وباء كورونا يعيق تحول بريطانيا الرقمي

الروبوتات تغيب عن الإمبراطورية التي لم تغب عنها الشمس يوما.
الجمعة 2020/10/02
مصنع سيارات في ألمانيا يعتمد بشكل شبه تام على الأتمتة

من زلزال بريكست إلى جائحة كورونا، لم يتمكن الاقتصاد البريطاني من التقاط أنفاسه، وبحسب بيانات “الاتحاد الدولي للروبوت” تمتلك بريطانيا أدنى مستوى لأجهزة الروبوت بين كل الاقتصادات الكبرى الأخرى مما يهدد بتركها وراء الساعين للحاق بركب الثورة الصناعية الرابعة.

لندن - يمر الاتجاه العالمي للتحول إلى استخدام أجهزة الروبوت والذكاء الاصطناعي في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة حاليا، بمرحلة بطيئة في المملكة المتحدة، وهي التي كانت الدولة الرائدة أثناء أول ثورة صناعية يشهدها العالم في القرن الثامن عشر، ويرجع السبب وراء ذلك إلى تفشي فايروس كورونا المستجد، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وظائف بائدة                                                   

وذكرت وكالة “بلومبرغ” للأنباء أن هذا البطء يهدد بإلحاق ضرر بقدرة بريطانيا التنافسية أمام غيرها من الاقتصادات المنافسة التي تقوم بالفعل بإعادة تجهيز أدواتها بقوة أكبر، لكي تصير ذات إنتاجية أعلى.

ومن الممكن أن يؤثر ذلك أيضا سلبا على المدى الطويل على سوق العمل بالمملكة المتحدة، مما يؤخر التكيف الحتمي للعاملين الذين يحتاجون إلى إعادة تدريب، في الوقت الذي أصبح فيه العمل في الصناعات، بداية من التصنيع وصولا إلى البيع بالتجزئة، وظائف بائدة.

وتقول تيرا ألاس، مديرة الأبحاث والاقتصاد في شركة الاستشارات الإدارية الأميركية “ماكنزي”، “في نهاية المطاف، سوف يتعين على الشركات اللجوء إلى الأتمتة (الاعتماد على الآلات) لأنها أرخص وأفضل، كما أنها أفضل للعاملين أيضا”.

ولطالما كانت بريطانيا بطيئة إلى حد ما في ما يطلق عليه “الثورة الصناعية الرابعة” التي تستخدم إمكانات أجهزة الروبوت والذكاء الاصطناعي.

الباحثون اتبعوا مقاربة مختلفة في العمل لتتعلم الخوارزمية كيفية قراءة الوجوه وتخمين العمر

وقد كان ذلك ما توصل إليه تقرير صادر عن نواب بالبرلمان في العام الماضي، حيث دعوا الحكومة إلى تطوير استراتيجية لتسريع هذا التحول.

وتمتلك المملكة المتحدة في قطاع التصنيع، على سبيل المثال، 89 جهاز روبوت فقط بين كل 10 آلاف عامل، مقابل أكثر من 900 روبوت في سنغافورة، بحسب بيانات “الاتحاد الدولي للروبوت”. ويعتبر ذلك أدنى مستوى لأجهزة الروبوت بين كل الاقتصادات الكبرى الأخرى.

وتعد الاستثمارات الضعيفة الناجمة عن حالة عدم اليقين المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وإعادة تحديد علاقتها التجارية مع الكتلة الأوروبية، أحد أسباب ذلك التدني في المستوى بالمقارنة مع باقي الاقتصادات الرئيسية.

وأتاحت الفترة الانتقالية التي دخلتها بريطانيا في يناير الماضي حافزا لها، حيث ارتفعت خطط الإنفاق على المصانع والآلات إلى أعلى مستوى لها منذ عامين، بحسب دراسة أجراها “اتحاد الصناعة البريطانية”.

الروبوت هو الحل

ويشار إلى أن بريطانيا كانت قد خرجت رسميا من الاتحاد الأوروبي في يناير ودخلت فترة انتقالية تستمر حتى نهاية العام الحالي، تظل خلالها ضمن السوق الواحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي.

وقد أظهرت دراسة أخرى نقلتها وكالة “بلومبرغ” للأنباء، أن الطلب على أجهزة الروبوت وصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 2012. ومع ظهور مرض كوفيد – 19 الناتج عن الإصابة بفايروس كورونا المستجد، انخفض الاستثمار في الأعمال التجارية بنسبة تزيد على 30 في المئة، وقد أدى اتخاذ إجراءات الإغلاق التي تم فرضها على مستوى البلاد إلى غلق الشركات وتسريح الموظفين، بالإضافة إلى توقف سلاسل الإمداد الدولية.

روبوت صنعه طلاب جامعة في لندن
روبوت صنعه طلاب جامعة في لندن

وقد تسبب الفايروس منذ ذلك الحين في تقديم حافز جديد للشركات للابتعاد عن التوظيف البشري، والاستعانة بالمزيد من العاملين الموثوق بهم والعمليات التي لا يمكن أن تستسلم للمرض.

إلا أن ذلك لم يترجم بعد إلى ترتيبات جديدة بالنسبة لبرايان بالمر، الرئيس التنفيذي لشركة “ثارسوس”، حيث تقوم شركته بتصنيع أجهزة الروبوت وتسويقها لعملاء من أمثال شركة “أوركادو جروب” البريطانية العملاقة التي تعمل في بيع مواد البقالة عبر الإنترنت، وشركة صناعة المحركات النفاثة البريطانية الكبرى “رولز
رويس”.

وقال إن “هناك محاولات لمعرفة ما سيكون عليه الوضع الجديد… هناك اهتمام أكبر، ولكن هل يوجد استثمار وعمل؟ ليس بعد”.

وقد تمثل مثل هذه الأنباء ارتياحا بسيطا بالنسبة للملايين من الموظفين في المملكة المتحدة، الذين يواجهون بالفعل خطر تسريحهم في الوقت الذي تنتهي فيه الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لدعم الرواتب.

وكان آندي هالدين، كبير الاقتصاديين في “بنك إنجلترا” قال في عام 2018، إن دخول الأتمتة وأجهزة الروبوت لطالما كان شبحا يثير الذعر في أسواق العمل، حيث من الممكن أن يؤدي إلى تشريد ما يصل إلى 50 في المئة من القوى العاملة العالمية.

وفي عام 2019 رجح تقرير حكومي أن ما يصل إلى 1.5 مليون عامل في بريطانيا معرضون لخطر كبير بأن يفقدوا وظائفهم بسبب الأتمتة. ورجح أن تكون وظائف النساء والأعمال بدوام جزئي من أكبر المتضررين.

وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني البريطاني أن محصلي المدفوعات في متاجر السوبرماركت (كاشير) قد تحملوا بالفعل وطأة تلك الظاهرة بعد اختفاء 25.3 في المئة من وظائفهم في الفترة بين عامي 2011 و2017.

وتنهمك الكثير من شركات التكنولوجيا في تطبيق الأتمتة على منافذ البيع بالتجزئة التي لن تتطلب موظفين لتحصيل مدفوعات المبيعات.

12