هل تبنى المجلس الرئاسي خطة الإسلاميين لعرقلة سيطرة حفتر على الجنوب

لم تبدد تصريحات رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج الغموض المحيط بموقفه من عملية الجيش بالجنوب، ويرى مراقبون أن موقف السراج لن يتضح ما لم يتبنّ مخطط الإسلاميين لشق الجيش من خلال تعيين آمر عسكري للمنطقة الجنوبية مواليا لهم.
طرابلس- تلمح تصريحات رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج إلى تبنيه لمخطط تيار الإسلام السياسي لعرقلة سيطرة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر على الجنوب.
وقال السراج خلال الاجتماع الخاص بإطلاق خطة الاستجابة الإنسانية في ليبيا لعام 2019 إن “ما تعرض له الجنوب وما يمر به حاليا يدعو إلى تكاتف جميع الجهود لإخراجه من محنته، ولقد عملنا وما زلنا نعمل على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والدخلاء على الوطن”.
وأضاف السراج الذي التزم الصمت بشأن العملية لنحو ثلاثة أسابيع، “في الوقت ذاته لن نسمح بأن يصبح الجنوب ساحة لتصفية الحسابات السياسية أو مدخلا للفتنة بين المكونات التي تشكل نسيجه الاجتماعي، ونؤكد للجميع بأنه لن يكون هناك حلّ عسكري للأزمة الراهنة”.
وعززت تصريحات رئيس حكومة الوفاق مصداقية التسريبات التي نشرتها بعض وسائل الإعلام المحلية وتحدثت عن استعداد السراج لتعيين آمر عسكري للمنطقة الجنوبية استجابة لطلب رئيس مجلس الدولة المستقيل حديثا من تنظيم الإخوان المسلمين خالد المشري.
وقالت صحيفة “العنوان” المحلية إن طائرة تابعة لحكومة الوفاق نقلت صباح الثلاثاء علي كنة آمر كتيبة المغاوير في النظام السابق والمتحالف مع قطر حاليا من حقل الشرارة في أوباري إلى طرابلس، وذلك تمهيدا لإصدار قرار محتمل يقضي بتكليفه آمرا للمنطقة العسكرية الجنوبية.
وقال مصدر لـ”العرب” إن الإسلاميين يبحثون حاليا عن شخصية عسكرية قوية تحظى بثقة مختلف القبائل الليبية، ليلتف حولها العسكريون، الذين اختار أغلبهم الابتعاد عن العمل العسكري منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي، مؤكدا أن علي كنة هو أحد أبرز المرشحين للعب هذا الدور.
ويهدف الإسلاميون إلى تحقيق هدفين من وراء دفع السراج إلى تنفيذ هذا المخطط، الأول هو منع حفتر من السيطرة على كامل الجنوب، والثاني الإعلان رسميا عن وجود قوة نظامية موازية للجيش، ما يعني قبر مشروع توحيد المؤسسة العسكرية، وضمان استمرار الفوضى.
وأطلق الجيش منتصف يناير الماضي عملية عسكرية لتطهير الجنوب من الإرهاب والعصابات التشادية المسلحة. وأثارت الخطوة غضب الإسلاميين وحلفاءهم المحليين والدوليين. وبدوره نقل موقع “المرصد” المحلي عن مسؤول وصفه بـ”الرفيع جدا” أن “السراج اتخذ قراره بالتصدي للجيش في الجنوب عبر مسارين، الأول عبر التصعيد الاجتماعي والإعلامي ضد العملية أما الثاني فهو مسار عسكري تحت غطاء أزمة حقل الشرارة” .
وأضاف ذات المصدر أن الخطة التي عاد بها السراج من لندن عقب اجتماعاته هناك ترتكز على تكليف المنطقة العسكرية الغربية التابعة للرئاسي بقيادة اللواء أسامة جويلي بالتوجه إلى حقل الشرارة كقوة دعم لمنطقة عسكرية جنوبية سيتم تشكيلها من قبل الرئاسي لاحقا.
وأصدرت المنطقة الغربية بيانا صباح الثلاثاء اتهمت من خلاله “الجيش بفرض الأمر الواقع في الجنوب وتخريب الحلول السياسية والاستعانة بالمرتزقة وقصف بلدات مرزق وغدوة” في موقف متضارب مع موقف رئيس الأركان العامة عبدالرحمن الطويل الذي ألمح الأحد إلى تأييده للعملية التي أطلقها حفتر في الجنوب.
واعتبر الطويل أن “القوات التي توجهت إلى الجنوب هي قوات الجيش الليبي”، ما قد يشير إلى موقف ضمني من حكومة “الوفاق” تجاه حفتر. وتابع الطويل أن “الجيش الليبي موحد”، وأن الخلاف بين الأطراف “سياسي فقط”، من دون الإدلاء بالمزيد من التوضيحات عن علاقة “الوفاق” بقوات حفتر.
الإسلاميون يبحثون حاليا عن شخصية عسكرية قوية تحظى بثقة مختلف القبائل الليبية، ليلتف حولها العسكريون، الذين اختار أغلبهم الابتعاد عن العمل العسكري منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي
وفاجأت تصريحات الطويل إضافة إلى سحب حكومة الوفاق لقواتها من مدينة سبها وتسليمها للجيش، الرأي العام الذي كان ينتظر إعلانها تسمية آمر عسكري للمنطقة الجنوبية وتعزيز قواتها هناك لعرقلة سيطرة الجيش على إقليم فزان.
وعززت تلك الخطوة توقعات بوجود تنسيق أو اتفاق تحت الطاولة بين أطراف معينة في حكومة الوفاق وحفتر، لاسيما مع الإعلان عن التقارب بين وزارة الداخلية في الحكومة المؤقتة ونظيرتها في حكومة الوفاق، حيث تم تبادل وفود عن الوزارتين زيارات لكل من طرابلس وبنغازي. وفي المقابل، يقلل بعض المراقبين من جدية التصريحات التي أدلى بها السراج الثلاثاء.
ويرى هؤلاء أنها ليست سوى محاولة لامتصاص غضب الميليشيات وبعض الشخصيات السياسية، مشددين على أن موقف السراج لن يتضح ما لم يتبنّ مخطط الإسلاميين.
وتحدثت تقارير إعلامية عن خلافات داخل “معسكر الوفاق” في طرابلس وضغوط تمارسها الميليشيات على السراج بسبب إبقائه على موقفه الغامض من تحركات الجيش ومماطلته لقرار تعيين آمر عسكري للمنطقة العسكرية الجنوبية، بينما تقترب كتائب موالية للجيش من العاصمة طرابلس.
وأعلن “اللواء 106 مجحفل” التابع للجيش عن دخوله منطقة الأصابعة، التي تبعد 120 كيلومترا عن طرابلس، والتمركز في مداخلها، بالتزامن مع نشر “اللواء 18”، العشرات من معداته العسكرية في مدينة صبراتة، الواقعة غرب العاصمة بنحو 70 كيلومترا.