موجة ثانية من كورونا تداهم اليمن الغارق في أسوأ أزمة إنسانية

الوضع الصحي والإنساني في ظل تفشي وباء كورونا باليمن بات أكثر مأساوية بسبب افتقار الواقع الصحي لكثير من الدعم الحكومي.
الجمعة 2021/04/09
تسخير الجهود لحفر القبور

تعز (اليمن)- يواجه اليمن الفقير والمنهك من الحرب منذ أسابيع موجة انتشار ثانية لوباء كورونا ضربت جميع محافظاته، منذرة بكارثة إنسانية أشد وقعا من تلك القائمة أصلا في البلد والتي تشخّصها منظمات دولية على أنها الأسوأ في العالم.

ويقول المواطن محمد سيف من محافظة تعز بجنوب غرب اليمن إنّ “حفر القبور مستمر منذ أيام فيما المستشفيات تعج بمصابي فايروس كورونا، والمواطنون لا حول لهم ولا قوة إلا الدعاء بالفرج القريب”.

ويصف الرجل الأربعيني واقع الصحة في تعز أكثر محافظات اليمن سكانا بأنّه “أصبح مخيفا بفعل انتشار وباء كورونا دون اتخاذ إجراءات احترازية من قبل معظم السكان الذين يعانون الفقر ولا يستطيعون شراء الأدوات الصحية التي قد تقيهم من المرض”.

75 طبيبا أودى بهم وباء كورونا في اليمن بحسب نقابة الأطباء والصيادلة

ويقول متحدّثا لوكالة الأناضول إنّه “أصيب مؤخرا مع زوجته بأعراض شبيهة بأعراض فايروس كورونا، لكنهما قررا المكوث في المنزل لأيام حتى شفيا”، موضّحا أنّ الوضع المادي وعدم الثقة بالمنظومة الصحيّة هو ما أجبره وزوجته على عدم الذهاب إلى المستشفى.

وحتى آخر الأسبوع الماضي ارتفع إجمالي إصابات كورونا في المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية إلى 4697 بينها 932 وفاة و1715 حالة تعاف، مع الأخذ في الاعتبار أن تلك الأرقام نسبية نظرا لمحدودية وسائل تشخيص الإصابة بالفايروس.

ومنذ بداية جائحة كورونا مطلع 2020 لم تعلن جماعة الحوثي المسيطرة على معظم مناطق شمال اليمن والتي يوجد فيها أغلب سكّان البلاد سوى عن إحصائية واحدة كانت في 18 مايو من العام الماضي وأعلنت حينها عن أربع إصابات بينها حالة وفاة، وسط اتهامات شعبية ورسمية للجماعة بإخفاء أعداد المصابين في مناطق سيطرتها.

وأدى فايروس كورونا إلى وفاة 75 طبيبا يمنيا، وفق أحدث بيان صادر عن نقابة الأطباء والصيادلة في البلاد. كما أدى الوباء إلى وفاة شخصيات كبيرة بينها مسؤولون حكوميون وقادة عسكريون وصحافيون.

ارتفع إجمالي إصابات كورونا في المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية إلى 4697 بينها 932 وفاة و1715 حالة تعاف

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن عبر حسابه على تويتر إن البيانات الرسمية لا تعكس الانتشار الحقيقي لفايروس كورونا في البلاد، داعيا إلى توخي الحذر والالتزام بالممارسات الاحترازية للحد من انتشار أوسع للجائحة ولتفادي المزيد من التدهور في الوضع.

ويقول تيسير السامعي نائب مدير الإعلام في مكتب وزارة الصحة العامة والسكان في تعز “نعاني موجة من فايروس كورونا تضرب المحافظة ومختلف المحافظات اليمنية”.

وأضاف “القطاع الصحي يواجه هذه الموجة بإمكانيات محدودة، ورغم افتقار الطاقم الطبي لوسائل السلامة والوقاية يعمل أفراده بكل اجتهاد وتفان في سبيل حماية السكان”، موضّحا “هناك الكثير من زملائنا في القطاع الطبي أصيبوا بفايروس كورونا نتيجة افتقارهم لوسائل السلامة”.

ومضى قائلا “في ظل افتقار الواقع الصحي لكثير من الدعم لا يوجد لدينا سند سوى التعويل على وعي المواطن والتزامه بالإجراءات الاحترازية والوقائية قدر المستطاع، وكما انتهت الموجة الأولى كلنا أمل بانتهاء هذه الموجة”.

ويصارع اليمن كورونا في وقت يصعب على ثلثي السكان الوصول إلى الخدمات الصحية، ونصف المرافق الطبية فقط استمرت في العمل جرّاء الحرب وفق تقارير سابقة لمنظمة الصحة العالمية.

وتقول عفاف الأبارة الصحافية والباحثة في الشؤون الإنسانية إن الوضع الصحي والإنساني في ظل تفشي وباء كورونا باليمن بات أكثر مأساوية من أي وقت مضى.

وتضيف “موجة ثانية من كورونا انتشرت بشكل أكبر من الموجة الأولى التي بدأت في مثل هذا الشهر من العام الماضي”، موضّحة أنّ “الكثير من اليمنيين أصيبوا بالفايروس دون أي إحصاء لهم كونهم لا يذهبون إلى المستشفيات من أجل العلاج أو نتيجة التقصير من قبل السلطات في رصد الحالات وفحصها”.

ومضت قائلة “ما يتم الإعلان عنه من قبل السلطات هو شيء يسير مقارنة بالوضع الصحي الكارثي”. كما اعتبرت الصحافية أنه “يفترض أن يكون للوكالات الأممية والدولية الإغاثية دور فعال في هذا الوقت الحرج، لاسيما وأن معظم اليمنيين غير قادرين على اتخاذ إجراءات احترازية من الفايروس بسبب عدم قدرتهم حتى على شراء كمامات وقفازات بسبب الفقر”.

يصارع اليمن كورونا في وقت يصعب على ثلثي السكان الوصول إلى الخدمات الصحية، ونصف المرافق الطبية فقط استمرت في العمل جرّاء الحرب

وحول مآل هذه الموجة تقول الأبارة “لا أفق واضحا حول الأمر، فالوضع الصحي مأساوي جدا ولا تدخل فعالا من قبل السلطات والمانحين لمكافحة الوباء، ما يجعل اليمنيين يصارعون المرض لوحدهم وسلاحهم الوحيد الأمل بالخلاص السريع”.

ويشهد اليمن حربا منذ نحو سبع سنوات أودت بحياة 233 ألف شخص وبات 80 في المئة من السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء في أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفق الأمم المتحدة.

3