ميليشيات طرابلس تستغل تأزم العلاقة بين حفتر والسراج للعودة إلى الواجهة

وزير الداخلية فتحي باشاغا يحمل ميليشيات طرابلس مسؤولية الهجوم الذي استهدف وزارة الخارجية نهاية ديسمبر الماضي.
السبت 2019/02/16
صراع النفوذ لا ينتهي بين الميليشيات

استغلت ميليشيات طرابلس التطورات العسكرية في الجنوب وما يتردد من أنباء بشأن قرب دخول الجيش الليبي إلى العاصمة، لتعرض خدماتها على حكومة الوفاق التي تشن عليها “حربا” غير مسبوقة منذ سبتمبر الماضي، زادت حدتها منذ تعيين فتحي باشاغا وزيرا للداخلية.

واستنكرت “قوة حماية طرابلس″ العملية العسكرية التي أطلقها القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر لتطهير الجنوب الليبي. واتهمت القوة في بيان أصدرته ليلة الخميس المشير خليفة حفتر بالسعي إلى “تدمير الجنوب ومقدراته وثرواته ونسيجه الاجتماعي”.

وعبّرت عن “استعدادها التام للوقوف والتصدي لمن يحاول المس بزعزعة واستقرار وطننا الغالي”، في إشارة إلى قوات الجيش وتصاعد الحديث عن قربها من العاصمة.

ويدحض البيان ما راج من أنباء مؤخرا عن استمالة خليفة حفتر لتلك المجموعات، تمهيدا لدخول طرابلس.

ويأتي موقف هذه القوة المشكلة من أربع ميليشيات بارزة في العاصمة (قوة الردع الخاصة، النواطي، كتيبة ثوار طرابلس، والأمن المركزي أبوسليم) بينما يشتد الخناق عليها من قبل وزارة الداخلية التي شرعت في تنفيذ الترتيبات الأمنية.

وتحالفت تلك الميليشيات خلال الحرب التي شهدتها العاصمة طرابلس في صيف العام الماضي، عقب تحرك “اللواء السابع″ أو ما يسمّى محليا بـ”الكانيات” تحت شعار “تطهير العاصمة من دواعش المال العام”.

ونجحت بعثة الأمم المتحدة في فرض اتفاق لوقف إطلاق النار في سبتمبر، لتتجدد الاشتباكات بين الطرفين في منتصف يناير الماضي، وهو ما دفع “قوة حماية طرابلس″ إلى إعلان تمردها عن المجلس الرئاسي. وأعلنت القوة في بيان الخروج عن طاعة المجلس الرئاسي، إلا عندما “يكون مجتمعا وتصدر قراراته بكامل أعضائه التسعة”.

فتحي باشاغا يسعى لإعادة هيبة القوات النظامية، لقطع الطريق على دخول الجيش للعاصمة لـ"تخليصها من الميليشيات"

وجاء تجدّد الاشتباكات بين الطرفين عقب تراشق بين الميليشيات ووزير الداخلية فتحي باشاغا الذي حمّلها مسؤولية الهجوم الذي استهدف وزارة الخارجية نهاية ديسمبر الماضي.

وفي المقابل، اتهم القيادي في كتيبة ثوار طرابلس والذي يشغل منصب القنصل الليبي لدى تونس محمد شعبان المرداس، باشاغا بالوقوف وراء الحرب الأخيرة التي شهدتها العاصمة بين كتائب طرابلس واللواء السابع القادم من مدينة ترهونة، معتبرا أن تلك الحرب هي التي أتت به إلى وزارة الداخلية.

وتشير تقارير إعلامية محلية إلى ارتفاع منسوب الاحتقان بين “قوة حماية طرابلس″ وفتحي باشاغا، غير مستبعدة إمكانية إقالته خلال الأيام القليلة القادمة. ويعمل باشاغا ومن ورائه تيار الإسلام السياسي على التخلّص من الميليشيات أو على الأقل قصقصة أجنحتها وإعادة هيبة القوات النظامية في العاصمة ولو مؤقتا لقطع الطريق على دخول الجيش تحت شعار “تخليصها من الميليشيات والفوضى”.

وبلغ التوتر بين حكومة الوفاق والجيش ذروته الأسبوع الماضي، بلغ حد التصادم المسلح، قرب حقلي الشرارة والفيل النفطيين جنوب البلاد. وجاءت الاشتباكات بعيد تعيين المجلس الرئاسي للفريق علي كنة، وهو أحد رجالات العقيد الراحل معمر القذافي، آمرا للمنطقة العسكرية الجنوبية عقب ضغوط مارسها تيار الإسلام السياسي عن طريق ممثله خالد المشري رئيس مجلس الدولة.

وعرّت تلك الاشتباكات العلنية بين الطرفين والأولى من نوعها انحياز حكومة الوفاق أو تبعيتها لتيار الإسلام السياسي، ما يخرجها فعليا عن دائرة الحياد الذي ادعته على مدى نحو ثلاث سنوات.

وفي خطوة تعكس التخبّط الذي باتت عليه حكومة الوفاق مع تقدم الجيش، قام رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج بتغيير رئيس أركان جيشه العميد ركن عبدالرحمن الطويل واستبدله  بالفريق ركن محمد علي محمد المهدي الشريف المنحدر من بلدة الشاطئ جنوب البلاد. كما عيّن الفريق ركن سالم جحا المنحدر من مدينة مصراتة ذات الثقل السياسي والعسكري الكبير نائبا للشريف.

وتحمل تلك التعيينات وخاصة تعيين سالم جحا، رسالة للجيش مفادها إمكانية الاستعانة بالمجموعات المسلحة في مصراتة للتصدي لمحاولات تمدده غربا وحتى جنوبا.

Thumbnail

وسبق ذلك التصادم العسكري، تصاعد بيانات التأييد للجيش في المنطقة الغربية والمدن القريبة من طرابلس، إضافة إلى إطلاق القوات المسلحة  لعملية “طوق الحمادة” التي قالت إنها تهدف لمحاصرة الفلول الإرهابية الفارة من العملية العسكرية في الجنوب.

وأشرفت على عملية “طوق الحمادة” الغرفة العسكرية بالمنطقة الغربية التابعة للقيادة العامة للجيش. وقالت الغرفة إن العملية تهدف إلى “تأمين وحماية المنطقة الجنوبية من القريات شرقا حتى غدامس غربا والمثلث الحدودي الذي يربط ليبيا بتونس والجزائر”.

لكن المتمعّن في توزيع تلك المناطق طبوغرافيا سيلاحظ أنها تشكل طوقا على العاصمة طرابلس من جهة الجنوب، ما يعزز الشكوك بشأن نية الجيش التقدم نحو العاصمة.

وتزداد تلك الشكوك مع إعلان تشكيلات عسكرية في بعض المدن في المنطقة الغربية دعمها للجيش.

وأصدرت كتيبة 54 للمساندة والاستطلاع، ومكتب تحري الشرطة والسجون بمدينة صرمان، غرب  العاصمة طرابلس، مطلع فبراير الجاري، بيانا قالت فيه إنها تبارك العملية التي أطلقها الجيش في الجنوب.

وتواترت أنباء مؤخرا مفادها وصول قوات تابعة للجيش إلى مدينة صرمان، وتمركزت في معسكر 604 بطريق المصيف،  في إطار استعدادات لتحرير مدينة الزاوية من قبضة الجماعات الإرهابية.

وقبل ذلك بأيام، أعلنت قبيلة أولاد صقر، وهي من أقوى القبائل المسلحة بالمدينة، دعمها لعملية الجيش في الجنوب.

وفي نهاية يناير الماضي أعلن آمر الشرطة العسكرية والسجون بالمنطقة الغربية العميد المختار فرنانة عن تدشين مكتب للشرطة العسكرية في مدينة الرياينة الواقعة بين الرجبان ويفرن إلى الشمال من الزنتان ليكون بذلك مكتبا مفعلا تابعا للقيادة العامة للقوات المسلحة .

4