نقل اللجنة الدستورية إلى دمشق بين رغبة الحكومة وتمنع المعارضة

قدري جميل يقترح نقل المحادثات من جنيف إلى دمشق ويؤكد أن "النظام لا يعبر عن هذه الرغبة".
الجمعة 2019/12/13
في موقف دفاعي

دمشق - فجر رئيس منصة “موسكو” المعارضة قدري جميل جدلا في الساحة السياسية السورية حينما عرض تغيير مكان انعقاد اللجنة الدستورية إلى العاصمة دمشق بدلا من المدينة السويسرية جنيف، وسط مؤيد عن احتشام لهذه الخطوة وآخر معارض بشدة.

يأتي ذلك في الوقت الذي أحجم فيه المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون عن تحديد موعد جديد لانعقاد الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة الدستورية، إلى حين اتفاق الفرقاء على برنامج محدد للمباحثات.

وفشلت الجولة الثانية من اجتماعات اللجنة التي عقدت في جنيف في نهاية نوفمبر الماضي، على خلفية عدم الاتفاق بين ممثلي المعارضة والحكومة على جدول أعمال المباحثات، فضلا عن اتهامات وجهت للنظام بالمماطلة وإلهاء المشاركين في أعمال اللجنة في قضايا جانبية ليست من مشمولات الأخيرة على غرار الإصرار على إدانة ورفض التدخل التركي في شمال شرق سوريا، وهو ما ترفضه المعارضة.

وكان من المقرر إجراء الجولة الجديدة في ديسمبر الجاري بيد أن الموقف الذي أعلنه بيدرسون يشي بأنه سيتم إرجاء ذلك إلى العام المقبل.

وفيما تثار شكوك حول وقوف موسكو والحكومة السورية خلف مقترح نقل أعمال اللجنة الدستورية، صرح قدري جميل الذي يتولى أيضا رئاسة “حزب الإرادة الشعبية” “أن منصة موسكو هي من اقترحت نقل المحادثات إلى دمشق”، مشيرا إلى أن “النظام لا يعبر عن هذه الرغبة”.

وأوضح خلال مؤتمر صحافي نظمته وكالة “روسيا سيغودنيا” “يجب أن تنتقل اللجنة إلى دمشق وأن تعمل تحت رعاية الأمم المتحدة”، مضيفا “يجب ألا يكون عمل هذه اللجنة شكليا، وأن تتغلب على الموقف الذي اتخذه بعض ممثلي الأطراف المتفاوضة، وهذا هو موقف منصة موسكو”، في انتقاد ضمني لموقف الحكومة والهيئة العليا للمفاوضات.

وتتهم المعارضة قدري جميل بالعمل وفق أجندة الحكومة التي سيكون في حال نقل مقر اللجنة إلى دمشق انتصار نوعي يحسب لها.

واعتبر عضو اللجنة الدستورية، عن الهيئة العليا للمفاوضات يحيى العريضي، أن “هناك العديد من الأهداف التي يتطلع النظام إلى تحقيقها، من وراء هذه الدعوات، علما بأن مكان انعقاد اللجنة جاء بناء على رغبة الأمم المتحدة”.

وأضاف في تصريحات صحافية أن “مطلب النظام بنقل عمل اللجنة إلى دمشق، واحد من العراقيل الكثيرة التي يضعها أمام عمل اللجنة الدستورية”، وأشار إلى تعارض نقل عمل اللجنة إلى دمشق مع ما تم الاتفاق عليه أمميا، حول تشكيل اللجنة وعملها ومكانه.

وعزا العريضي سبب رفض المعارضة لنقل أعمال اللجنة إلى “الهواجس الأمنية التي قد تترتب على ذهاب أعضاء وفد المعارضة إلى دمشق، معتبرا أن ذلك لا يشكل بيئة مناسبة لمناقشة الدستور”.

ويقول محللون إن موقف المعارضة يتسق مع موقف القوى الإقليمية الداعمة، وفي مقدمتها تركيا التي ترفض تمكين النظام السوري من أي انتصار مجاني.

وهاجم المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، الخميس ما اعتبرها خطوات النظام السوري الساعية لتقويض عمل اللجنة الدستورية.

غير بيدرسون لم يحدد الموعد الجديد للمحادثات
غير بيدرسون لم يحدد الموعد الجديد للمحادثات

جاء ذلك في مؤتمر صحافي لقالن، أثناء انعقاد اجتماع مجلس الوزراء التركي برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان، في المجمع الرئاسي في العاصمة أنقرة.

وقال قالن إن اجتماع اللجنة الدستورية الأخير لم يثمر عن النتائج المرجوة، بسبب عراقيل مصدرها النظام السوري، معبرا عن إدانة بلاده بشدة لتقويض عمل اللجنة الدستورية من خلال فرض النظام إملاءاته.

وتعد تركيا حاليا الراعي الرسمي للمعارضة السياسية والعسكرية في سوريا، ورغم أنها تدرك أن المشروع الذي راهنت عليه لإسقاط النظام السوري فشل، بيد أنها تحاول جاهدة الإبقاء على جملة من الأوراق لفرض نفوذ لها في سوريا.

ودعا قالن الحكومة السورية إلى صرف النظر عن الخطوات التي من شأنها القضاء على أرضية المفاوضات، التي ستقود إلى السلام والاستقرار السياسي في سوريا، مشددا على أن الحل النهائي في سوريا سيكون -حتما- عبر مرحلة سياسية انتقالية.

وذكر قالن أن تركيا تدرك جيدا سبب سعي النظام لإفشال اللجنة الدستورية “لأن النظام يتحرك انطلاقا من القلق من صدور قرار ملزم من اللجنة قد لا يكون في مصلحته”. وأوضح أن المرحلة التي ستتبع إتمام اللجنة الدستورية عملها هي تنظيم انتخابات في سوريا.

وانطلقت أعمال اللجنة الدستورية السورية في جنيف، في الـ30 من أكتوبر، تحت رعاية الأمم المتحدة، بعد أشهر من الجدل بشأن تركيبتها.

وتتكون اللجنة الدستورية من 150 عضوا، مقسمة مناصفة بين ممثلين عن الحكومة السورية، وممثلين عن المعارضة وممثلين عن المجتمع المدني تولت الأمم المتحدة اختيارهم.

ولا يزال الهدف الرئيسي لأعمال اللجنة خاضعا للتأويلات، فالنظام يصر على أن يكون هدفها إجراء تعديلات على الدستور القائم بما لا يمس من جوهر النظام السياسي، في المقابل تصر المعارضة على صياغة دستور جديد.

2