هل تتفوق المرأة على الرجل في ميزان الذكاء الاجتماعي

تؤكد أغلب المجتمعات في فصلها بين أدوار الرجل والمرأة، أن الرجل يبدو في سلوكه أكثر استعدادا لتقديم المساعدة للآخرين، وأكثر إيثارا أو شهامة، إلا أن أغلب الأدلة التي توردها مسودات العلوم الاجتماعية تؤكد العكس تماما وأن هذه الصفات بالذات إنما تميل إلى كفة المرأة في أغلب الأحيان.
الأربعاء 2016/03/23
المرأة تتمتع بدور إيجابي في النشاط الاجتماعي

القاهرة - أثبتت الأبحاث أن النساء والفتيات هن الأكثر انخراطا في الممارسات الاجتماعية الإيجابية مقارنة بالرجال، فهن أكثر لطفا مع الأطفال، وأكثر كرما في حالات التبرع للجمعيات الخيرية ومراكز الإغاثة والأبحاث الطبية.

وبحسب استبيان اجتماعي أميركي نظم مؤخرا تبين بأن السيدات أكثر تقييما لسلوكات الإيثار والتضحية مقارنة بالرجال، وينطبق هذا المؤشر على النساء غير المتزوجات بصورة أكبر مقارنة أيضاً بالرجال العازبين.

ويرى الدكتور ديفيد شميت، وهو أستاذ علم نفس أميركي ومؤسس ومدير مشروع الأبحاث الدولية للمقارنة بين الجنسين في السلوكات الاجتماعية المختلفة، بمشاركة أكثر من 200 عالم نفس من مختلف أرجاء العالم، ويعمل على تبني دراسات بحثية تتعلق بأهمية الثقافة والشخصية والجنس في السلوك الاجتماعي بمختلف جوانبه، بأن السيدات وخاصة الأمهات هن المسؤول الأول عن تربية الطفل في أغلب المجتمعات، وذلك لا يقلل شيئا من أهمية النتائج التي تعزز من دور المرأة الإيجابي في النشاط الاجتماعي الذي يتطلب رعاية وعناية واهتمام متميز.

أما في ما يتعلق بالذكاء العاطفي، فقد أثبتت الدراسات أن المرأة أسرع تمييزا لتعابير وجه الآخرين خاصة تلك التي تعكس المشاعر السلبية، وأكدت الدراسة التي أجراها الباحث الأميركي بارون كوهين والتي نشرت في مجلة “التوحد واضطرابات النمو”، أنه قد يكون هناك اختلاف في التكوين العصبي بين النساء والرجال ومنه ما يتعلق بطريقتهم في الاستجابة العاطفية، حيث تشير الأبحاث في هذا المجال إلى أن المرأة أكثر استخداما للمنطقة المسؤولة عن العواطف في الدماغ، لكن دراسات أخرى كانت أخفقت في إيجاد الفروقات بين الجنسين في الاستجابات الفيزيولوجية المتعلقة بالعاطفة أو بطريقة التعبير عن العاطفة وليس امتلاكها فحسب، في حين أن بحثا مقاربا أجري في العام 2013 في حقل علم الأعصاب الإدراكي، أثبت أن هناك متغيرات جينية لها علاقة مباشرة بوظيفة التعاطف التي تتفوق فيها المرأة على الرجل.

ويظهر في إطار القيم الشخصية والتفكير الأخلاقي أن المرأة تبدو أكثر تفوقاً، من حيث الاهتمام بالآخرين والقيم والحفاظ على المبادئ في الوقت الذي ينصب فيه اهتمام الرجل على قيم المنطق بصورة أكثر وضوحا، ومنها قيم العدل والمساواة، وهذا جزء من نتائج بحث قديم قام به الباحثان الأميركيان جافي أس وهايد جي أس العام 2000 في ما يتعلق بالفروق بين الجنسين والتوجه الأخلاقي.

المرأة تفضل العمل القريب من التوجهات الإنسانية وكما هو شائع فإنها تفضل مهنا معينة كالخدمة الاجتماعية

وحتى في اختيارها للمهن، فإن المرأة تفضل في العادة العمل الذي يكون قريبا من التوجهات الإنسانية وكما هو شائع فإنها تفضل مهنا معينة؛ كالخدمة الاجتماعية، التمريض، التعليم، علم النفس إضافة إلى العمل في مكاتب العقارات، في الوقت الذي يفضل فيه الرجل مهنا بعيدة عن هذا الجانب تماما كالهندسة والنجارة والخراطة وعلوم الكمبيوتر.

وفي مجال صنع القرار الاقتصادي، فإن المرأة أكثر إيثارا وأقرب إلى العمل بسرعة متى ما تطلب الأمر ذلك بصرف النظر عن مصلحتها الشخصية، أما الرجل فهو لا يميل إلى اتخاذ قرار يخص العمل والعطاء إلا إذا كان ذلك يصب في صلب مصلحته الشخصية وهو أكثر أنانية في هذا الأمر. لكن في ما يتعلق بالثقة اللازمة لاتخاذ قرار اقتصادي، فإن الفروق بين الجنسين غير واضحة تماما وهي مثلها مثل الإيثار والتعاطف قد تتبع تكوين وسيطرة مناطق معينة في الدماغ.

من ناحية أخرى، أثبتت بعض الدراسات أن الرجل قد يتفوق على المرأة في الاختبارات التجريبية التي تتطلب تقديم المساعدة الفورية للآخرين في حال اقتضت الظروف المحيطة ذلك، إلا أن الفرق الذي تعكسه هذه الاختبارات يتعلق بالفترة الزمنية، حيث أكدت النتائج أن المرأة تميل إلى تقديم فعل المساعدة على امتداد فترة زمنية أطول، في الوقت الذي يتفوق فيها الرجال في الحالات التي تتطلب فيه الظروف الطارئة تقديم المساعدة للغرباء، وهذا بالتأكيد يتبع طبيعة المرأة التي تتجنب الدخول في علاقات حتى وإن كانت مسببة وآنية مع الغرباء بحكم تكوينها العاطفي وطبيعتها الحذرة.

كما أن البحوث أظهرت تجنب المرأة الحصول على مساعدة الغرباء من الرجال خاصة مع وجود أناس محيطين بها، وهذا يؤكد على طبيعتها الخاصة.

في المحصلة النهائية، يرى الدكتور ديفيد شميت أن المرأة أكثر إيجابية في علاقاتها الاجتماعية، وأكثر حنانا وتفهما ينم عن ذكائها الاجتماعي الذي تتفوق فيه على الرجل بصورة واضحة، تساعدها في ذلك سماتها الشخصية التكوينية إضافة إلى عدم إغفال وجود أساس فيزيولوجي يعود إلى الطبيعة الخاصة لتكوين دماغها.

21