منظمة دولية للغاز لصد أطماع تركيا شرق المتوسط

اجتماعات منتدى غاز شرق المتوسط تهدف إلى تقويض حركة أردوغان في ظل تصاعد الحرب على عمليات التنقيب غير الشرعية التي يمارسها في المياه الإقليمية لقبرص.
الخميس 2020/01/16
مواجهة التجاوزات التركية المتكررة

القاهرة  – تترقب الدول المنتجة للغاز اجتماعات منتدى غاز شرق المتوسط الذي يعقد في القاهرة الخميس للإعلان عن تحويله إلى منظمة دولية تحكم قبضتها على منطقة البحر المتوسط في مواجهة التجاوزات التركية المتكررة.

وتنطلق أعمال الدورة الثالثة لاجتماعات منتدى غاز شرق المتوسط بالقاهرة، والتي ستعلن في بيانها عن إنشاء منظمة إقليمية للغاز، ومنحها صبغة تعزز تأثيرها السياسي عالميا.

ودفعت الخروقات التركية، المؤسسين السبع، مصر وقبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا وفلسطين والأردن، لتبني تلك الخطوة لكبح جماح أنقرة بعد توقيع مذكرتي التفاهم البحري والأمني مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس مؤخرا.

وتتزامن التحركات مع استمرار تركيا في البحث عن دور مؤثر في المنطقة من خلال التدخل العسكري في ليبيا والدفع بطروحات وهمية لإعادة ترسيم المياه الإقليمية، في محاولة لخلخلة تكتلات الدول المتاخمة لحدودها المائية. وتهدف اجتماعات المنتدى تقويض حركة الرئيس رجب طيب أردوغان، في ظل تصاعد الحرب على عمليات التنقيب غير الشرعية التي يمارسها في المياه الإقليمية لقبرص.

وترمي عملية تحويل المنتدى لمنظمة إقليمية إلى سد المنافذ أمام أنقرة، ولم الشمل بين الدول الأعضاء ليكون أداة ضغط فاعلة يمكن من خلالها التحرك دوليا، والسيطرة على تماسك أعضائه بعيدا عن أي محاولة قد تنال من التجمع وتؤدي لتفتيته.

وأشار، الخبير في شؤون الطاقة، أحمد قنديل، لـ”العرب”، إلى أن التحركات التركية أفضت إلى تسريع عملية التعاون والتكامل الإقليمي في مجال تطوير وتصدير الغاز الطبيعي من المنطقة إلى أوروبا، وهو عكس ما كانت تستهدفه أنقرة من مذكرتي التفاهم.

أحمد قنديل: تركيا لن تستطيع المغامرة بأكثر مما تحتمل في ليبيا
أحمد قنديل: تركيا لن تستطيع المغامرة بأكثر مما تحتمل في ليبيا

ويمثل تنامي التعاون الإقليمي في شرق المتوسط إحباطا لكل من روسيا وتركيا، وهما اللتان افتتحتا بداية العام خط السيل التركي لتصدير الغاز الروسي إلى دول جنوب شرق أوروبا.

وما يجري في القاهرة اليوم خطوة مهمة من جانب دول المنطقة، شبهه متابعون في القاهرة، بأنه عملية متقنة لـ”ترويض السلطان”، تتواكب مع عملية أخرى للردع العسكري تمضي بوتيرة هادئة من قبل مصر وحلفائها، وتركز على زيادة التعاون العسكري مع دول الجوار في البحر المتوسط.

وأوضح قنديل، أن الحسابات التركية المقبلة ستضع نصب عينيها عمليتي “الترويض” و”الردع” من جانب دول شرق المتوسط، ولن تستطيع المغامرة بأكثر مما تحتمل في ليبيا أو في المياه الإقليمية لقبرص، وسوف يواجه أي تهور إضافي أو استفزاز بإجراءات قد تزيد تركيا عزلة في المنطقة.

وأرسل الاجتماع الخماسي في القاهرة قبل أسبوعين، وحضره وزراء خارجية مصر وقبرص واليونان وفرنسا وإيطاليا، بإشارات قوية لتركيا، منها الدفع بقوى أوروبية مؤثرة مثل باريس وروما، كداعمين أصيلين في مواجهة تجاوزات أردوغان.

ويمثل اختيار مصر وإسرائيل الإعلان عن تصدير الغاز، الأربعاء، عشية انعقاد المنتدى، رسالة تعزز من تماسك دوله بعد أن اعتقدت أنقرة أن توقيع الاتفاق الثلاثي (إيست ميد) في أثينا في 2 يناير، بين إسرائيل وقبرص واليونان، يعد بداية لتفكيك التماسك الإقليمي.

ويعتبر مراقبون، أن بدء تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر وتوقيع ميثاق منظمة إقليمية للغاز “صفعة قوية” لمشروع تركيا كي تصبح مركزا إقليميا للطاقة.

وتحظى الخطوتان، المنتدى وتصدير الغاز الإسرائيلي، بمساندة قوية من جانب الولايات المتحدة لمحاصرة النفوذ الروسي الناجم باعتبارها المورد الرئيسي للطاقة إلى أوروبا، حيث تصدر موسكو حوالي 40 بالمئة من احتياجات أوروبا من الغاز.

وأعلن رسميا الأربعاء عن بدء تدفق الغاز الإسرائيلي إلى مصر لأول مرة لتسييله ثم إعادة تصديره إلى أوروبا، وهي خطوة تأخرت كثيرا منذ الإعلان عن صفقة بين شركات القطاع الخاص في الدولتين في أكتوبر 2018، نتيجة عراقيل قانونية وسياسية وفنية.

وقال وزير الطاقة الإسرائيلي من القاهرة، الأربعاء، إن صادرات الغاز الإسرائيلية إلى مصر ربما يعاد تصديرها إلى أوروبا عبر محطة “إدكو” في غضون “أشهر قليلة”.

وكشف يوفال شتاينتز أن مفاوضات مع مصر والهند لتصدير غاز شرق المتوسط إلى الهند عبر قناة السويس.

وأوضح، أحمد قنديل، أن مغامرات أردوغان المستفزة في شرق المتوسط ساعدت بشكل ملموس في نقل علاقات السلام البارد التي سادت طويلا بين القاهرة وتل أبيب إلى مستوى غير مسبوق من التعاون في مجال الطاقة.

ودفعت التحركات التركية الأخيرة مسؤولي الدولتين إلى تخطي جميع العقبات والإسراع في تنفيذ الصفقة التي تقدر قيمتها بحوالي 19.5 مليار دولار لضخ 85 مليار متر مكعب (3 تريليونات قدم مكعب) من الغاز الطبيعي إلى مصر.

2