الحراك الشعبي بعد الانتخابات النيابية المبكرة التي انتظمت قبل أيام، وهو ما يزيد الأزمة السياسية تعقيدا خاصة أن الاستحقاق الانتخابي المبكر لم يحقق الانفراجة المأمولة للأزمة.

الجزائر – تواصل السلطة الجزائرية تصعيد حملتها ضد الناشطين السياسيين والمعارضين رغم دعوات التهدئة والبحث عن حلول سياسية للأزمة التي تتخبط فيها البلاد منذ نحو ثلاث سنوات، ولم يحقق المسار الانتخابي المنتهج من طرف السلطة الانفراج المأمول في ظل استمرار قطيعة بين الشارع والسلطة جسدتها المقاطعة الكبيرة لمختلف الاستحقاقات الانتخابية المنتظمة في البلاد.

وانتقد تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية صدر الخميس وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، واتهم السلطة بتعمد الاستمرار في سياسة القمع والتضييق على الحريات وملاحقة الناشطين المعارضين لها، حيث ارتفع عدد من يوصفون بـ”معتقلي الرأي” إلى أكثر من 270 معتقلا.

آمنة القلالي: السلطات الجزائرية تستخدم كل وسيلة لسحق المعارضة
آمنة القلالي: السلطات الجزائرية تستخدم كل وسيلة لسحق المعارضة

وجاء تقرير المنظمة الحقوقية الدولية في أعقاب انتخابات نيابية مبكرة نظمتها السلطة، وتم إنتاج نفس القوى السياسية التي انتفض الشارع الجزائري ضدها في فبراير 2019، والتي سبقتها بأسابيع حملة توقيفات غير مسبوقة ومنعا أمنيا للحيلولة دون خروج المعارضين للسلطة للتظاهر.

وطالت الاعتقالات في الآونة الأخيرة أساتذة جامعيين على غرار فتيحة بريكي وسارة لعدول ومهنى عبدالسلام على خلفية نشاطهم في الحراك الشعبي وفي تنسيقية الدفاع عن معتقلي الرأي، كما تم توقيف الأستاذ الجامعي المعارض عبدالعالي رزاقي مرتين من طرف عناصر أمنية قبل أن يُطلق سراحه.

وكانت السلطة القضائية في العاصمة قد وجهت الخميس إلى عدد من من ناشطي الحراك الاحتجاجي في الجزائر، قدّرتهم الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بعشرين ناشطا معارضا، تهم تلقي تمويلات مشبوهة من طرف جهات خارجية من أجل تأجيج الوضع الداخلي ودفع الشارع نحو المزيد من الفوضى.

ويستمر المنع الأمني للمظاهرات الشعبية الأسبوعية في العاصمة والمدن الكبرى للأسبوع الثاني على التوالي بعد الانتخابات التشريعية، مقابل تشديد قبضة أمنية غير مسبوقة في البلاد لكنها أكثر ليونة في ولايات منطقة القبائل، حيث يواصل معارضو السلطة الخروج في مسيرات أسبوعية مناهضة للسلطة في تيزي وزّو وبجاية دون تسجيل أي احتكاكات أو تضييق من طرف قوات الأمن.

وذكر تقرير منظمة العفو الدولية أن “السلطات الجزائرية شنت حملة قمع متصاعدة أدت إلى اعتقال العشرات من الأشخاص بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير والتجمع في الأشهر التي سبقت الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 12 يونيو 2021”.

ووثّقت المنظمة “توقيف 37 ناشطا بسبب مشاركتهم في احتجاجات أو تعبيرهم عن آرائهم المعارضة في الفترة الممتدة بين 26 مارس و26 مايو”، كما أحصت “ما لا يقل عن 273 ناشطاً بين موقوف ومسجون إلى غاية الثالث والعشرين يونيو الجاري”.

وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية آمنة القلالي إن “السلطات الجزائرية ما برحت تستخدم كل وسيلة متاحة لها لسحق المعارضة وإسكات المحتجين المنتمين إلى الحراك الاحتجاجي، حيث تجري العشرات من عمليات الاعتقال والمقاضاة للنشطاء بتهم ملفقة لمجرد مشاركتهم في الاحتجاجات أو تعبيرهم عن آراء سياسية معارضة”.

وأضافت “ينبغي على السلطات الجزائرية أن تضع حدا بصورة عاجلة لحملة القمع هذه وأن تكفل احترام حقوق المحتجين والصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان السلميين في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها والتجمع. ويجب الإفراج عن جميع الذين جرت مقاضاتهم واحتجازهم على نحو جائر بسبب ممارستهم لحقوقهم، وإسقاط التهم الموجهة إليهم”.

Thumbnail

ولفت تقرير المنظمة إلى أن “السلطات الجزائرية لجأت على نحو متزايد إلى استخدام تهمتي الفعل الإرهابي والمؤامرة ضد الدولة لمقاضاة المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء الحراك”، وذلك في إشارة إلى حركتي رشاد واستقلال القبائل اللتين صنفتهما السلطة كحركتين إرهابيتين تنسحب عليهما وعلى الناشطين فيهما والمتعاطفين معهما نصوص القوانين المنظمة لمكافحة الإرهاب والأمن الإستراتيجي.

وكشف الأمن الجزائري في تقارير متتابعة عن “تفكيك عدة شبكات تنتمي إلى حركة رشاد، تتكون من العشرات من الأفراد يعملون وفق مخططات مدروسة وبالتنسيق مع قادة المنظمة في الخارج من أجل تأجيج الوضع الداخلي والدفع بالبلاد الى الفوضى والصدام، فضلا عن خطوط تمويل للعملية تبدأ من رؤوس الحركة وتنتهي لدى أذرعها في الداخل”.

كما أعلنت الحكومة عن تعديلات تشريعية خلال الأشهر الأخيرة جسدت نوايا فرض المزيد من التشدد في مختلف المجالات، حيث رفعت عقوبة الإخلال أو إتلاف وسائل الانتخاب إلى 20 عاما سجنا نافذا، وتمت إحالة أكثر من 60 متهما إلى السجن خلال الأيام الأخيرة، وجهت لهم تهم التزوير والمساس بنزاهة الانتخابات، كما أحيل عدد من ممتحني شهادة البكالوريا إلى السجن أيضا بتهمة الغش.

وتم تعديل قانون الفعل الإرهابي بشكل يشمل “السعي بأي وسيلة للوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم بغير الطرق الدستورية”، وهو ما سيفضي إلى تجريم الدعوات إلى تغيير الحكم في البلاد ورحيل النظام السياسي القائم، وهو ما وصفته المسؤولة الحقوقية بـ”الهرولة لإدراج تعريف واسع جديد للإرهاب في التشريعات، وهذا مؤشر على التصميم المخيف على ترهيب المنتقدين السلميين لإسكاتهم والقضاء على المعارضة السياسية”.

4