"نتفليكس" تراهن على مواهب الغد في إنتاج الرسوم المتحركة

الشركة الأميركية تطلق أول أكاديمية للرسوم المتحركة اليابانية.
الاثنين 2021/11/01
إنتاج أفلام التحريك يتطلب جهدا والمشاهد لا ينتظر

ساهم هاياو ميازاكي المؤلف والمخرج والمنتج السينمائي (في مجال الرسوم المتحركة) وأيقونة الثقافة اليابانية، في انتشار الرسوم المتحركة اليابانية في مختلف أنحاء العالم، كفنّ ما انفك يتطور ويواكب كل الأجيال من شرق العالم إلى غربه، لكن الرسوم المتحركة وخاصة منها الأعمال السينمائية لم تعد بتلك السهولة في الإنتاج، نظرا إلى اشتداد المنافسة وارتفاع الطلب على هذا الفن وقلة إقبال الشباب على تعلمه لقلة مردوده المادي خاصة، وهو ما دعا شبكة نتفليكس العملاقة إلى تأسيس أكاديمية لهذا الفن في اليابان.

طوكيو - مسلحة بأقلام وممحاة، تدرّب هيتومي تاتينو الجيل المقبل من فناني الرسوم المتحرّكة في أكاديمية يابانية مموّلة من “نتفليكس” التي تعوّل على ازدهار هذا النوع من الأفلام في العالم.

من النجاح الكبير لـ”ديمون سلايير: كيميتسو نو يابا” في شبّاك التذاكر إلى الفيلم الطويل الأخير لمامورو هوسودا “بيل” الذي لقي تنويها واسعا هذه السنة في مهرجان كان، تخلّى فيلم التحريك الياباني عن صورته الطفولية واتّسع نطاق انتشاره. غير أن القطاع يواجه صعوبات في استقطاب يد عاملة في الأرخبيل حيث يكدّ الفنانون عادة لسنوات طويلة بأجور زهيدة لاكتساب أصول المهنة.

تدريب مكثف

تأثر قطاع الرسوم المتحركة بشكل كبير بجائحة كوفيد – 19، حيث تضاعف الإقبال عليه بصفة ملحوظة، ويعيد متابعون ذلك إلى فاعلية قطاع الرسوم المتحركة من حول العالم وما أتاحه المكوث في المنزل بعيدا عن أماكن العمل إلى استمرار دورات الإنتاج بالتكيّف مع الظرف السائد والإقبال على استهلاك هذا الفن الذي تطور ليواكب متطلبات وقضايا العصر كما تطور تقنيا، لكن يبقى للرسامين الماهرين الفضل الأكبر في إنتاج فيلم رسوم متحركة، وهو ما انتبهت له شركات الإنتاج.

وتسعى “نتفليكس”، المجموعة الأميركية العملاقة في مجال البثّ التدفقي، لسدّ الفجوة في عدم توفر رسامين بشكل كاف، وذلك من خلال “ويت أنيمايتر أكاديمي” وهو برنامج تدريبي يتكفّل بنفقات تدريب الفنانين ومصاريف حياتهم اليومية.

مواجهة المنافسة

فن يعتمد على موهبة الرسامين
فن يعتمد على موهبة الرسامين

يشبّه جورج وادا رئيس استوديو التحريك الياباني “ويت استوديو” الذي يدير هذا المشروع هذه المبادرة بالدورات المكثّفة التي تجرى في ميادين أخرى.

ويقول “إذا ما تدرّبتم على يد طاه كبير للسوشي، قد يستغرقكم الأمر سنوات قبل امتلاك ناصية الوصفات، لكن عندما تقصدون أكاديمية للسوشي، تكتسبون الأسس خلال سنة”.

وتركّز هذه الدورة التدريبية الممتدّة على ستة أشهر على ما يُعرف بـ”المراحل الفاصلة”، وهي رسوم المراحل الانتقالية التي تؤدي إلى “الصور الرئيسية” وتعطي الانطباع بالحركة، وهو مفهوم يسمّى “دوغا” باليابانية.

وتقول تاتينو “يشبه هذا العمل نسج السجّاد… فهو أمر دقيق جدّا ويتطلّب بالا طويلا”.

من شأن مبادرات من هذا القبيل أن تدفع القطاع قدما خاصة وأن أستوديوهات كبيرة بدأت تستثمر في هذا المجال

وهي بدأت مسيرتها المهنية الغنية بالعمل على “دوغا” وأشرفت على أعمال، مثل “ماي نيبور توتورو” و”سبيريتيد أواي” و”أكيرا”.

وتصرّح تاتينو بأن “الكثير من الهواة يرغبون في الانتقال بسرعة إلى الصور الرئيسية، وحتى إذا ما أرادوا التخصّص في الدوغا، فهم يزاولون عملا لا يوفّر عيشا لائقا”.

والسواد الأعظم من فناني دوغا في اليابان هم عمّال أحرار أو بعقود محدودة و18 في المئة منهم لا غير ينتفعون من عقود غير محددة الأجل. ويتمّ التعاقد مع شركات في الخارج لنحو 80 في المئة من رسوم المراحل الفاصلة، معظمها في الصين وكوريا الجنوبية، وفق الجمعية اليابانية لمؤلفي التحريك “جانيكا”.

غير أن الطلب آخذ في الازدهار، فأكثر من 100 مليون أسرة في العالم شاهدت فيلم تحريك واحدا على الأقلّ ياباني الطراز عبر منصّة “نتفليكس” بين أكتوبر 2019 وسبتمبر 2020، بحسب الجمعية، وهو ارتفاع نسبته 50 في المئة في سنة.

وتندرج “ويت أنيمايتر أكاديمي” ضمن استراتيجية المجموعة العملاقة لمواجهة المنافسة المتأتية مثلا من منصّة “كرانشيرول” التي اشترتها “سوني” هذا الصيف مقابل مليار يورو تقريبا، والتي تملك أوسع مجموعة في العالم للرسوم المتحركة اليابانية.

دعم المواهب

Thumbnail

تأمل “نتفليكس” في أن تساعد الأكاديمية “فناني الغد على الانطلاق في مسيرتهم” وهي تنوي توفير دورات تدريبية في تخصصات أخرى من صناعة أفلام التحريك. وقال تايكي ساكوراي كبير منتجي الرسوم المتحركة اليابانية في “نتفليكس” “سنواصل جهودنا لدعم المواهب”.

وفي ختام هذا البرنامج الدراسي الممتدّ على ستة أشهر الذي يدرّب حاليا الدفعة الثانية من المتخرّجين، تقدّم للمتخرّجين فرصة عمل في “ويت ستوديو” أو أحد فروعه للمساهمة في إنتاج رسوم متحركة لحساب “نتفليكس”.

ويخبر ماكي أوينو (22 عاما) الذي كان بين أول عشرة متخرّجين من “ويت أنيمايتر أكاديمي” أن هذه الفرصة المضمونة وتغطية التكاليف “هما من العوامل التي جعلتني مرتاح البال”.

ويكشف أن “زميلا يعمل في استوديو آخر قال لي إن الدورة التدريبية هناك هي أقصر بكثير وليست مدفوعة”.

ومن شأن مبادرات من هذا القبيل أن تدفع القطاع قدما، على ما يقول دايسوكي أوكيدا أمين جمعية “جانكيا”، مشيرا إلى أن “استوديوهات كبيرة بدأت تستثمر في هذا المجال. وبات القطاع قيد التطوّر”.

12