وسام الأحمد يسبر أغوار الإدراك

الأحمد يدخل عناصر حاسمة في تركيب صورته، وإنْ بقالب مندمج مع الكتلة المدركة للملمس، لسبر أغوار الإدراك.
الثلاثاء 2023/12/19
رسام ينهل من الأسطورة والخرافة

لا يمكن حصر وقائع الإبداع بسرد حكاية الفنان التشكيلي وسام الأحمد، تلك الحكاية التي تحمل من الأسطورة ومن الخرافة الشيء الكثير، فتحت إنتاج أشكال دراماتيكية متخيلة يحضر المبدع في الزمكان دون رسم أي تخطيط أو حتى تجاوز أي عتبة، وتأريخ الأمكنة بل وتأريخ الأزمنة هما أيضا على الأغلب سرد لحكاية لا تقترب من الذائقة الجمعية بقدر اقترابها من الذائقة الحاكمة والمالكة لكل شيء بمن في ذلك الآخر.

وعبر ما يحمله الفنان من حد أدنى من الضوء يجعله، وبشمولية بعيدة عن الضياع، قادرا على السيطرة على الكثير من فوضى المشاهد البصرية، يبدأ بترتيبها بتعقيدات أقل أو أكثر، أو حتى بإعادة تركيبها عبر تهذيب مبطن، قد يجد الفنان وسام الأحمد في ذلك جزءا من رسالته.

وسام من أجل الانتقال إلى أنموذج يحاكي حاله الذي هو من حال البلاد كمكان بمانيشست عريض وبألوان هي بالمطلق أساس لبناء يحاول أن يشيده لنفسه وإن كانت تلك الألوان تقدم نفسها وبكل تدرجاتها على أنها مدعوكة بأصابعه كوسيلة بها سيتبوأ حكاية قد يخضعها منذ البدء لاهتماماته. فإذا كانت الجملة هي أصغر وحدة للخطاب بصورة كاملة حسب مارتينيه فإن زخة لون وبعفوية عذبة وبأي اتجاه كان هي أصغر وحدة لمنجز وسام، ولهذا نجده يبدي اهتماما لا بأس به بالفسحات التي عليها يمارس طقوسه الجميلة بالضرورة وبالاعتماد على تنظيم أبعاد منظومته الشكلية.

يتحكم وسام الأحمد في التحليل الاستكشافي لعوالمه بمستوياتها المباشرة منها والدالة؛ فهو يدخل عناصر مهمة وحاسمة في تركيب صورته، وإن بقالب مندمج مع الكتلة المدركة للملمس، لسبر أغوار الإدراك بطريقة فيها من البيان الجمالي ما يذهل البصر والبصيرة معا. هو يدخل محور الحالة كخيط يجره إلى اللاوعي بمنطق القراءة أي بمنطق قراءة المنجز كسرد بصري، وهذا ما يجعل منجزه يحمل دلالات قد يكون فك شيفرتها مدخلا إلى فك كل ما هو مبعثر شاقوليا ضمن دائرة تصوراته.

ولكي يكون فعالا مع توجهاته الجمالية تلك، نراه يتجاوز المألوف من أجل العثور على مجموعة من العلاقات السردية بين ألوانه التي تميل بدورها إلى البحث الأفقي ضمن توكيد على صيغة غير مؤقتة تسمح له بأن ينقل لنا خطابه الذي يلخص بأن اللامرئي هو الذي يشكل ملخص رسالته وبكل تأكيد عبر الإبحار في المرئي، فهو منفتح على مدلولات مرتبط بعضها ببعض عبر وشائج هي وحدات تراكمية اندماجية حينا وتوزيعية في أكثر الأحيان، وهذا ما يجعل من الممكن قراءة منجزه بأكثر من قراءة.

14