هل تبرر غاية أمازون وسيلتها في التجسس على الأوروبيين

لندن - وجد عملاق التجارة الإلكترونية، شركة أمازون الأميركية، نفسه هذه المرة متهما بالتجسس على العديد من الجهات الرسمية وقطاع الأعمال في أوروبا، وهو بذلك لم يخالف “عقيدة” منافسه الآخر في وادي السيليكون شركة فيسبوك، والتي جعلت شركات التكنولوجيا تحت مصقلة الأوروبيين.
وتراهن كبريات الشركات الأميركية، مثل أمازون، على استخدام خليط من التقنيات المتقدمة والإنفاق على البحوث والعقول الفذة للوصول إلى خليط ذكي يستطيع أن يستخلص الاستنتاجات اللازمة من كميات هائلة من المعطيات والمعلومات للمنافسة في عالم الأعمال، محليا وعالميا.
وكشف موقع بزنس إنسايدر في تقرير أن مشرعين في الاتحاد الأوروبي، تتقدمهم ليلى شايبي السياسية الفرنسية من حزب “فرنسا متمردة”، بعثوا برسالة لرئيس شركة أمازون جيف بيزوس يسألونه فيها عن كون شركته توظف عملاء استخبارات للتجسس على السياسيين والنقابيين والموظفين.
وتوقيت إصدار الرسالة الأربعاء الماضي، جاء بعد أن حذفت أمازون وظيفتين من وظائف “محللي استخبارات” يتمتعون بمهارات مثالية في اللغتين الفرنسية والإسبانية. ووفقا لمنشورات الوظائف، تضمنت الوظائف مراقبة التهديدات المختلفة التي تتصورها أمازون، ويشمل ذلك النقابات العمالية، والقادة السياسيين المعادين.
وبدت الأدوار موجهة نحو خرق الاتحاد. وقالت القوائم إن المتقدمين سيركزون على “تهديدات تنظيم العمال ضد الشركة” وجمع المواد لاتخاذ إجراءات قانونية محتملة ضد المجموعات العمالية التي تحتج على الشركة بعد أن قامت أمازون بإزالة القوائم، وقالت في بيان “لم يكن منشور الوظيفة وصفا دقيقا للدور لقد كان خطأ، ومنذ ذلك الحين، تم تصحيحه”.
وفي كل من فرنسا وإسبانيا دفعت النقابات عمال أمازون إلى إضراب، ففي فرنسا أجبرت النقابات مستودعات الشركة الأميركية على الإغلاق لمدة شهر واحد بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة المتعلقة بوباء فايروس كورونا.
وقال المشرعون الأوروبيون في رسالتهم إنهم قلقون بشأن إمكانية تأثر النقابات العمالية الأوروبية وكذلك الممثلين المنتخبين المحليين أو الوطنيين أو الأوروبيين بهذا النهج تجاه مراقبة التهديدات التي تهدف إلى قمع العمل الجماعي وتنظيم النقابات العمالية.
ويؤكد المطلعون عن كثب على هذه المسألة أنه إذا تم تعيين المحللين الجدد فسيُكلّفون بجمع المعلومات عن أي تهديدات داخلية وخارجية لأمازون وإبلاغ البيانات إلى القادة عبر المؤسسة.
وتقف أمازون في مقدمة الشركات التي تقدم رواتب كبيرة للمحللين الشباب ممن تستخدمهم للحفاظ على موقعها كواحدة من أكبر الشركات العالمية حجما وسعة في ممارسة الأعمال، وهي مثل فيسبوك تقريبا، التي لطالما أنكرت تهما تتعلق بالتنصت على مستخدميها لاستهدافهم بالإعلانات.
ولم تساعد فيسبوك نفسها منذ سنوات، فلديها تاريخ طويل من تجاوز حدود ما هو مقبول من أجل زيادة مداخيل الإعلانات، انطلاقا من توصيف “الميول الإثنية” للمستخدمين وهو أمر مختلف تماما عن التوصيف العنصري، مثلما تقول الشركة إلى دمج بيانات المستخدم المتأتية من واتساب مع خدمتها الأساسية.
وبحكم هذا التاريخ، ليس من قبيل القفزة العملاقة بالنسبة إلى الكثير من الناس مجرد الافتراض بأن فيسبوك تكذب في إنكارها، ولكن إعلانات الوظائف التي سحبتها أمازون تظهر حقيقة أن المحللين المفترضين سيكلفون بجمع المعلومات الاستخبارية عن موضوعات حساسة وشديدة السرية، ومن ذلك، تهديدات تنظيم العمل ضد الشركة والتمويل والأنشطة المرتبطة بحملاتها الداخلية والخارجية ضد أمازون.
وبالإضافة إلى ذلك العمل سيقوم المحللون بإحاطات بشأن “المواقف الديناميكية”، ويشمل ذلك الاحتجاجات والأزمات الجيوسياسية، وغيرها من الموضوعات الحساسة للموارد البشرية وعلاقات الموظفين.
وكان يفترض أن يعمل أصحاب الوظائف، التي كانت تستهدف المرشحين من ذوي الخبرة، في تطبيق القانون أو الخبرة العسكرية من مقر أمازون في مدينة فينيكس بولاية أريزونا، وسيكون الموظفون جزءا من برنامج الاستخبارات العالمية التابع لعملية الأمن العالمي في أمازون.
وتأتي المخاوف الأوروبية في أعقاب خطاب أرسله قادة النقابات إلى الاتحاد الأوروبي الأربعاء يطالبونه فيه بالنظر في ما إذا كانت مراقبة أمازون المزعومة للنقابات قد انتهكت قوانين العمل والبيانات والخصوصية الأوروبية.
ولفتت النقابات الانتباه في رسالتها إلى تقرير لأحد المشرعين الأوروبيين يفيد بأن أمازون كانت تراقب مجموعات فيسبوك الخاصة بسائقي توصيل فليكس. كما أن شركة هول فودز المملوكة لشركة أمازون كانت تستخدم بـ”هدوء” أداة حرارية لتتبع متاجرها التي من المرجح أن تنضم إلى النقابات.
ونشر موقع “بزنس أنسايدر” مذكرة سرية مسربة من أمازون في فبراير الماضي، والتي تظهر أن الشركة تستثمر في برمجيات لتجميع وتحليل البيانات المتعلقة بـ”التهديدات” المختلفة للشركة، بما في ذلك التنظيم النقابي.
ويثير سلوك أمازون “المثير للاشمئزاز” حفيظة كريستي هوفمان، الأمينة العامة للاتحاد الدولي للشبكات النقابية، التي قالت في وقت سابق إنه لا يتم التحقق من حق عمال أمازون في التمثيل النقابي وحقهم في حماية البيانات.