نشر صور الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعي يسيء إليهم

افتقار الوالدين إلى حس المشاركة الواعية يمكن أن يفسد فرصا مهمة في مستقبل الابن.
الثلاثاء 2020/07/21
صور غالبا ما تكون محرجة

برلين – هناك بعض اللحظات السعيدة في حياة الآباء بخصوص أطفالهم، مثل أول عيد ميلاد أو أول يوم في المدرسة، وعادة ما يرغبون في مشاركة هذه اللحظات مع أصدقائهم على شبكات التواصل الاجتماعي، ولكن هنا يظهر التساؤل هل يجوز نشر صور الأطفال على شبكات فيسبوك وإنستغرام وغيرها؟
للإجابة عن هذا السؤال حذرت الجمعية الألمانية لحماية الأطفال الآباء من نشر صور الأطفال على شبكات التواصل الاجتماعي؛ نظرا لأن هذه الصور غالبا ما تكون محرجة للأطفال، كما يمكن استغلالها لاحقا للتنمر على الطفل من قبل زملاء الدراسة، كما يمكن أن تصل صور الأطفال، الذين يرتدون ملابس خفيفة، إلى أيدي الأشخاص ذوي الميول الجنسية للأطفال.
ولحماية الأطفال من المخاطر المحتملة قد يقوم بعض الآباء بتغطية وجوه أطفالهم بواسطة الرموز التعبيرية، إلا أن الجمعية الألمانية لحماية الأطفال ترى في هذا الإجراء حلا مؤقتا؛ نظرا لأن بعض تنسيقات الصور تعتبر غير آمنة من الناحية التقنية، ويمكن استعادة وجه الطفل مرة أخرى.
وإذا رغب الآباء في نشر صورة الطفل على شبكات التواصل الاجتماعي، فمن الأفضل أن تكون صورة الطفل غير واضحة، مثلا من خلال التصوير من الخلف أو جعل الشعر يغطي الوجه، كما يمكن الاستعانة بتقنية تشويش بيكسلات الصورة على الوجه.
وتنصح الجمعية الألمانية بأن يتم تصوير الأطفال وهم يرتدون ملابسهم، وعدم نشر أي بيانات بخصوص أسمائهم أو مكان إقامتهم، علاوة على أنه يجب تعطيل وظيفة الوصول إلى بيانات الموقع على الهاتف الذكي عند استعماله في التصوير، مع ضرورة ضبط البروفايل الخاص بالآباء على وضع خاص، على الرغم من أنه قد لا يوفر حماية ضد هجمات القرصنة الإلكترونية.
وأكد تقرير لموقع “باور أوف بوزيتيفتي” الأميركي أن هذا التصرف يمكن أن يعرض الأطفال للخطر، وكشف الباحثون عن أسباب خطورة نشر صور الأطفال على الإنترنت أهمها أن المعلومات والصور التي تنشر عن الطفل قد تجعله هدفا سهلا للمتربصين به.

إذا رغب الآباء في نشر صورة الطفل على شبكات التواصل الاجتماعي، فمن الأفضل أن تكون صورة الطفل غير واضحة

وأشار التقرير إلى أن نشر أي محتوى على الإنترنت سيبقى مخزنا فيها إلى الأبد حتى عندما يقوم الشخص بحذف بعض المنشورات أو جعلها خاصة، كما أن بعض الخوارزميات قادرة على إيجاد المشاركات التي يتم حذفها، وسيعرف الشخص الذي يبحث عنها كيفية العثور عليها واستغلالها.
كما بين أن افتقار الوالدين إلى حس المشاركة الواعية يمكن أن يفسد فرصا مهمة في مستقبل الابن، فقد تحرم صورة للطفل مثيرة للجدل من أن يتم قبوله في فريق رياضي أو تضيّع عليه فرصة عمل مهمة على سبيل المثال، وإذا أصبح الطفل مشهورا في المستقبل، فإنه يمكن لصوره القديمة أن تكون بمثابة وصمة عار في حياته.
ونبه التقرير إلى أن نشر صورالطفل على مواقع التواصل الاجتماعي يؤثر على الأمن المالي للأطفال، وباستطاعة الكثير من المجرمين استخدام مجرد صور عيد الميلاد من أجل تقصي الكثير من المعلومات والبيانات وتدبير مكائد إجرامية، على غرار سرقة البطاقات الائتمانية والحصول على القروض الاحتيالية.
وأشار إلى أن مشاركة صور لأطفالك على المنصات الاجتماعية من المحتمل أن يجعلهم عرضة للمضايقات والتنابز بالألقاب مما سيسبب لهم المشاكل في المدرسة ويؤثر سلبا على نفسيتهم، خاصة بسبب صورة قديمة أو حتى جديدة. وإذا لم يرغب طفلك في نشر صورة أو شعر بالحرج منها، فامتثل لرغبته ولا تشاركها. ومن أجل التقليل من إمكانية تعرضهم للتنمر قم بتصفية المحتوى الذي تنشره عبر الإنترنت.

الكثير من الأطفال يرغبون لو يتم استئذانهم قبل نشر أي صور لهم

ويمكن للطفل أن يكون معرضا لخطر الوقوع ضحية لسرقة هويته من قبل المختطفين الرقميين الذين يمكن أن يأخذوا صوره من الشبكات الاجتماعية وينشروها على حساباتهم الخاصة، ثم يدعون أنه ينتمي إلى عائلتهم ويعطونه اسما جديدا ويؤلفون “قصصا خيالية” عنه. والجدير بالذكر أن العديد من الأمهات حول العالم يشتكين من مشكلة الاختطاف الرقمي. وهذا هو السبب في أن نشر صور لأطفالك قد يكون أمرا خطيرا نظرا لأن هذه الصور تصبح لعبة في يد أي شخص يمكنه الوصول إليها.
وتطرقت الأستاذة في مجال التسويق الرقمي بيكس لويس، من جامعة مانشستر متروبوليتان في كتابها الذي يتمحور حول تربية الأطفال في عصر متقدم تقنيا، إلى ما يجب القيام به، ونصحت بمراقبة طبيعة المنشورات التي نشاركها، وعدم نشر صور الطفل بصورة روتينية، خاصة عن الزي المدرسي، والمواقع التي يرتادها الطفل والأشياء المفضلة لديه، مؤكدة على ضرورة الانتباه أكثر لما ننشره عن أطفالنا.
وأكدت أستاذة علم النفس الاجتماعي سونيا ليفينغستون أن الكثير من الأطفال يرغبون لو يتم استئذانهم قبل نشر أي صور لهم. كما أن تجاهل دعوات الأطفال للتوقف عن نشر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي يجعلهم يشعرون بأنهم لا يملكون حقوقا على أجسادهم وصورهم.

21