هل تتكتم قطر على كارثة في صفوف عمال المونديال

قطر تعترف بتسرّب كورونا إلى صفوف العمّال في مشاريع البنية التحتية لمونديال 2022 مخفية عدد الإصابات الحقيقي.
السبت 2020/04/18
هربوا من الفقر في بلدانهم ليواجهوا الموت في قطر

الدوحة – اضطرت قطر أمام سيل من التقارير الدولية المحذّرة من كارثة محتملة جرّاء تفشي فايروس كورونا بين العمال الأجانب الموجودين على أراضيها والمقدّر عددهم بمئات الآلاف، إلى الخروج عن صمتها والاعتراف بتسرّب الفايروس إلى صفوف المشتغلين في مشاريع البنية التحتية لمونديال 2022، محاولة التقليل من عدد الإصابات.

وأعلنت اللجنة العليا للمشاريع والإرث المسؤولة عن استعدادات قطر لاستضافة بطولة كأس العالم عن إصابة ستة من عمال مشاريع المونديال بفايروس كورونا، وهو رقم يبدو ضئيلا بالنظر إلى ظروف إقامة وعمل هؤلاء العمال التي ورد الحديث عنها بإسهاب في عدّة تقارير غربية موثّقة بشهادات حيّة.

وقالت منظمة العفو الدولية قبل أيام إنّ السلطات القطرية احتجزت العشرات من العمال المهاجرين وطردتهم الشهر الماضي بشكل غير قانوني بعد أن أبلغتهم بأنهم سيخضعون لفحص فايروس كورونا.

وقبل ذلك تحدّث تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية عن تحوّل مقرّ إقامة عدد ضخم من العمّال الوافدين داخل المنطقة الصناعية قرب العاصمة الدوحة إلى ما يشبه معسكر اعتقال كبير يضمّ مئات الآلاف من العمّال الذين يعيشون في غرف ضيّقة يكتظ كلّ منها بما قد يصل إلى عشرة أنفار معرّضين لشتى أنواع الأمراض وأحدثها فايروس كورونا المستجدّ الذي يبدو من الصعب السيطرة عليه في المكان الذي يتشارك المقيمون فيه المطابخ والمراحيض المفتقرة أصلا لمقوّمات النظافة وشروط الصحّة والسلامة.

عدد الإصابات بكورونا المعلن عنه في صفوف عمال المونديال القطري ضئيل بالقياس إلى العدد الجملي للمصابين في قطر

ويُخشى أن تكون قطر بصدد التكتّم على كارثة خلف أسوار مقرّات إقامة العمال الوافدين وفي حضائر بناء منشآت كأس العالم. وقالت لجنة المشاريع والإرث إنّه بالإضافة إلى اثنين من موظفي أحد مقاوليها تم الكشف عن إصابتهما بالفايروس، يوجد ستة من عمال مشاريع المونديال أصيبوا أيضا بالفايروس.

والرقم المعلن صغير جدّا بالقياس إلى ما أعلنته وزارة الصحة القطرية الجمعة بشأن ارتفاع إجمالي الإصابات بفايروس كورونا في البلاد إلى 4663 مصابا.

وأكدت لجنة المشاريع والإرث في بيان وزعته الجمعة على وسائل الإعلام أنّها تتعامل “مع هذه الإصابات المؤكدة بالفايروس وفق إجراءات وتوجيهات وزارة الصحة العامة التي تتولى تقديم الرعاية الصحية للمصابين بكوفيد – 19 في قطر”. وأضافت “تتلقى الحالات المصابة رعاية مستمرة على أيدي متخصصين، مع الالتزام بالحجر الصحي في مرفق طبي مخصص تابع للوزارة. وتحدد مدة الحجر الصحي وفق حالة كل مصاب على حدة”.

كما ورد في ذات البيان “يخضع الأشخاص الذين خالطوا الحالات المصابة للحجر الصحي في أماكن مخصصة لذلك في مرافق الإقامة لمدة 14 يوما كإجراء احترازي، مع المتابعة الدورية لحالتهم الصحية”.

4663 مصابا بفايروس كورونا في قطر
4663 مصابا بفايروس كورونا في قطر

وذهبت اللجنة في بيانها حدّ القول إنّه “سيتواصل صرف رواتب هؤلاء العمال بصورة اعتيادية طوال فترة بقائهم في الحجر الصحي، وذلك وفق الإجراءات التي أقرتها الحكومة القطرية، والتي تضمن أيضا تقديم رعاية صحية مجانية للجميع”، ويناقض ذلك ما وثقته تقارير حقوقية بالاستناد إلى شهادات العديد من العمال المحرومين من حقوقهم المالية.

وقالت منظمة العفو الدولية في تقريرها الأخير عن أوضاع العمال الأجانب في قطر إنّ العمال الذين رحّلتهم السلطات القطرية قسرا إلى بلدانهم “غادروا دون تلقي رواتبهم المستحقة أو مستحقات نهاية الخدمة”.

وقال أحد النيباليين في شهادته للمنظمة “كان السجن مليئا بالناس. تم إعطاؤنا قطعة خبز واحدة كل يوم، وهذا لم يكن كافيا. تم إطعام جميع الناس في مجموعة مع وضع الطعام أرضا على البلاستيك”.

وكانت صحيفة الغارديان قد أوردت في تقرير سابق لها قول الناشطة في مجال حقوق المهاجرين فاني ساراسواثي، إنّ من العسير على العمّال الأجانب في قطر حماية أنفسهم من كورونا في حين أن معظم المخيمات التي يقيمون فيها لا تحتوي على مياه جارية ولا مطهرات يدوية، ولا يمكن لؤهلاء أصلا الحفاظ على مسافة الأمان في مخيم يعيش فيه الآلاف من العمّال جنبا إلى جنب، محذّرة من أن العمال المهاجرين قد يواجهون مع أسرهم وطأة التداعيات الاقتصادية لكورونا في قطر حيث الأجور منخفضة، وحيث يعتبر تأخر دفع أجور هؤلاء العمال أمرا شائعا.

ويطرح مراقبون إشكالية جديدة طرأت مع انتشار فايروس كورونا تتمثّل في الجهة التي ستقوم بالتعويض لأسر من يفقدون حياتهم بسبب الفايروس أثناء العمل في قطر، متوقعين عدم اعتراف الدوحة بالمسؤولية عن ذلك نظرا للسوابق القطرية في هذا المجال، بعد أن لجأت سلطاتها على مدى السنوات الماضية لتزييف أسباب وفاة عدد من العمال الذين قضوا فعلا بسبب ظروف العمل غير الملائمة أو لانعدام أساليب الأمان والوقاية، ولكن ما كان يتمّ إثباته في شهادات الوفاة في غالبية الحالات هو “الوفاة الطبيعية”، ما يعني إخلاء ذمة الجهة المشغّلة والدولة المستضيفة من أي مسؤولية وما ترتّبه من أعباء مالية.

3