هاجس الانتخابات الرئاسية يعقد الأزمة السياسية في تونس

تجديد النهضة دعوتها لرئيس الحكومة لعدم الترشح للانتخابات الرئاسية، جدلا واسعا في المشهد السياسي.
الخميس 2018/07/19
النهضة تطارد شبح الرئاسة

تونس - كشف تعامل حركة النهضة مع أزمة الحكم التي تعصف بتونس عن مواقفها المتضاربة تجاه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، فبينما تؤكد تمسكها به على رأس الحكومة وإجراء تعديل جزئي دون إزاحته، تعيد الحركة تذكير الشاهد بضرورة التزامه بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية 2019.

وأثار تجديد حركة النهضة، الثلاثاء، دعوتها لرئيس الحكومة إلى عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها عام 2019، جدلا واسعا في المشهد السياسي على اعتبار أن الخطوة فهم منها وجود تلميح إلى بداية سحب الدعم له.

وكان راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، قد دعا في أغسطس 2017 في حوار تلفزيوني رئيس الحكومة الحالي إلى إعلان عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.

وتأتي هذه الخطوة الجديدة عقب مشاركة رئيس حركة النهضة، الاثنين، في اجتماع لدراسة الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، بقصر قرطاج (مقر الرئاسة).

ودعا رئيس البلاد الباجي قائد السبسي إلى عقد هذا الاجتماع، الذي حضره كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب محمد الناصر، بالإضافة إلى ممثلين من حركة النهضة، وحركة نداء تونس (56 نائبا)، والاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية) واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (أرباب العمل).

ورحبت النهضة في بيانها بدعوة السبسي إلى الاجتماع وعودة الحوار في قرطاج، في مرحلة أولى بين القوى السياسية والاجتماعية الرئيسية، ممّا يساعد على تهدئة الأوضاع، والبحث الجماعي عن حلول للأزمة القائمة، فيما تكشف دعوتها إلى تخلي الشاهد عن المشاركة في السباق الرئاسي التراجع عن دعمه.

الصحبي بن فرج: دعوة النهضة للشاهد تؤكّد أن معركة الرئاسة تحدد توجهات الأحزاب السياسية
الصحبي بن فرج: دعوة النهضة للشاهد تؤكّد أن معركة الرئاسة تحدد توجهات الأحزاب السياسية

وتأتي دعوة النهضة للشاهد إلى التخلي عن حلم الترشّح للرئاسة بعد مرور يومين من حوار مثير للجدل للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على محطة تلفزيونية خاصة، أعلن فيه سحب ثقته من الشاهد عبر دعوته إلى الاستقالة أو اللجوء الى البرلمان لتجديد الثقة.

وكان الرئيس التونسي قد وجّه انتقادات مباشرة للشاهد بخصوص أداء حكومته الاقتصادي وبعض التعيينات في جهاز الأمن وإقالته لوزير الداخلية السابق لطفي براهم، وهو ما أربك وفق الملاحظين النهضة التي تفضل الحفاظ على توافق مع حزب الرئيس (حركة النداء) حفاظا على نفوذها في السلطة.

ويعتبر مراقبون أن النهضة تريد عبر دعوة الشاهد إلى عدم المشاركة في السباق الرئاسي توجيه رسالة للأحزاب التي تتهم الحكومة بأنها “حكومة النهضة” .

وتتعرض النهضة لانتقادات بسبب تمسكها بدعم الشاهد وانحيازها لمسار التوافق المعلن بينها وبين حركة نداء تونس. ويقول المراقبون إن دعمها للشاهد مرده التقاء مصالحها مع مصالح الأخير وإنه باستطاعتها استخدامه كورقة ضغط لتمرير أجنداتها بالسلطة، إلى أن تتنصل منه بمجرد أن يهدد نفوذها وطموحها السياسي.

واعتبر خالد عبيد المحلل السياسي أن “إعادة تأكيد النهضة عدم الترشح للرئاسة، هي رغبة من الحركة للتنصل تدريجيا من الشاهد باعتبار أنه بات يشكل عبئا عليها، وستتحمل تبعات هذا العبء خاصة إثر حوار السبسي الأخير”.

وقال الصحبي بن فرج النائب عن كتلة الحرة لحزب حركة مشروع تونس لـ”العرب” إن دعوة النهضة للشاهد هو موقف سياسي يخص الحركة ويكشف رغبتها في دعمها لأحد مرشحيها وأنها لا تريد أن يكون الشاهد في السلطة عندما يتقدم لانتخابات 2019.

وتابع “من المؤسف أن معركة الرئاسة 2019 هي من تحرك وتحدد توجهات الأحزاب السياسية”.

من جهته، قال فريد العليبي المحلل السياسي في تصريح لـ“العرب” إن النهضة تحاول الاستفادة من ضعف الشاهد بعد أن تخلى عنه جزء كبير من ‏حزبه وازداد الأمر خطورة عندما أعلن السبسي أن عليه الاستقالة أو الذهاب إلى البرلمان لنيل ‏الثقة مجددا”.

وشرح ذلك بقوله “الاستفادة من الوضع الذي هو عليه لفائدتها في صلة بهدفها الاستراتيجي وهو ‏السيطرة على السلطة بأكملها بما يذكر بعلاقتها بالرئيس السابق المنصف المرزوقي فقد دعمته في وقت ما لتأدية ‏مثل هذا الدور الذي تريد من الشاهد لعبه اليوم وعندما لم يعد صالحا لذلك تخلت عنه وهذا هو المصير ‏الذي ينتظر يوسف الشاهد”.

فيما يرجح آخرون أن دعوة النهضة للشاهد بعدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة تهدف إلى تأمين حظوظ مرشحها الرئاسي الذي من المتوقع أن يكون من داخل الحركة، خاصة وأنها ألمحت مؤخرا إلى نية الحركة ترشيح رئيسها للسباق الرئاسي.

من جهة أخرى، فقد زادت الأزمة الداخلية للحزب الحاكم حركة نداء تونس في استفحال الأزمة السياسية في تونس، خاصة بعد اشتداد الصراع داخل الحزب، وتحديدا بين المدير التنفيذي للحركة حافظ قائد السبسي (نجل الرئيس) ويوسف الشاهد، القيادي في ذات الحزب على خلفية الاتهامات الموجهة للأخير بتوجيه البوصلة نحو انتخابات 2019.

4