مَن لا يحب دالي

السريالية اكتسبت جزءا من سمعتها باعتبارها حركة غرائبية مجنونة من سلوك الرسام الإسباني الذي عاش بين سنتي 1904 و1989.
الاثنين 2021/08/02
السريالية اكتسبت جزءا من سمعتها من أعمال دالي وسلوكه

حين تُذكر السريالية لا بد أن يُذكر سلفادور دالي. الرسام الذي طرده بابا السريالية الشاعر الفرنسي أندريه بريتون من الحركة بسبب بخله وغروره صار عنوانا لها، بل هو الواجهة التي تعرف بها شعبيا.

دالي أكثر شهرة من السريالية وهو في الوقت نفسه لا يُذكر إلاّ لأنه سريالي. ليست رسومه وحدها ما يثبت سرياليته، بل وأيضا سلوكه الغريب وهو الذي لم يكن يزعجه أن يصفه الآخرون بالمجنون. كان مجنونا في الحياة كما في الرسم.

وليس من باب المبالغة القول إن السريالية اكتسبت جزءا من سمعتها باعتبارها حركة غرائبية مجنونة من سلوك الرسام الإسباني الذي عاش بين سنتي 1904 و1989.

وإذا ما عرفنا أن دالي كان يسعى وراء شهرته بالرغم من اعتزازه بنخبويته، فإن ذلك كان تعريفا للسريالية. الكثير من الناس تعرّفوا على السريالية من خلال أخبار دالي التي غالبا ما ملأت الصحف لما تنطوي عليه من غرابة. حملوه ذات مرة في تابوت ليحضر حفل افتتاح أحد معارضه. مشاهد كثيرة صنعها دالي ليكون بطلها في الواقع بعد أن رآها في أحلامه أو تخيّلها موضوعا للرسم.

ولكن دالي المنبوذ من الجماعة السريالية كان رساما عظيما على مستويات عديدة وأهمها الحرفة والإتقان والموهبة والخيال. إنه يرسم كما لو أنه أحد رسامي عصر الباروك، غير أن ما تنطوي عليه لوحاته من معان ومعالجات نفسية تقدّمه تابعا مخلصا لعالم النفس النمساوي سيغموند فرويد، كما أنه يقترح صورا هي من نتاج خيال فريد من نوعه عبر التاريخ.

يمكنك أن لا تُعجب بدالي، غير أن ذلك لا يقف بينك وبين الاعتراف بعبقريته وكفاءة موقفه وأدائه وقوة خياله. لا يفرض عليك دالي أن تحبه. المهم لديه أن تحترمه رساما دخل التاريخ قبل وفاته.

لا أعتقد أن رساما حديثا طُبعت رسومه بالكمية التي شهدتها رسوم دالي. لقد اقتناها الناس العاديون وظن البعض منهم أنها تمثل لقطات من أحداث خارقة. كان دالي مقنعا بصريا ويهمه أن يلعب بالأبصار ومن ثم بالعقول. لا معنى إذا لسؤال من نوع “هل تُحب دالي؟”.

16