مهرجان البندقية يؤازر القضايا النسوية بتتويج الفرنسية أودري ديوان

كان حفل توزيع جوائز مهرجان البندقية خط النهاية لماراثون عروض الأفلام الذي استمر أحد عشر يوما ووصفه نقاد بأنه الأفضل منذ سنوات بعد أن جرى تأجيل العديد من الأفلام بسبب جائحة فايروس كورونا، فيما كرست هذه الدورة النمو الكبير لمنصات البث الرقمي كأحد أبرز منتجي الأفلام في حين كانت القضايا النسوية الأكثر حضورا.
البندقية (إيطاليا) – وجه مهرجان البندقية السينمائي رسالة دعم جديدة للقضايا النسوية من خلال منحه بإجماع أعضاء لجنة التحكيم جائزة الأسد الذهبي للمخرجة الفرنسية أودري ديوان عن فيلمها “ليفنمان” عن الإجهاض، بعد شهرين على نيل مواطنة لها جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان.
ويعتبر فيلم “ليفنمان” دراما قاسية عن الإجهاض غير القانوني في الستينات، من خلاله تكشف ديوان عما كانت تعانيه النساء.
تتويجات نسائية
قالت أودري ديوان المخرجة الفرنسية من أصل لبناني والبالغة 41 عاما خلال تسلمها الجائزة “للأسف، عندما تقاربون موضوع الإجهاض ستكونون دائما في قلب الأحداث”.
وأضافت “أنجزت هذا الفيلم بغضب ورغبة، أنجزته من كل قلبي وروحي”، وقد “أردت أن يكون العمل بمثابة تجربة” و”رحلة إلى شخصية هذه الشابة (الشخصية التي دار حولها موضوع الفيلم)”.
وقد نالت ديوان هذه الجائزة خلفا للسينمائية الأميركية – الصينية كلويه جاو الفائزة بالأسد الذهبي العام الماضي عن فيلم “نومادلاند” الذي حقق لاحقا انتصارا كبيرا في حفل توزيع جوائز الأوسكار.
العديد من الأفلام التي توجها المهرجان في دورته هذا العام تتطرق إلى قضايا النسوية والعلاقة بين الجنسين
وبعد أربع سنوات على قضية واينستين التي أطلقت مراجعة شاملة في قضايا التحرش والتمييز ضد النساء في عالم السينما أبدت المهرجانات السينمائية الكبرى انفتاحا متزايدا على أعمال المخرجات؛ فقد منح مهرجان كان السينمائي في يوليو جائزة السعفة الذهبية للمخرجة الفرنسية الشابة جوليا دوكورنو عن فيلمها “تيتان” ذي التوجه النسوي.
وتدور أحداث “ليفنمان”، المقتبس من سيرة ذاتية تحمل العنوان عينه للروائية أني إرنو، خلال ستينات القرن العشرين قبل تشريع الإجهاض في فرنسا. وهو يظهر مسيرة طالبة شابة حامل تؤدي دورها الفرنسية الرومانية أناماريا فارتولومي.
ويشكل “ليفنمان” ثاني أفلام أودري ديوان بعد “مي فوزات فو” الذي روت فيه قصة زوجين شابين يعانيان مشكلات إدمان سنة 2019.
وكتبت هذه الصحافية والروائية أعمالا تلفزيونية كما شاركت في كتابة سيناريوهات أفلام فرنسية عدة من بينها “باك نور” الذي يُعرض حاليا على الشاشات الفرنسية ويتناول العنف الممارس من قبل الشرطة.
وباتت ديوان المخرجة الرابعة التي تفوز بالجائزة الأبرز في مهرجان البندقية السينمائي منذ عام 2000.
الطريق إلى الأوسكار
قد تطرقت أفلام أخرى توجها المهرجان هذا العام إلى قضايا النسوية والعلاقة بين الجنسين، كما الحال مع فيلم “ذي باور أوف ذي دوغ” للنيوزيلندية جين كامبيون التي فازت بجائزة أفضل إخراج بعد 28 عاما على نيلها السعفة الذهبية عن فيلمها “ذي بيانو”.
الفيلم الجديد، وهو الأول لكامبيون منذ 2009، مقتبس من كتاب لتوماس سافاج مع بنديكت كامبرباتش وكيرستن دانست، وتعالج فيه المخرجة النيوزيلندية قضايا مرتبطة بالعقلية الذكورية المؤذية في المجتمع.
ووجهت المخرجة تحية خاصة إلى النجم بنديكت كامبرباتش قائلة “لقد جاب حقا العالم وعاد ليجد هذه الشخصية ويقدم أصدق أداء”.
هذا العمل هو من إنتاج نتفليكس، على غرار فيلم “ذي هاند أوف غاد” للإيطالي باولو سورنتينو الذي حصل على الجائزة الكبرى للجنة التحكيم ويروي فيه المخرج طفولته المعذبة في نابولي بسبب وفاة والديه في مرحلة كانت خلالها نجومية أسطورة كرة القدم الراحل دييغو مارادونا في أوجها.
وعززت نتائج المهرجان النفوذ المتعاظم لمنصات البث التدفقي التي باتت لاعبا رئيسيا في مجال الفن السابع بمواجهة الأستوديوهات التقليدية، في منحى آخذ في الترسخ منذ بدء جائحة كوفيد – 19.
وعلى صعيد التمثيل فازت الإسبانية بينيلوبي كروث بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “مادريس باراليلاس” لمواطنها المخرج بيدرو ألمودوفار، فيما نال الفلبيني جون أرسيليا جائزة أفضل ممثل عن دوره كصحافي باحث عن الحقيقة في فيلم “أون ذي جوب: ذي ميسينغ إيت”.
أما الأميركية كريستن ستيوارت فقد عادت في نهاية المطاف بخفّي حنين. وتوقّع لها الكثيرون الفوز إثر أدائها المتميّز لشخصية الأميرة ديانا في فيلم “سبنسر” لبابلو لارين الذي يغوص في خصوصيات الأميرة التي رفضت التخلي عن حريتها الشخصية في عالمها المحكوم بقواعد سلوكية حازمة داخل العائلة الملكية البريطانية.
ونجح مهرجان البندقية هذه السنة في استعادة بريقه بعد نسخة باهتة عام 2020 في ذروة الجائحة.
وقد نُظّم الحدث بعد شهرين فقط من مهرجان كان الذي أثبت قدرته على التميز الريادي من خلال تتويجه فيلم “تيتان” رغم الانتقادات الكبيرة التي طالت مشاهده العنيفة.
واستحال مهرجان البندقية في السنوات الأخيرة منصة انطلاق نحو السباق إلى جوائز الأوسكار، وهو يستقطب كل عام مجموعة من النجوم الأميركيين الذين يتوافدون للمشي على السجادة الحمراء في الحدث المقام بجزيرة ليدو في المدينة الإيطالية.
واعتلى مات دايمون وبن أفليك، وهما صديقان منذ الطفولة، الجمعة أدراج المهرجان بمناسبة عرض فيلمهما “ذي لاست دويل” لريدلي سكوت بعد انقضاء بضعة أيام على مرور نجوم فيلم “دون” تيموتي شالاميه وريبيكا فرغوسون وأوسكار أيزاك وخافيير بارديم.