وسائل الإعلام الأميركية تخسر جمهورها بمغادرة ترامب البيت الأبيض

واشنطن- قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية إنه وفقا للأرقام الموثقة فإنه بعد مرور شهرين من حقبة ما بعد الرئيس دونالد ترامب خسرت وسائل الإعلام الأميركية الكثير من الجمهور والقرّاء الذين اكتسبتهم خلال فترة رئاسته الفوضوية.
وأشارت الصحيفة التي كان لها نصيب كبير من هجوم ترامب طيلة فترة رئاسته، إلى أنه من بين جميع توقعات الرئيس الأميركي السابق “أمر واحد لم يكن خاطئا، وهو أن الصحف والقنوات التلفزيونية وجميع وسائل الإعلام ستنهار بعد رحيله لأن نسبة متابعيها ستتدهور”.
وقالت “واشنطن بوست” إنه منذ شهر يناير الماضي، تراجعت حركة المرور إلى المواقع الإخبارية الأكثر شعبية في البلاد، بما في ذلك موقع الصحيفة نفسها، بحسب شركة “كومسكور” لتتبع الجمهور، مشيرة إلى أن أفضل المواقع بشكل عام كانت أسوأ مما كانت عليه في فبراير من سنة 2020 عندما احتل الوباء عناوين الأخبار العالمية الأولى.
وعلى سبيل المثال سجل موقع “واشنطن بوست” انخفاضا في عدد الزوار بنسبة 26 في المئة من يناير إلى فبراير، و7 في المئة مقارنة بالعام الماضي، بينما خسرت صحيفة “نيويورك تايمز” 17 في المئة مقارنة بشهر يناير، و16 في المئة مقارنة بشهر فبراير 2020، وينطبق التراجع نفسه على القنوات التلفزيونية والإذاعات.
قناة "فوكس نيوز" واحدة من أكثر الشبكات قربا من ترامب، استعادت موقعها الريادي بعكس القنوات المنافسة
وزاد عدد متابعي وسائل الإعلام خلال الوباء في الربيع والصيف الماضيين، وظلت أعدادهم مرتفعة في الخريف حين حاول ترامب رفض هزيمته في الانتخابات بادعاء تزويرها، وتضخم العدد في الأسابيع القليلة الأولى من عام 2021 عندما جرى اقتحام مبنى الكابيتول، وأصبح ترامب أول رئيس في التاريخ يتم عزله وتبرئته مرتين، ولكن الآن بعد أن أصبح جو بايدن في البيت الأبيض واختفى ترامب بشكل أساسي من دائرة الأخبار فإن العديد من هؤلاء المشاهدين عزفوا عن المتابعة.
وأكدت “واشنطن بوست” أن أكثر الشبكات تأثرا هي “سي.أن.أن” بعد أن تجاوزت منافسيها “فوكس نيوز” و”أم.أس.أن.بي.سي”، حيث فقدت الشبكة 45 في المئة من جمهورها في أوقات الذروة في الأسابيع الخمسة الماضية. ووفقا لأبحاث شركة “نيلسن ميديا ريسيرش”، انخفض جمهور “أم.أس.أن.بي.سي” بنسبة 26 في المئة في نفس الفترة.
في المقابل استعادت قناة “فوكس نيوز” وهي أكثر الشبكات الثلاث قربا من ترامب، موقعها الريادي وبشكلٍ أساسي في أوقات الذروة.
ولا يتوقع المسؤولون التنفيذيون في وسائل الإعلام أن يستمر الطلب المتزايد على الأخبار في عام 2020 وأوائل عام 2021 إلى أجل غير مسمى. فتلك الفترة كانت واحدة من أكثر الأوقات أهمية في الذاكرة الحية، حيث شملت ظهور جائحة كورونا، والانهيار السريع للاقتصادات الوطنية والعالمية، وموجة من الاحتجاجات المطالبة بالعدالة العرقية، وانتخابات رئاسية أميركية، بلغت ذروتها في تمرد ومحاكمة عُزل. كل ذلك دفع الناس إلى متابعة التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف في حالة رعب وذهول.
ووفق الصحيفة، فمنذ ذلك الحين تعافت العديد من الاقتصادات جزئيا، وأدى طرح لقاحات فايروس كورونا إلى زيادة الآمال في إنهاء الوباء، وحكم بايدن بطريقة منخفضة المستوى أكثر من سابقيه.
وقال هوارد بولسكين الذي يتتبع المواقع الإخبارية المحافظة واليمينية من خلال موقعه على الإنترنت “ذا ريتينغ”، “لقد انخفض مستوى الدراما والتوتر في جميع أنحاء البلاد بشكل كبير”.
وأضاف “لقد استفادت المؤسسات الإخبارية بوضوح من تأثير ترامب قبل وقت طويل من ظهور الوباء، ففي عام 2014 أي قبل عام من إعلان ترامب ترشحه للرئاسة، جذبت الشبكات الإخبارية الثلاث الرائدة مجتمعة ما معدله 2.8 مليون مشاهد في الليلة خلال ساعات الذروة. أما بحلول عام 2019 وهو العام الثالث لترامب في منصبه فتضاعف هذا الرقم تقريبا إلى 5.3 مليون كل ليلة”.
وأشار إلى أن صعود ترامب ارتبط ارتباطا وثيقا بنجاح الشركات الإخبارية لدرجة أن البعض اتهم الشبكات بتمكينه من خلال بث ما لا نهاية له من خطب عنصرية ومليئة بالتحيز الجنسي في ما يرقى إلى الدعاية السياسية المجانية.
موقع "واشنطن بوست" سجل انخفاضا في عدد الزوار بنسبة 26 في المئة من يناير إلى فبراير، و7 في المئة مقارنة بالعام الماضي
وأعرب رئيس شبكة “سي.أن.أن” جيف زوكر عن أسفه في أواخر حملة عام 2016 بشأن تغطية شبكته، لكنه أقر لاحقا بأنها اجتذبت المشاهدين. وأضاف أنه في أي وقت تنفصل فيه عن قصة ترامب وتغطي أحداثا أخرى في هذه الحقبة، يختفي الجمهور.
ورأت “واشنطن بوست” أنه يتوجب على بعض الصحف الكبرى أن تشكر ترامب، بسبب الارتفاع الحاد في الاشتراكات الرقمية على مدى السنوات الخمس الماضية. فصحيفة “نيويورك تايمز” كان لديها ثلاثة ملايين مشترك مع بداية ولاية ترامب، ووصل العدد إلى 7.5 مليون مشترك في نهاية الولاية. أما “واشنطن بوست” فتضاعفت قاعدة مشتركيها 3 مرات لتصل إلى أكثر من 3 ملايين خلال فترة إدارته.
واستفادت بعض المؤسسات الإخبارية الوطنية الصغيرة من غضب ترامب حيث هاجم بشكل روتيني وسائل الإعلام باعتباره “عدو الشعب”، واستقطبت “فانيتي فير” 13 ألف مشترك جديد في عام 2016 بعد أن غرّد ترامب غاضبا على تقرير المجلة الحاد حول أحد مطاعمه في نيويورك.
بدورها استقطبت “ذا أتلانتك” موجة من المشتركين الجدد بعدما علق ترامب بسعادة على تسريح موظفين من المجلة في مايو الماضي، واستقطبت المزيد من المشتركين في سبتمبر بعدما كشفت ما قاله ترامب عن الجنود الذين قتلوا في المعارك بأنهم “فاشلون”.