هل تشارك مصر في مشاريع الإعمار داخل العراق

الشركات المصرية تترقب تذليل بغداد لكافة العقبات أمام دخولها السوق العراقية.
الاثنين 2020/08/31
حياة جديدة تحاول أن تنبعث من تحت الركام

يطرح خبراء بإلحاح خلال الفترة الراهنة قضية إعادة إعمار المناطق المدمّرة بفعل الحرب على تنظيم داعش في العراق، كإحدى المهمّات العاجلة ذات الأولوية لوضع البلاد على مسار الخروج من الحرب واستعادة الاستقرار، لاسيما تذليل الصعوبات أمام الشركات المصرية التي تتحين الفرصة للدخول إلى هذه السوق للمشاركة في خطط التعمير.

القاهرة - يتطلع المستثمرون المصريون في قطاع البناء والتشييد إلى الاستئثار بحصة في السوق العراقية بعد التقارب الكبير بين البلدين، رغم بعض التحديات التي لا تزال تعترض الشركات الأجنبية أمام اقتحامها البلاد.

ويرى خبراء مصريون أن القاهرة لديها رغبة كبيرة في مشاركة الشركات المصرية في مشروعات إعادة إعمار العراق، التي تبدي ترحيبا كبيرا بهذا الأمر.

وأشاروا إلى أن التجربة المصرية في التنمية العمرانية وتطوير البنية التحتية قابلة للتكرار في العراق، الذي يحتاج لهذه التنمية كثيرا.

ويمكن أن تتدفق الاستثمارات العربية بكثافة إلى العراق لكنها تنتظر اتضاح بوصلة بغداد، خاصة بشأن النفوذ الإيراني الواسع وتحسين مناخ الاستثمار.

وشهدت الأيام القليلة الماضية سلسلة لقاءات بين الطرفين، بدأت بقمة ثلاثية جمعت بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في عمان.

وركزت القمة بشكل أساسي على توسيع التعاون الاقتصادي بين البلدان الثلاثة، لاسيما مشروعات الربط الكهربائي والطاقة والمنطقة الاقتصادية المشتركة.

حسن عبدالعزيز: مصر سترسل شركاتها لتنفيذ مشاريع تمثل أولوية للعراق
حسن عبدالعزيز: مصر سترسل شركاتها لتنفيذ مشاريع تمثل أولوية للعراق

كما عقد وزير الدولة للإنتاج الحربي المصري محمد أحمد مرسي والسفير العراقي بالقاهرة أحمد نايف الدليمى اجتماعا بالقاهرة، لبحث التعاون في مجالات التصنيع المشترك بين البلدين.

وأكد مرسي خلال اللقاء سعي بلاده لتوظيف كافة الإمكانيات التصنيعية والتكنولوجية والبشرية المتوفرة لديها للمشاركة فى إعادة إعمار العراق من خلال المشاركة فى تنفيذ المشروعات الصناعية الكبرى الدفاعية والمدنية.

والتقى كذلك وزير الإسكان المصري عاصم الجزار رئيس اتحاد المقاولين العراقيين علي السنافي لبحث نقل الخبرات والتجارب المصرية في مجال البناء والتنمية العمرانية للدولة العراقية.

وفي ضوء تلك اللقاءات يعتقد حسن عبدالعزيز رئيس الاتحاد الأفريقي لمقاولي التشييد والبناء، والذي شارك في اجتماع الجزار والسنافي، أن مصر لديها رغبة كبيرة في المشاركة في إعادة إعمار العراق.

ونسبت وكالة شينخوا الصينية إلى عبدالعزيز قوله إنه “تم الاتفاق خلال الاجتماع على توجيه دعوة لوزيرة الإسكان العراقية لزيارة مصر والاطلاع على المشروعات التي يتم تنفيذها في مصر على أرض الواقع”.

وتنفذ الحكومة المصرية سلسلة كبيرة من المشروعات القومية غير المسبوقة في كافة المجالات، وفي مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة.

وأكد عبدالعزيز أن مصر سترسل شركاتها المتخصصة في المشروعات التي تمثل أولوية للعراق لتنفيذ هذه المشروعات، مشيرا إلى أن الشركات المصرية لديها خبرة فى السوق العراقية، كما أن العلاقات بين الشعبين طيبة.

وليد جاب الله: ثمة إمكانية لإعادة التجربة المصرية العمرانية في العراق
وليد جاب الله: ثمة إمكانية لإعادة التجربة المصرية العمرانية في العراق

ويفضل العراقيون التعامل مع الشركات المصرية، حيث أن استنساخ التجربة المصرية في تطوير البنية التحتية مرة أخرى ممكن خاصة وأن العراق يعاني من أزمات في كافة الجوانب في الإسكان والمياه والصرف الصحي والكهرباء وغيرها.

ويؤكد خبراء أن الشركات المصرية في الحقيقة عملاقة في مجال التنمية العمرانية، ولها خبرات كبيرة، ومنتشرة في أفريقيا والدول العربية.

وقال الخبير الاقتصادي وليد جاب الله إن “هناك ترحيبا كبيرا من قبل العراق للتعاون مع الشركات المصرية، خاصة أن العلاقات بين البلدين تاريخية”.

وأوضح جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، أن الفترة الماضية شهدت عقد الكثير من اللقاءات بين المسؤولين المصريين والعراقيين، وأبدى الجانب العراقي ترحيبه بدخول الشركات المصرية للسوق العراقية للمساهمة في إعادة الإعمار.

ويعتبر قطاع التشييد والبناء من أهم القطاعات التي يمكن أن تشارك فيها الشركات المصرية في دولة العراق، حيث اكتسبت الشركات المصرية خبرات كبيرة بتنفيذها المشروعات القومية في مصر بمختلف أنواعها.

وثمة بالفعل بعض الشركات المصرية المتواجدة بالعراق منها المقاولون العرب وأوراسكوم وبتروجيت، كما أن هناك ثقة في العامل المصري بعدما شهد العالم ما قام به من إنجازات في مجال التشييد والبنية التحتية بتكنولوجيا متطورة وفي وقت قصير.

وقال جاب الله إنه “يمكن نقل التجربة المصرية العمرانية إلى العراق لاسيما أن المصريين أقرب للعراقيين من غيرهم، وكانت لهم مساهمات تاريخية في العراق”.

ولدى الخبراء قناعة بأن العراق دولة قادرة على تمويل عمليات التشييد والبناء على نطاق واسع، بعد أن ساد الأمن معظم أراضيه.

بحاجة إلى المزيد من الدعم
بحاجة إلى المزيد من الدعم

ولكي يتم ذلك بصورة أكثر سهولة فإن الأردن يمكن أن يكون البوابة والرابط بين مصر والعراق لمرور الآلات والبضائع.

ويعتقد كثيرون أن القمة الأخيرة بين قادة دول مصر والعراق والأردن سيكون لها مردود مهم وزخم كبير يفتح الباب لمزيد من التعاون وإزالة العقبات التي تحد من نفاذ الشركات والعمالة.

ويشير طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إلى أن العراق يريد من مصر تعاونا كبيرا في مجالات متعددة مثل الصحة والتعليم والتنمية والتدريب بالإضافة إلى مشروعات إعادة الإعمار.

وأضاف فهمي لشينخوا أن “مصر لديها تجربة كبيرة في مجالات متعددة، وأعتقد أن هناك فرصة جيدة للمشاركة في إعادة إعمار العراق”.

وتابع أن “مصر لديها الكثير من الإمكانيات والقدرات التى يمكن أن تساعد العراق فى إعادة الإعمار، وتكرار هذا النموذج من تطوير البنية التحتية وتنفيذ مشروعات طويلة الأجل، ويوجد تجاوب كبير من كافة الأطراف”.

وحول آفاق العلاقات بين مصر والعراق، أوضح فهمي أن هناك “انفراجا في العلاقات بشكل كامل”، مشيرا إلى أن مدخل العلاقات بين القاهرة وبغداد يتركز على مقاربة اقتصادية وإستراتيجية وتعاون في مجالات متعددة.

وهذا الأمر سيساعد على تطوير مستوى العلاقات وينقلها نقلة إستراتيجية في الفترة المقبلة، لاسيما مع ترحيب العراق بالدور المصري في هذا التوقيت.

10