هل يخسر الرجل بعد عمر الأربعين فرصة تكوين أسرة

الأشخاص المعتادون على العزوبية يجدون صعوبة في تغيير نمط حياتهم.
الأحد 2020/11/01
الزواج بالنسبة إلى الكثيرين خطوة مؤجلة

تتعدد الأسباب التي تجعل بعض الرجال يؤجلون الارتباط وتكوين أسرة إلا أن أخصائيي علم النفس والعلاقات الزوجية حذروا من أن بلوغ الرجل سن الأربعين يجعله يجد صعوبة في الإقدام على هذه الخطوة، فهل يخسر الرجل بعد عمر الأربعين فرصة تكوين أسرة؟

تونس – يتجنب الرجال الذين تجاوزت أعمارهم الأربعين سنة الزواج أو تكوين أسرة وفق أخصائيي علم النفس والعلاقات الزوجية، مرجحين أن السبب في ذلك يعود إلى بلوغهم مرحلة النضج التي تنعكس سلبا على اتخاذ القرارات المصيرية الحاسمة.

وأكد المختصون أن البعض يربطون الزواج بمرحلة عمرية معينة ليصبح من تجاوز الـ40 دون زواج حالة استثنائية، فكثير من الأسباب في اعتقادهم تجعل من الزواج في سن الأربعين أو بعده أمرا غير منطقي.

وأوضحوا أنه مع كل مرحلة عمرية ينجح الشخص في تكوين علاقات اجتماعية جديدة، ويصبح له عالمه الخاص سواء من الأصدقاء المشاركين له، أو الأماكن التي يفضل الذهاب إليها، أو أيّ من تفضيلاته، وفي مرحلة الأربعينات يكون الإنسان قد صنع لنفسه عالمه الخاص.

ولفت المختصون إلى أن تأخر الرجل في الزواج حتى يبلغ الأربعين، أمر غير مرغوب فيه في المجتمعات العربية، حيث يرتبط تأخر الزواج لدى الرجل بالكثير من الأمور، التي تبدأ بالاستقرار المادي والرغبة الحقيقية في تأسيس أسرة، وإيجاد شريكة الحياة المناسبة، مشيرين إلى أن بلوغ هذه المرحلة العمرية دون زواج تصيب الكثير من الرجال بالفتور في الإقدام على الارتباط.

وقالوا إن الزواج بعد الأربعين لا يشكل مشكلة بالنسبة إلى رجل مستقر عاطفيا، ولديه الرغبة في الإنجاب والاستقرار من خلال تأسيس أسرة، خاصة وأن أغلب الرجال مستقرون مهنيا وماليا بعد عمر الأربعين.

وكشفت الدكتورة ناتاليا بانفيلوفا، أخصائية علم النفس الروسية، أن العزاب الذين تكون أعمارهم فوق الـ40 سنة لا يتزوجون إلا نادرا، مبينة أن الرجال الذين لم يُنشئوا أسرة قبل بلوغهم الأربعين من العمر، يصبح هذا الأمر صعبا عليهم بعد ذلك.

وأوضحت بانفيلوفا أنه “بعد سن 35 عاما، تبدأ الخلفية الهرمونية في التغير تدريجيا. ويبدأ الرجال في بلوغ مرحلة النضج، وهذا له عواقبه. فمن وجهة نظر علم النفس، يصبح الناس أكثر صرامة، ولا يرغبون في الخضوع لأي تجربة”.

وأضافت أن “الرجال قبل سن الـ35 سنة، على استعداد للخضوع إلى أي تجربة ويتعاملون مع أخطائهم بسهولة، لأنهم يدركون إمكانية تصحيحها. ولكن بعد الأربعين، يخافون من الخطوات الحاسمة، حيث يبدأ عندهم نمط حياة معين، ولا يرغبون في تغييره”.

كما أفادت بأنه “كلما يقترب الرجل من سن الأربعين، يحاول التقليل من أخطائه. ولم يعد يريد الدخول في أي تجربة. وبما أنه لم يشكل أسرة إلى حدّ هذه السن، فإن هذه التجربة تكون له مخيفة جدا”.

الرجال الذين لم يُنشئوا أسرة قبل الأربعين من العمر، يصبح الأمر صعبا عليهم بعد ذلك، ويخافون من الخطوات الحاسمة

وتابعت أنه “عند بلوغ الرجل هذا العمر، تكون قد نشأت عنده عادات محددة يصعب عليه التخلص منها. ولا يسعى إلى التخلص منها، وإذا وافقت المرأة على الانسجام مع حياة هذا الرجل، فسيعيش معها، ولكن هذا لا يعني أنه سيتزوجها”.

وأضافت أن نفس الشيء بالنسبة إلى المرأة، حيث ينخفض اهتمامها بالزواج بعد الأربعين، مبينة أن “المرأة في هذا العمر تكون قد تعودت على عادات معينة وتكون لها التزامات محددة أيضا. وقد تكون قد كونت سابقا عائلة وربما لديها أطفال، فيصبح من الصعب الجمع بينهم والرجل الجديد. ولكن الفتيات الصغيرات يحاولن أحيانا الاندماج في حياة مثل هذا الرجل، ولكن بمجرد أن تكتشف الفتاة الشابة أن عليها التكيف معه طوال الوقت، وأنه لا يريد القيام بأي شيء جديد ومراعاة رغباتها، فإنها تفقد اهتمامها به”.

وتوصلت دراسة أنجزها نيكولاس ولفينغر، اختصاصي علم الاجتماع في جامعة يوتا الأميركية إلى أن معدلات الطلاق تنخفض لدى من يتزوجون في أواخر العشرينات وأوائل الثلاثينات من العمر، فيما ترتفع النسبة لدى من يتزوجون في أواخر الثلاثينات.

ولفت ولفينغر إلى أن الزواج المبكر والمتأخر كلاهما يرفع احتمالات الطلاق، فالتوقيت الأنسب للزواج في أواخر العشرينات أو كحد أقصى أوائل الثلاثينات، مشيرا إلى أن هذه النتائج تأتي عكس نتائج بحثية سابقة كشفت أن تأخر سن الزواج يعمل على تقليل احتمالات الطلاق، حيث ترتفع معدلات الطلاق لدى من يتزوجون بعد تخطي عامهم الـ32.

وأوضح ولفينغر أن تحليله للمعلومات أظهر أن كل عام يُضاف إلى عمر الشخص المقدم على الزواج يخفض احتمالات الطلاق بنسبة 11 في المئة، لكن هذا فقط قبل بلوغه 32 عاما، وتزداد فرص الطلاق بنسبة 5 في المئة مع كل سنة إضافية.

وأشار الخبراء إلى أن من يتأخرون في اتخاذ قرار الزواج ربما لم يرغبوا في خوض التجربة من الأصل، وقد يكون هذا سبب فشل زيجاتهم، لافتين إلى أن الزيجات التي تقوم على الرغبة في تحقيق الأمان الذي يوفره الزواج، أو فكرة الارتباط بالتوأم الروحي، محكوم عليها بالفشل.

ويرى ولفينغر أن من يؤجلون الزواج قد يكونون أقل حرصا على زيجاتهم، فهم بالأحرى مشاكسون، ويعانون مشكلات في التواصل مع الآخرين، فيؤخرون الزواج مضطرين، لأنهم لا يجدون من هو مستعد للارتباط بهم، مبينا أن من يؤخرون الزواج لا يجدون خيارات متاحة ممن هم مستعدون لدخول زيجات ناجحة طويلة، لأن هؤلاء تزوجوا بالفعل.

وفي مقابل ذلك يرى الكثيرون أن تأجيل الزواج لبعد الأربعين يمنح الإنسان فرصة لتحقيق بعض النجاحات في مجال الدراسة والعمل، منبهين إلى أنه بعد سن الأربعين يستقر الرجل ماديا نوعا ما على اعتبار أنه استقر في مجال وظيفي معين، يضمن له تشكيل نمط حياته المستقبلية والارتقاء في السلم الوظيفي الذي بدوره يشكل استقرارا في الجانب المادي الذي يؤهله إلى إعداد بيت الزوجية.

وأكد الخبراء أن تأخر سن زواج الرجل يعود إلى غياب ثقافة الاستقرار الاجتماعي وتكوين الأسرة لديهم، نظرا إلى تفضيلهم الهروب من تحمّل المسؤولية الأسرية قبل سن الأربعين، ومن الإنجاب بسبب رغبتهم في التمتع بمباهج الحياة. وأشاروا إلى أن الشباب في العشرين يتزوجون رغم ضعف خبرتهم، والكهول في الأربعين والخمسين يرفضون الزواج، وخلصوا إلى أن التأخر عن الزواج إلى ما بعد سن الأربعين أصبح ظاهرة في السنوات الأخيرة، حيث إنه بات يرتبط بالحرية ورفض القيود والخوف من الارتباط وما تفرضه مؤسسة الزواج من مسؤوليات. كما لفتوا إلى أن “الأشخاص المعتادين على العزوبية يجدون صعوبة في تغيير نمط حياتهم”.

21