نجومية ترامب أكثر مما نتصور

يحصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نجومية مجانية. دعه يتحدث عن أي موضوع وستجد أن الجميع يردد ما يقوله. لا أحد يسأل كثيرا عن معنى ما يقوله. للأمانة، هو يفكر في ما يقوله، على الأقل لمراقب مستطرق مثلي يحاول أن يعرف ما تريد إيصاله هذه الشخصية الاستثنائية في عالم السياسة. وبما يفكر فيه، إنما هو يطلق ليس المقترحات فقط، بل إجبارا يستند إلى قدرة الولايات المتحدة على فرض إرادتها على الآخرين، شاءوا أم أبوا.
هذا النمط من السلوك السياسي ينهي ما كان يدعى بالسياسة. كان عليك أن تسوس الآخرين للقبول بما تراه مناسبا. ترامب لا يفعل ذلك الآن، بل يقتادك مرغما. الولايات المتحدة تفعل ذلك دائما، لكنّ سياسييها ودبلوماسييها كانوا يفعلون هذا بارتداء قفازات أو أقنعة لإخفاء حقيقة الإجبار على القبول. الآن، ملّ ترامب وأمثاله من هذا، وصاروا يذهبون إلى الهدف بلا مضيعة للوقت: تريد أرنبا، خذ أرنبا؛ تريد غزالا، خذ أرنبا. الغرب هو أول من يتأقلم مع هذا الجديد. الولايات المتحدة نفسها هي الواقفة على أول طابور دول الغرب تتعلم من نفسها في شخص رئيسها المعاد. لكن بقية الغرب، ممثلة بأوروبا وأستراليا ونيوزيلندا، تريد أن تستعيد شكلا للعلاقة مع الولايات المتحدة تستطيع التعامل معه من دون أن تتسبب في هزة كبيرة.
الرسوم الجمركية التي يتحدث عنها ترامب مثلا هي وجه من أوجه التعامل. ما يريده ترامب أوسع وأكبر. أكاد أجزم بأنه مع نهاية عهده، أي أربع سنوات مفترضة قادمة من الآن، ستكون “الرسوم” شاملة لكل شيء. الولايات المتحدة لها إصبع في كل صناعة وابتكار وتستطيع أن تفرض بما لا يتخيله أحد.
هل لديك قدرة على تخيل العالم من دون ابتكار واختراع وصناعة قادمة من أميركا؟ أشك في ذلك. هذا الأسر لما هو أميركي كبير ومتشعب، حتى لو تم تصميمه وإنتاجه في معامل الصين أو ورش الهند. وإذا نجحت خطط ترامب، تصبح الولايات المتحدة على طريق استعادة هذه المعامل والورش إلى ترابها، بعد أن كانت قد فقدتها على مراحل، متطوعة، بحثا عن أيد عاملة رخيصة. هذه معادلة من معادلات ما يريده ترامب من كل هذه الضوضاء التي يثيرها ليستعيد مكانة بلاده، ليس في إنتاج القضايا التي لا يستطيع آخرون منافسته على إنتاجها فقط مثل طائرات الشبح أو الرقائق السريعة للذكاء الاصطناعي، بل عودة إلى السيارات والصلب وتنويع الإنتاج الغذائي لأميركا وغير أميركا. لا نأتي بجديد إذا قلنا إن الأفلام والموسيقى والنتاج الثقافي والفني المتنوع ستكون مثلها مثل طائرات الشبح من الجيل السادس التي قرر ترامب للتو أن تكون جزءا من إرثه السياسي بأن تعود وتكون أميركية قلبا وقالبا.
ترامب العجيب قادم أكثر مما نتصور جميعا. نجومية مجانية من هوليوود شئنا أم أبينا.