من قاعة الدرس إلى تيك توك

خلاف بسيط بين أستاذ للمسرح وتلميذة في عمر الثالثة عشرة، حول تقنية العرض المسرحي، خرج من قاعة الدرس إلى ملعب تيك توك ثم تحول إلى معركة اشترك فيها العامة وتحول إلى حرب على رجال التعليم.
القصة بدأت بفيديو على تيك توك هاجمت فيه التلميذة، التي تدرس في أحد الأحياء الراقية بالعاصمة تونس، أستاذها وقالت إنه لا يتقن التدريس. الفيديو جاء مشحونا بالإحساس بالظلم فتضمن عبارات حماسية وجدت فيها المؤسسة التربوية تعديا على الأستاذ فقامت بطردها نهائيا من المعهد.
ودخل الأستاذ على خط “النقاش الجماهيري” لحالة كان يفترض أن يتم حلها وديا داخل المؤسسة التربوية. الأستاذ شخصية معروفة كونه كان أحد نجوم مسلسل رمضاني بثّ على جزأين، وهو “حرقة 1″ و”حرقة 2”. يضاف إلى ذلك أن الأستاذ عرف بمواقفه الحادة سياسيا وانحيازه لصف المعارضة.
تداخل الشخصي بالفني بالسياسي، وخرج الصراع إلى مواقع التواصل وتحول إلى حرب كلامية، وخاصة من جانب الفنانين الذين يختلفون مع نجم المسلسلات، بعضهم اتهمه بالغرور والعجرفة، وآخرون اتهموه بالفشل في مهمة التدريس، وأنه يوظف نجوميته لإهانة التلميذة والدفع إلى طردها من المعهد دون أيّ ذنب سوى أنها اختلفت معه في تفصيل تقني بسيط، وأنه كان يفترض ألا يغادر الخلاف قاعة الدرس لو علم كيف يعامل تلميذته ويقنعها بدلا من استفزازها والاستهانة برأيها.
المفارقة هنا ليس الخلاف في حد ذاته، بل إن الأدوات تغيرت، في السابق كان الأستاذ يفعل ما يريد، يضرب، يصرخ، يطرد، لكن الأمر يبقى في حدود القسم والعائلة، والهدف واحد تمكين التلميذ من معارف كاملة للنجاح بأي طريقة وأي وسيلة.
بسرعة خرج الخلاف إلى تيك توك، وهناك خلافات أخرى خرجت على فيسبوك وتحولت إلى حملات تشويه خاصة من جانب التلاميذ في مجموعات مغلقة وأحيانا في شكل هجوم مفتوح.
أدوات التعليم في زمن الوسائط الجديد يحتاج إلى مراجعة، ليس فقط من جانب توظيفها لتطوير جودة التعليم، ولكن في تطوير أساليب التدريس والبعد السلوكي من جانب الأستاذ والتلميذ والطالب. العلاقة العمودية التقليدية تجد صعوبة في البقاء كأداة تواصل، خاصة بعد قوانين تمنع المربين من اللجوء إلى الضرب كوسيلة تربية، وفيها عقوبات منها الطرد من الوظيفة أو السجن.
لكن هل يمكن بناء علاقة أفقية بين أستاذ وتلميذ، الأول يتمترس حول منظومة ثقافية تقليدية تضع العلم هو الأساس، والثاني ينظر إلى التعليم كعبء من جهة، وجزء صغير من الاهتمامات والمشاغل التي توفرها الوسائط الجديدة من لعب وطرق تواصل.