من أجل نوم منتظم

يحتفل العالم الجمعة باليوم العالمي للنوم الذي كرسته جمعية النوم العالمية منذ عام 2008، وجعلته مناسبة سنوية تقام في ثالث جمعة من شهر مارس، للتدبر والتفكّر والتأمل في القضايا المتعلقة بالنوم، كالصحة والتعليم والأكل والجنس والعمل وقيادة السيارات، وما إلى ذلك، حتى أنه لا يكاد يكون نشاط إنساني غير مرتبط في جانب من جوانبه بالنوم.
في اللغة العربية يتدرج النوم بين النعـاس، وهـو أن يرغب الإنسان في النوم، والوسـن وهـو ثقل الرأس، والترنيـق مخالطـة النعـاس للعيـن، والكـرى وهو أن يكون الإنسان بين النوم واليقظة، والتغفيـق وهو النـوم وأنت تسـمع كلام الناس، والإغفـاء وهو النــوم الخفيــف، وصولا إلى التهـويم وهو النــوم القليـــل والرقـاد وهو النــوم الطـويــل ثم الهجود وهو الاستغراق في النوم، والذي يمثّل أمل كل البشر، وبات شأنا علميا وطبيّا يخصص له العلماء لا فقط الأبحاث والدراسات، وإنما العلاجات والأدوية والنصائح والإرشادات.
من أجل نوم صحي تنصحك الجمعية العالمية للنوم بأن تحدد مواعيد النوم والاستيقاظ، وإذا كنت معتادا على أخذ قيلولة، فيجب ألا تتجاوز 45 دقيقة
ويهتم اليوم العالمي للنوم في هذا العام بالنوم المنتظم، لكون الذين ينامون بانتظام يتمتعون بمزاج أفضل وأداء نفساني حركي وإنجاز أكاديمي أكثر تميزا، ولكن كيف يمكننا الوصول إليه، المنظمة العالمية للنوم، تقول: نحتاج أن نتذكر العمليتين اللتين تنظمان كلا من توقيت وطول النوم، التنظيم اليومي والتحكم الاستتبابي المعروف أيضا باسم نموذج العمليتين اللتين تساعداننا على السعي نحو جدول نوم ثابت.
تشير العملية الأولى إلى ساعتنا الداخلية، التي ينظمها جزء من دماغنا يسمى النواة فوق التصالبية في منطقة ما تحت المهاد، وهي التي تنظم وتتحكم في دورة النوم والاستيقاظ على مدار اليوم من خلال تأثير الضوء والميلاتونين. ففي غياب الضوء يتم إنتاج الميلاتونين لتعزيز النوم، ولكن في وجوده يتوقف إنتاج الميلاتونين، ليعلم الدماغ بطلوع النهار وأنه علينا أن نستيقظ. يمكن لسلوكنا تجاوز هذه الإشارات الطبيعية. على سبيل المثال، تعمل الأضواء الساطعة في الليل على إيقاف إنتاج الميلاتونين، ما يؤخر النوم إلى ساعات متأخرة من الليل.
وتعزز العملية الثانية النوم بناء على مقدار الوقت السابق الذي أمضيناه مستيقظين، فأثناء اليقظة، يقوم الدماغ بتجميع المواد التي تعزز النوم، وعندما ننام يتم التخلص من هذه المواد ونشعر باليقظة مرة أخرى. هذه العملية مهمة بشكل خاص عندما نأخذ قيلولة في فترة ما بعد الظهر، لأننا نستنفد المواد التي تعزز النوم ولا يمكننا النوم في وقت معقول في المساء، لذلك فإن أفضل نوم هو عندما نزامن أوقات نومنا/ استيقاظنا مع ساعتنا الداخلية وميلنا إلى النوم لإيجاد التوازن المثالي بين العمليتين الأولى والثانية.
العلماء يؤكدون أنه من المهم أن تتذكر أن النوم مرتبط بالعديد من الأنظمة الفسيولوجية مثل تقوية الذاكرة، والسيطرة على الالتهاب، وتنظيم الهرمونات، وتنظيم وظيفة القلب والأوعية الدموية والعديد من الوظائف المهمة الأخرى، وبالتالي فإن مدة النوم غير الكافية وسوء نوعية النوم سترتبط بالعديد من النتائج الصحية السلبية الهامة. حيث ثبت أن فترة النوم القصيرة تسبب ضعفا في الوظائف الإدراكية والتنفيذية، بينما ارتبطت قلة النوم بصحة عقلية سيئة.
يهتم اليوم العالمي للنوم في هذا العام بالنوم المنتظم، لكون الذين ينامون بانتظام يتمتعون بمزاج أفضل وأداء نفساني حركي وإنجاز أكاديمي أكثر تميزا
ومن أجل نوم صحي تنصحك الجمعية العالمية للنوم بأن تحدد مواعيد النوم والاستيقاظ، وإذا كنت معتادا على أخذ قيلولة، فيجب ألا تتجاوز 45 دقيقة، وعليك أن تتجنب الإفراط في تناول الكحول والتدخين والأطعمة الثقيلة أو الحارة أو السكرية قبل 4 ساعات من النوم، وأن تتجنب الكافيين الموجود في الشاي والقهوة والمشروبات الغازية والشوكولاتة قبل ست ساعات، وأن تمارس الرياضة بانتظام، ولكن ليس قبل النوم مباشرة، وأن تستخدم الفراش المريح وتحجزه فقط للنوم والجنس دون غيرهما، وأن تبحث عن درجة حرارة مريحة للنوم وأن تحافظ على تهوية جيدة للغرفة، وأن تحجب كل الضوضاء المشتتة وتتخلص من أكبر قدر ممكن من الضوء.
بالمناسبة، تقود الدراسات إلى أن شخصا في الخامسة والسبعين من عمره، يكون قد نام 25 عاما، وقضى 7 سنوات على السرير في انتظار النوم.