مهرجان القرين الثقافي يحتفي بالناقد السعودي عبدالله الغذامي

الدورة الجديدة تجسد ثلاثة عقود من الحراك الثقافي في الكويت.
الأربعاء 2025/01/29
مفكر رسخ اسمه في الثقافة العربية

تستعد الكويت لإطلاق النسخة الثلاثين من مهرجان القرين الثقافي تحت شعار "ثلاثون عاما من الريادة والعطاء"، والذي سيقام مطلع فبراير المقبل، مجسدا مسيرة ثلاثة عقود من الإبداع الثقافي، حيث يقدم في دورته الـ 30 جدولا حافلا بالفعاليات التي تجمع بين الفنون والموسيقى والآداب والندوات الفكرية.

كشف مهرجان القرين الثقافي بالكويت، عن برنامج دورته الـ 30، والتي تُقام خلال الفترة من 3 فبراير وحتى الثاني عشر من نفس الشهر، حيث يشهد المهرجان هذا العام، مجموعة من الفعاليات الفكرية والثقافية، والعروض الفنية والمسرحية والمعارض التشكيلية المتميّزة، حيث تتزامن دورة هذا العام مع مرور ثلاثة عقود على انطلاق المهرجان، واختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية 2025.

الدورة الـ 30 من المهرجان، الذي ينظمه المجلس الوطني الكويتي للثقافة والفنون والآداب، يتضمن برنامجه بجانب الفعاليات الفكرية والثقافية والفنية، تسليط الضوء على جهود الكويت في مجال الاكتشافات الأثرية، كما يُضيء المهرجان على مسيرة عدد من القامات الكويتية والعربية البارزة في مجالات الفكر والثقافة والفنون.

فعاليات متنوعة

احتفاء المهرجان بالدكتور عبدالله الغذامي جاء لكونه شخصية علمية نقدية تنويرية عربية مرموقة ذات منجز ثقافي هام

في هذا السياق، قالت الأمين المساعد لقطاع الثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، نائب رئيس مهرجان القرين الثقافي الثلاثون، عائشة المحمود “إن المهرجان سيحمل شعار ‘ثلاثون عاما من الريادة والعطاء‘.” مؤكدة أن “هناك حصيلة متميزة من الفعاليات سيتضمنها المهرجان، والتي تتوازى مع ما تحتاجه الساحة الثقافية، من حراك يتناسب مع العصر الراهن، وما صاحبه من تطورات وتقنيات حديثة في كل مجالاته.”

وأشارت المحمود إلى أن مهرجان القرين يهدف إلى تعزيز الحركة الثقافية في الكويت والمنطقة، مع تسليط الضوء على الإبداع المحلي والعالمي في مجالات الفن الموسيقى، المسرح، والأدب. كما يعكس اهتمام الكويت بالحفاظ على التراث الوطني ومواكبة التحديات الثقافية المستقبلية.

وأضافت أن مسرح جابر العلي في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، سيستضيف حفل افتتاح المهرجان، فيما تتضمن الفعاليات والأنشطة الصباحية والمسائية، معرض صور من ماضي الكويت سيقام في مجمع الأفنيوز، ومعرضا آخر حول إصدارات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، يصاحبه معرض “القرين ثلاثون عاما من الريادة والعطاء” وسيقام هذا المعرض في كلية الآداب بجامعة الكويت في الشدادية.

وتابعت بأن محاضرة “التأثير الجيولوجي الأثري لمنطقة الصبية” ستقام في متحف الكويت الوطني، بالإضافة إلى ملتقى ثقافي بعنوان “ثلاثون عاماً من الإبداع الثقافة في مواجهة تحديات المستقبل”.

المهرجان يختتم فعالياته بعرض مسرحية "أنتم مدعوون إلى حفلة" لهاني الهزاع تأكيدا على عنايته بالفنون
المهرجان يختتم فعالياته بعرض مسرحية "أنتم مدعوون إلى حفلة" لهاني الهزاع تأكيدا على عنايته بالفنون

وأوضحت نائبة رئيس المهرجان أن أعمال الندوة الرئيسة لمهرجان القرين الثقافي ستأتي بعنوان “جدلية النقد والنص الإبداعي”، وتستمر لمدة ثلاثة أيام على فترتين صباحية ومسائية في فندق سانت ريجيس.

كما يفتتح الحدث معرضا بعنوان “حنين… صور من نهضة الكويت” من أرشيف مجلة العربي ستستضيفها قاعة الشهيد مبارك فالح النوت، في جمعية الخريجين، و”منصة أثر للحلي.. للاستلهام الإبداعي من التراث اللامادي” في بيت السدو.

وكشفت المحمود أنه تقديراً لرائد من رواد النهضة الثقافية في الكويت، سيتضمن المهرجان منارة الأديب الراحل عبدالعزيز سعود البابطين في مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي، أما بانوراما مهرجان القرين الثقافي فإنها ستقام في مكتبة الكويت الوطنية.

وأوضحت أن المهرجان خلال أيامه سيحتوي على فعاليات فنية منها أمسية موسيقية بعنوان “سامريات كويتية لخلف العدواني في مركز اليرموك الثقافي”، وأمسية فيلم “ساندريلا” في مركز اليرموك الثقافي، بينما سيقام معرض القرين التشكيلي الشامل في متحف الفن الحديث، ومعرض الشباب التشكيلي سيقام في قاعة معجب الدوسري بمركز عبد العزيز حسين الثقافي في مشرف.

إلى جانب زيارة ميدانية لـ “منطقة الصبية”، إضافة إلى حفل تكريم شخصية المهرجان، ثم يعقبها جلسة حوارية وكل ذلك سيقام في فندق سانت ريجيس.

في حين ستقام محاضرة بعنوان “نتائج مواسم التنقيب في موقع تل أبوصوان – جرش (الأردن)”، تقدمها د. ميسون عبدالغني في مركز اليرموك الثقافي.

وتابعت المحمود بقولها إن المهرجان سيختتم فعالياته بعرض مسرحية “أنتم مدعوون إلى حفلة” للمخرج هاني الهزاع، وهو العرض الفائز بجائزة مهرجان الكويت المسرحي الـ 24، في مسرح الدسمة.

ونوّهت إلى أن الدعوة مفتوحة لجميع عشاق الثقافة والفن للمشاركة في هذا الحدث الثقافي المميز الذي يجمع بين الماضي العريق والرؤية المستقبلية.

احتفاء بمفكر تنويري

المهرجان يهدف إلى تعزيز الحركة الثقافية في الكويت والمنطقة العربية وتسليط الضوء على الإبداع المحلي والعالمي
المهرجان يهدف إلى تعزيز الحركة الثقافية في الكويت والمنطقة العربية وتسليط الضوء على الإبداع المحلي والعالمي

كان المهرجان قد اختار المفكر والمثقف والكاتب والناقد السعودي، الدكتور عبدالله الغذامي، ليكون شخصية هذه الدورة.

وقد جاء احتفاء المهرجان بالدكتور عبدالله الغذامي، لكونه شخصية علمية نقدية تنويرية عربية مرموقة، ولد في السعودية في مدينة عنيزة سنة 1946 بمنطقة القصيم. حمل الغذامي مهمة التنوير النقدي منذ منتصف الثمانينات الميلادية من القرن العشرين مستهلاً إياها بكتابه “الخطيئة والتكفير”، ومنذ ذلك التاريخ وإلى وقتنا الراهن واصل الغذامي طروحاته العلمية والنقدية والفلسفية التي أحدثت نقلة نوعية في الخطاب النقدي العربي، حيث أسهمت في نقل وتوطين مناهج النقد الأدبي الحديث ترجمة وتطبيقاً، وفتحت مجالات رحبة في قيادة الطرح النقدي العربي الأكاديمي إلى آفاق رحبة.

وبعد هذه المرحلة سلطت دراسات الغذامي النقدية الضوء على دراسات المرأة وكانت دراساته فاتحة لدراسات النسوية في العالم العربي، واتجه الغذامي بعد ذلك إلى تأسيس الخطاب النقدي الثقافي في العالم العربي عبر تدشينه النقد الثقافي في الساحة الأكاديمية العربية والخطاب النقدي العربي على حدٍ سواء، وللغذامي امتدادات علمية ثقافية في مجالات النقد والفلسفة والفكر. حيث ألّف عدداً كبيراً من الكتب والدراسات في تلكم الحقول المعرفية.

أسهم الغذامي في خلق حالة من الوعي في العلوم الإنسانية وأسس للفكر “المستنير” بأسلوب علمي رصين. وتتسم إنتاجات الناقد الفكرية بقوة الطرح وشجاعة الفكر ووضوح المنهج وسلامة التطبيق. وبهذا استحقت أطروحاته سمة التجديد في شتى المناحي العلمية التي ألّف فيها.

ولا ينحصر حضور الغذامي في المجال الأكاديمي بل تجاوزه إلى الحضور الفاعل والمؤثر في المؤتمرات والندوات ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام.

والدكتور عبدالله الغذامي واحد من رواد الحداثة التي لا تؤمن بالقطيعة المعرفية بل تصدر عن إيمان بإعادة قراء التراث بمنهجية نقدية تثريه وتلقي أضواء كاشفة على ما فيه من إبداع.

وقد أسهمت مؤلفاته مثل “الخطيئة والتكفير” “والنقد الثقافي قراءة في الأنساق الثقافية” و”تشريح النصّ” و”الموقف من الحداثة” و”الكتابة ضدّ الكتابة” والمرأة واللغة”، وغيرها من الدراسات المتخصصة في بلورة حركة نقدية حول النقد الأدبي والنقد الثقافي، وفتح الآفاق نحو مناقشة التراث الشعري والإبداع العربي المعاصر وإعادة قراءته من منظور نقدي يتسم بالجدة والعمق.

13