مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تحمي قرونا من تراث العرب والمسلمين

كنوز من التراث العربي والإسلامي: 3 ملايين كتاب و8 آلاف مخطوط ووثائق وصور.
الاثنين 2024/08/19
ذخائر تراثية محفوظة للأجيال

رغم إيمان مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض بأهمية الكلمة والمخطوطات المكتوبة التي تقتني أندرها فيما يتعلق بالثقافة العربية والإسلامية، فإنها أيضا تنفتح على محامل أخرى وخاصة منها الصور، علاوة على انتهاجها الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة للأرشفة والتوثيق والنشر.

تولي مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض عناية خاصة بالتراث الإسلامي من خلال إستراتيجيتها المعرفية في الحفاظ على التراث وتوثيقه وأرشفته، وإتاحته للباحثين والدارسين وطلاب العلم من أجل الوقوف على مضامينه الأدبية والفنية والعلمية، بوصفه أحد شواهد الحضارة العربية والإسلامية التي تقدمها للعالم.

وتحتفظ مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بآلاف المقتنيات من الكتب النادرة والمخطوطات والوثائق والصور والمسكوكات والمنمنمات التي تشكل جانبا كبيرا من مقتنياتها، فضلا عن توفير مادة ثرية من الكتب المعروضة للقراء والباحثين تتجاوز 3 مليون كتاب، حيث وضعت المكتبة منذ افتتاحها في العام 1987 من ضمن أهدافها الإستراتيجية المعرفية: الحفاظ على المحتوى الفكري العربي والإسلامي بمختلف عناصره ومصادره الثقافية، وزيادة هذا المحتوى بما يتلاءم ومتطلبات المسؤولية الثقافية التي تقوم بها، وبما يتناسب وتحولات البنية المعرفية العالمية التي تستدعي زيادة المحتوى الفكري التقني رقميا وحضور هذا المحتوى لمن يطلبه من الباحثين والمعنيين والدارسين حول العالم.

بالإضافة إلى ذلك قامت المكتبة بإصدار مجموعات كبيرة من الكتب المتخصصة في تاريخ المملكة وفي العالمين العربي والإسلامي، وإبراز الأوجه المتميزة في الحضارة العربية الإسلامية، وعقد الندوات الدولية عن تراث العالم العربي والإسلامي خاصة ندوة الأندلس، وندوة مصادر المعلومات في العالم الإسلامي، كما تقوم بوضع قواعد معلوماتية رقمية صلبة على الشبكة العنكبوتية عبر مشروع الفهرس العربي، الذي أطلقته لخدمة المكتبات والثقافة العربية والإسلامية.

التراث والمقدسات الإسلامية

◙ التراث العربي والمقدسات الإسلامية ركن أساسي من عمل المكتبة
◙ التراث العربي والمقدسات الإسلامية ركن أساسي من عمل المكتبة

يشكل التراث العربي، والمقدسات الإسلامية ركنا أساسيا من عمل المكتبة، فهي تقتني 8571 كتابا عن التراث، وأكثر من 8000 مخطوط وأكثر من 32 ألف كتاب نادر، كما تمتلك المكتبة 700 خريطة من الخرائط النادرة خاصة عن الجزيرة العربية منذ عام 1482م، بعضها باللغات اللاتينية القديمة، وفي مجال العملات والمسكوكات النادرة حرصت إدارة مكتبة الملك عبد العزيز العامة على اقتناء أكثر من 7600 عملة نادرة ما بين ذهبية وفضية وبرونزية، يعود تاريخها إلى مختلف العصور الإسلامية.

وقامت المكتبة بتصوير جميع مخطوطاتها رقميًا، حيث بلغت أكثر من مليوني صورة ووضعها على إسطوانات مدمجة (سي دي). ولا تكتفي المكتبة بما تكنزه من ذخائر تراثية تجعلها واحدة من أهم المكتبات بالعالم في حفظ التراثين العربي والإسلامي، بل إنها كذلك تعمل على توثيق التراث الوطني بدراسات وبحوث قيمة، ومن بين هذه الكتب التي أصدرتها المكتبة تلك الكتب التي أصدرتها عن الخيول والإبل والفروسية، والصقور، وطرق الحج، والحليّ، فضلا عن الكتب التي تتناول البقعتين الطاهرتين مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس والمسجد الأقصى.

◙ المكتبة توفر مجموعة من الكتب النادرة ذات الطبعات الأوروبية القديمة والنادرة ومخطوطات عربية وصورا في أرشيف ضخم
◙ المكتبة توفر مجموعة من الكتب النادرة ذات الطبعات الأوروبية القديمة والنادرة ومخطوطات عربية وصورا في أرشيف ضخم

ولأن المملكة العربية السعودية تحتضن التراث العربي والإسلامي وتحتضن الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، تحتفظ المكتبة بأهم عناصر التراث الديني والفكري والأدبي، وأصدرت مجموعة كبيرة من الكتب التي توثق لجماليات هذا التراث على أرض المملكة، منها: كتاب مصور باللغة الإنجليزية،  بعنوان السعودية SAUDIA  يضم 148 صورة التقطها المصور الإيطالي العالمي إمبرتو دي سيلفيرا، وكتاب “الجمل في الفن القديم والتاريخ والثقافة بالمملكة العربية السعودية”، للدكتور مجيد خان، يتضمن 400 صورة وكتاب “مشاهدة الحرمين الشريفين ومظاهر الحج” من تأليف الدكتور صاحب عالم الأعظمي الندوي، يعرض فيه صورا التقطها الحاج أحمد مرزا عام 1325هـ / 1907م منها: صور المسجد الحرام بمكة المكرمة، والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، وجبل عرفات، وباب العنبرية، ومسجد الخيف، ومشعر منى، ومقبرتي المعلاة والبقيع، ومسجد قباء بالمدينة المنورة.

من جانب آخر ترجمت المكتبة كتاب “المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية: تاريخ العلاقات التجارية بين الصين والجزيرة العربية” ويبرز إسهامات الأمة العربية الإسلامية والصين ، وإنجازاتهما العلمية في مجالات كثيرة كالفلك، والعلوم، والجغرافيا، والزراعة والطب وغيرها، ويبين أن لهما علاقات قديمة قبل الإسلام وبعده، حيث تبادلا التجارة والرحلة عبر طريق الحرير، ويأتي الكتاب ليشكل ترجمة حقيقية لواقع هذا التعاون والتفاهم المشترك، ليكون مصدرا مهما للباحثين من كلا الحضارتين، كما تقوم المكتبة منذ إنشاء فرعها بجامعة بكين بجمهورية الصين الشعبية قبل ستة أعوام بفعاليات متعددة تهدف إلى تعريف الصينيين بمختلف عناصر الثقافة السعودية والعربية والإسلامية.

وتتوافر في المكتبة مجموعة من الكتب النادرة ذات الطبعات الأوروبية القديمة والنادرة وتتكون من 78 كتابا عن سيرة النبي محمد. وتضم المجموعة أيضًا من 113 كتاباً مترجمة باللغات الأوروبية القديمة للقرآن الكريم، بالإضافة إلى 55 كتاباً عن الدراسات القرآنية، و54 كتاباً يتعلق بالمصادر الإسلامية.

وتقتني مكتبة الملك عبدالعزيز العامة أرشيفاً للصور يعد من أندر المجموعات المصورة في العالم، التقطها أشهر مصوري الشرق والمنطقة العربية منذ بدايات التصوير الشمسي عام 1740م إضافة إلى الصور التي التقطها الرحالة وربان السفن والعسكريون والمبعوثون والقناصل والسياسيون الذي زاروا المنطقة منذ منتصف القرن الماضي وحتي بدايات القرن الحالي، حيث يعد هذا الأرشيف التاريخي من الصور، أحد أهم المصادر في العالم التي تجسد صورة المنطقة العربية في الماضي. وتتوافر لدي مكتبة الملك عبدالعزيز العامة حوالي 365 صورة مع أصولها لم تنشر من قبل للحرمين الشريفين، قام بتصويرها المصور العالمي المصري أحمد باشا حلمي. كما تمتلك 700 خريطة من الخرائط النادرة خاصة عن الجزيرة العربية منذ عام (1482م)، بعضها باللغات اللاتينية القديمة.

الثقافة العربية

◙ المكتبة تضم قاعدة كبيرة من الكتب والوثائق والخرائط
◙ المكتبة تضم قاعدة كبيرة من الكتب والوثائق والخرائط

في الشأن الفلسطيني تضم المكتبة قاعدة كبيرة من الكتب والوثائق والخرائط، كما أصدرت بشأن الأقصى كتابا ضخما مصورا عن كل الأماكن المقدسة والأماكن التراثية ومسجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى ويتضمن مجموعة كبيرة من الوثائق والصور النادرة بعنوان “الأقصى”. حيث احتوى الكتاب على 360 صورة تتضمن جميع تفاصيل المسجد الأقصى. واهتمت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة منذ إنشائها بتوثيق تاريخ القدس وعقدت المؤتمرات والندوات، منها ندوة ومعرض مصور عن القدس في العام 1998م.

كما شكلت مكتبة بحثية متفردة تتناول القضية الفلسطينية تحتوي على آلاف الكتب التي تتناول مختلف الأبعاد التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والجغرافية والدينية والثقافية لفلسطين، ومن بين الكتب النادرة التي تقتنيها المكتبة، والتي تعد مرجعا هاما للقضية الفلسطينية كتاب: “مدينة القدس” تأليف سي.آر.كوندر، الصادر في لندن العام 1909م، والذي يقدم خلاصة البحوث التاريخية والأثرية التي أجريت في القرن الـ19 وتتعلق بالتاريخ والمباني الأثرية لمدينة القدس عبر 4000 سنة.

واهتمت المكتبة بالتاريخ الأندلسي من وجهته الحضارية والأدبية والفنية والعلمية، فأصدرت عددا من الكتب منها كتاب “مصادر أندلسية” الذي يغطي مراحل كثيرة في تاريخ الأندلس، من خلال التعريف بعدد متنوع من المصادر والمراجع التي تتناول هذا التاريخ. واختيرتْ في هذا الكتاب مجموعة من مقتنيات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في موضوعات متنوعة تتعلق جميعها بالأندلس، ومن أمثلتها: التاريخ، والأدب، والشعر، والحروب، والزراعة، والعملات، والفنون، والثقافة، والمدن الأندلسية، والسير والتراجم. وقد شملت التغطية اللغوية للكتاب عدة لغات هي: العربية، والإنجليزية، والإسبانية، والفرنسية، والألمانية، واللاتينية، وبلغت المصادر العربية الواردة بالكتاب 13 كتابًا، فيما بلغت الكتب باللغات الأجنبية 71 كتابًا.

◙ المكتبة تواصل تفعيل منظومتها المعرفية بما يتوافق ورؤية المملكة 2030 ويتوافق مع الاستراتيجية الثقافية التي طرحتها وزارة الثقافة

وتقتني المكتبة واحدا من أندر الكتب العالمية بعنوان “صور من إسبانيا” من تأليف ديفيد روبرتس، في طبعة فاخرة بالألوان الطبيعية الكاملة، وقد طبع منه ما يقارب الثلاثين نسخة فقط، ويحتوي على لوحات متنوعة للرسام البريطاني الشهير ديفيد روبرتس كان قد رسمها خلال جولته في ربوع الأندلس عامي 1832-1833م، تصور عددا من المعالم الشهيرة التي زارها في إسبانيا.

وفي إطار العناية بإبراز بعض جماليات اللغة العربية وأناقتها في الكتابة والخطوط، أقامت مكتبة الملك عبدالعزيز ثلاثة معارض مهمة، أبرزها: “المعرض العالمي للخط العربي” ومعرض: المسكوكات الإسلامية عبر العصور، ويتبين فيه طرق الكتابة على العملات بخطوط اللغة العربية، مما يدل على هذا التنوع وحركة الكتابة الدقيقة في صياغة معلومات العملة. كما أقامت معرضًا خاصًّا للمخطوطات العربية النادرة التي تتناول علوم اللغة العربية، وآدابها، وفنونها، ومعاجمها.

وتقتني مكتبة الملك عبدالعزيز العامة أكثر من 500 ديوان مخطوط من أبرزها مخطوطة ديوان علي بن المقرب ”572-630هـ” ومخطوطة نادرة لديوان المتنبي كتبت قبل 400 عام أما أقدم مخطوطات الشعر التي تقتنيها المكتبة فهو مخطوط لديوان “سقط الزند” للمعري (أحمد بن عبدالله بن سليمان بن محمد، أبوالعلاء التنوخي المعري 449هـ – 1057م) وقد تم نسخه في العام 652هـ.

وتواصل المكتبة تفعيل منظومتها المعرفية بما يتوافق ورؤية المملكة 2030 ويتوافق مع الاستراتيجية الثقافية التي طرحتها وزارة الثقافة. فيما تواصل الكشف عن مقتنياتها التراثية النادرة من خلال معارضها في المملكة وفي معارضها بالعواصم العالمية، وتعمل المكتبة عبر ذلك على  نشر المعرفة والإسهام في دعم البحث العلمي والوعي المتجدد بأهمية الاستفادة من تقنيات المعلومات والاتصالات في التعريف بثراء الثقافة العربية الإسلامية وتنوع إسهاماتها في مسيرة التطور الحضاري في مختلف العصور وأثرها التاريخي الكبير على كل الثقافات العالمية.

 

12