مناورات عسكرية قرب الحدود.. رسائل إيرانية مزدوجة إلى تركيا وأذربيجان وإسرائيل

شكل إعلان إيران عن إجرائها مناورات عسكرية على حدودها مع أذربيجان رسالة مزدوجة إلى خصومها في المنطقة من بينهم أذربيجان وإسرائيل، إضافة إلى تركيا التي تبدي طهران توجسا من توسع نفوذها في آسيا الوسطى. ويعتقد المتابعون أن هدف المناورات هو الضغط على باكو للحد من تعاونها مع تل أبيب.
طهران - وجهت إيران رسائل مزدوجة للتحالف التركي – الأذري وإلى إسرائيل حليفة أذربيجان بإعلانها عن مناورات عسكرية قرب الحدود، هدفها الضغط على باكو للحد من التعاون مع تل أبيب.
وأعلن الجيش الإيراني الخميس أنه سيجري مناورات عسكرية في شمال غرب البلاد قرب الحدود مع أذربيجان الجمعة، بعد أيام على انتقادات وجهتها باكو لهذه الخطوة.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية “إرنا” عن قائد القوات البرية للجيش العميد كيومرث حيدري قوله إن المناورات “ستنطلق الجمعة في منطقة شمال غرب البلاد، بمشاركة وحدات مدرعة ومدفعية وطائرات مسيّرة وبدعم من مروحيات الجيش”.
وأشار إلى أن هدفها “الارتقاء بالجهوزية القتالية للقوة البرية في هذه المنطقة”، من دون أن يحدد مداها الزمني أو الجغرافي.
وكان رئيس أذربيجان إلهام علييف انتقد في حوار مع وسائل إعلامية، إجراء إيران مناورات قرب حدود بلاده، معتبرا أنها “حدث مفاجئ جدا”.
وأضاف “هذا حقهم السيادي. ولكن لماذا الآن، ولماذا عند حدودنا؟”.
وردت الخارجية الإيرانية بالتأكيد أن إجراء مناورات عسكرية هو قرار “سيادي” للجمهورية الإسلامية.

إلهام علييف: هذا حقهم السيادي، ولكن لماذا الآن، ولماذا عند حدودنا
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده الثلاثاء “في حين أن هناك علاقات طيبة ومحترمة بين البلدين وقنوات الاتصال المعتادة بين الجانبين في أعلى مستوى، فإن التعبير عن ذلك بهذه الطريقة مثير للاندهاش”، مضيفا أن المناورات “أمر سيادي ومن أجل السلام والاستقرار في المنطقة بأسرها”.
وفي تلميح إلى العلاقة الوثيقة التي تربط أذربيجان بإسرائيل، العدو اللدود للجمهورية الإسلامية، أكدت الخارجية أن طهران “لن تتسامح مع أي شكل من تواجد الكيان الصهيوني بالقرب من حدودها. وفي هذا المجال، ستتخذ ما تجده مناسبا لأمنها القومي”، من دون تفاصيل إضافية.
وحسب المتابعين، فإن التوترات تصاعدت بين باكو وطهران في الأسابيع الأخيرة، بعد أن بدأت الشرطة ومسؤولو الجمارك في أذربيجان في فرض “ضريبة مرور” على الشاحنات الإيرانية التي تنقل الوقود والسلع الأخرى إلى أرمينيا المجاورة.
كما تتخوف إيران من علاقات أذربيجان وإسرائيل. ووفقا لوكالة لومبرغ، فإن إسرائيل مورّد رئيسي للطائرات دون طيار وغيرها من الأسلحة التي ساعدت باكو على قلب الميزان العسكري لصالحها في المواجهات العسكرية التي وقعت العام الماضي بينها وبين أرمينيا.
ورغم أن إيران حرصت على إظهار الحياد في الصراع بشأن إقليم ناغورني قرة باغ، إلا أن تقارير إعلامية تحدثت حينها عن أن طهران سمحت بمرور أسلحة ومعدات روسية باتجاه أرمينيا. كما لم تخف توافقها مع موسكو بشأن تحميل تركيا مسؤولية التوتر من خلال جلب مرتزقة سوريين إلى الإقليم.
وعلى غرار دوافعه السياسية، فإن تحالف إيران مع أرمينيا لديه مبررات اقتصادية، من ذلك أن تجارة الكحول الرائجة في إيران تمرّ عبر أرمينيا ويستفيد منها متنفذون في السلطة الإيرانية.
ووفق مراقبين، شكلت إيران شريان الحياة لأرمينيا، التي تعتمد بشكل كامل على طهران في توفير موارد الطاقة، خاصة في أوقات الحرب، وقد أدى هذا الاعتماد إلى تعزيز صورة إيران كداعم لأرمينيا ضد أذربيجان وفق وجهة نظر باكو.

وتشكل المناورات العسكرية رسالة أيضا إلى تركيا، حيث ينظر الإيرانيون إلى النفوذ التركي في آسيا الوسطى بقلق كبير، خاصة أن أنقرة نجحت في تحريك البعد التاريخي بين جمهوريات إسلامية ناطقة بالتركية، فيما فشلت طهران في الترويج للنموذج الديني المتشدد الذي تتبناه وفي محاولة فرضه بالقوة على هويات داخل إيران.
ورغم الاشتراك في اعتناق المذهب الشيعي بين إيران وأذربيجان، إلا أن النفوذ “الشيعي” الإيراني محدود جدا وتمت محاربته بجدية، بسبب النموذج الديني المتشدد في إيران مقابل نظام تركي عرقي علماني في أذربيجان.
ويعتقد المتابعون أن إضعاف أذربيجان يشكل أولوية إيرانية أخرى، ويلفت هؤلاء إلى ملفات عديدة تؤثر في علاقات طهران – باكو، وبالاضافة إلى تل أبيب وواشنطن، هناك قلق إيراني من النزعات الانفصالية للمناطق الأذرية، كما تخشى أذربيجان من التأثير الديني الإيراني في مجتمعها العلماني.
ورغم انتهاء النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، لكن برأي المتابعين، فإن تأثيرات الحرب قد تطول إيران أكثر من تركيا أو روسيا، بسبب قضية “أذربيجان الإيرانية” ورغبة الملايين من الأذريين في الانفصال عن إيران واللحاق بالوطن الأم في أذربيجان.
ولطالما استفزت سياسات النظام الإيراني المواطنين الإيرانيين من أصل تركي (أذري)، لاسيما في مدينة تبريز، ذات الغالبية الأذرية، وثالث أكبر مدن إيران بعد العاصمة طهران ومشهد.
ويعتقد الأذريون أن إيران، حليفة عدوّهم التاريخي أرمينيا، لن تكون صديقة لهم حتى لو تودّدت من خلال المذهب، وهو عنصر أقل قيمة من البعد العرقي والانتماء التركي للبلاد.
وتتشارك إيران وجارتها الشمالية الغربية أذربيجان حدودا بطول نحو 700 كلم.
وتعيش في إيران جماعة كبيرة من السكان من القومية الأذرية، وخاصة في المحافظات الشمالية الغربية المحاذية لأذربيجان وأرمينيا.