واشنطن وموسكو تعلنان انتهاء العمل بالمعاهدة النووية

واشنطن- أعلنت الولايات المتحدة وروسيا الجمعة، انتهاء معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة، مع تبادل الطرفين الاتهام بالمسؤولية عن انهيار هذه الاتفاقية الثنائية المهمة المبرمة خلال الحرب الباردة، فيما تسعى واشنطن إلى صياغة معاهدة جديدة تضم الصين، في وقت يعتقد فيه المسؤولون الأميركيون أن نحو 95 بالمئة من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز التي تشكل جزءا جوهريا من إستراتيجية بكين الدفاعية، تنتهك تلك المعاهدة.
وفي خطوة غير مفاجئة، وبعد ستة أشهر من حوار غير فعال واتهامات متبادلة بالإخلال بالاتفاقية، سمحت القوتان بانقضاء المهلة التي أعلنتها إدارة دونالد ترامب في فبراير دون تغيير مواقفهما.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان من بانكوك، حيث يشارك في قمة إقليمية، إن “انسحاب الولايات المتحدة بما يتوافق مع المادة 15 من الاتفاقية يبدأ مفعوله اليوم (الجمعة)، لأن روسيا لم تجدد التزامها التام والقابل للتحقق” في المعاهدة.
وجاء ذلك بعد دقائق من إعلان الخارجية الروسية عن انتهاء هذه المعاهدة بـ“مبادرة” من واشنطن، مقترحةً في موازاة ذلك “تجميدا لنشر الصواريخ متوسطة المدى”. وعلقت واشنطن مطلع فبراير مشاركتها في معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى، متهمة موسكو بتصنيع صواريخ لا تتوافق مع أحكام المعاهدة. وبدأت مع التعليق فترة انتقالية من ستة أشهر انتهت الجمعة.
يبقى اتفاق "ستارت" الاتفاق الثنائي الوحيد الفعال بين واشنطن وموسكو في مجال الأسلحة النووية. وهو ينص على أن يبقى عدد أسلحة الترسانتين النوويتين للبلدين أدنى مما كان عليه في الحرب الباردة
وسمحت معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى -بمنعها استخدام سلسلة صواريخ ذات مدى متوسط (500 إلى 5500 كلم)- بالتخلص من صواريخ “أس أس 20” الروسية و“برشينغ” الأميركية التي كانت منتشرة في أوروبا.
وأكد بومبيو أن “الولايات المتحدة عبّرت عن مخاوفها لروسيا منذ عام 2013”، مشيرا إلى “الدعم الكامل” من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي للولايات المتحدة. لكن موسكو “صدت بشكل منهجي خلال ست سنوات كل الجهود الأميركية لدفع روسيا إلى احترام النص من جديد”.
ويهدد انتهاء معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى بإطلاق سباق تسلح جديد بين القوتين. ومؤخرا حذر وزير الدفاع الأميركي الجديد مارك إسبر من أن واشنطن “ستفعل ما يصبّ في مصلحتها”، بينما توعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنشر صواريخ جديدة بالفعل.
وفي الواقع، يتطلع البنتاغون إلى إمكانية تحديث ترسانته لمواجهة صعود الصين التي تريد إثبات تفوقها العسكري في آسيا. ومن الجانب الروسي، لا يؤسف الكرملين التخلص من أداة تعتبر أنها تصبّ في مصلحة واشنطن. وفي بروكسل، قال حلف شمال الأطلسي إنه لا يريد الدخول في سباق تسلح جديد، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن “قدرته على الردع تبقى موثوقة”.
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخميس من أن “العالم سيخسر أداة مهمة في مواجهة الحرب النووية”. وأكد وزير الخارجية الأميركي في الوقت نفسه أن إدارة ترامب ترغب في افتتاح “مرحلة جديدة من تحديد الأسلحة”، تتجاوز الإطار الثنائي الروسي-الأميركي، وتضمّ أيضا الصين، وهو اقتراح لا يبدو أنه أثار اهتمام بكين حتى الآن.
ويبقى اتفاق “ستارت” الاتفاق الثنائي الوحيد الفعال بين واشنطن وموسكو في مجال الأسلحة النووية. وهو ينص على أن يبقى عدد أسلحة الترسانتين النوويتين للبلدين أدنى مما كان عليه في الحرب الباردة، وينتهي مفعوله في عام 2021.
ويرى المحلل الروسي ألكسندر سافلييف أن “فرص تمديد ‘ستارت’ ضعيفة. في ظل هذه الظروف، لا شيء سيكون قادرا على الحد من سباق التسلح الجديد بين الولايات المتحدة وروسيا”.