مكالمة بين الشيخ محمد بن زايد وأردوغان تدعم التقارب بين الإمارات وتركيا

الانفتاح الخليجي وما يتبعه من مكاسب سيدفعان أردوغان إلى إعادة حساباته الإقليمية.
الأربعاء 2021/09/01
مبادرات سابقة للإمارات (2012)

أبوظبي – قالت أوساط خليجية متابعة إن الاتصال الهاتفي بين ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيؤسس لتهدئة تامة بين الإمارات وتركيا على المستوى الثنائي وكذلك في الملفات الإقليمية، خاصة أن الاتصال جاء بعد لقاء الرئيس التركي بمستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد وما تلاه من تصريحات إيجابية بشأن مستقبل العلاقات الثنائية.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن الاتصال بين الشيخ محمد بن زايد وأردوغان يأتي كتتويج لمسار التهدئة بين البلدين، وهو مسار يندرج ضمن رؤية إماراتية وخليجية تقوم على تبريد الخلافات الإقليمية من أجل التفرغ لقضايا استراتيجية أهم تخص الأمن القومي والتنمية والاستفادة من التكنولوجيات الحديثة في تطوير الاقتصاد.

ولفتت هذه الأوساط إلى أن هذه التهدئة وما قد يتبعها من نتائج وخطوات ذات بعد اقتصادي وتجاري سيوفّران للرئيس التركي فرصة معرفة المكاسب التي يجلبها الانفتاح على دول خليجية مثل الإمارات والسعودية إلى الاقتصاد التركي قياسا بتحالفاته الحالية التي جلبت إليه مشاكل في الداخل والخارج.

أنور قرقاش: مرحلة جديدة تسعى فيها الإمارات لبناء الجسور مع الأصدقاء

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية إن الشيخ محمد بن زايد وأردوغان بحثا “العلاقات الثنائية والسبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين”.

كما تبادلا “وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والملفات الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك”.

وكتب المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش في تغريدة الثلاثاء “اتصال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالشيخ محمد بن زايد كان إيجابيًّا وَوِديًّا للغاية”.

وأضاف أن الاتصال “استند إلى مرحلة جديدة، تسعى فيها الإمارات إلى بناء الجسور وتعظيم القواسم والعمل المشترك، مع الأصدقاء والأشقاء، لضمان عقود مقبلة من الاستقرار الإقليمي والازدهار لجميع شعوب ودول المنطقة”.

ويعتقد مراقبون للشأن الخليجي أن الخطوة الإماراتية تأتي استجابة لمساع تركية مختلفة، بعضها علني والآخر سري بشأن تأمين عودة الدفء إلى علاقات تركيا مع دول الخليج، والنأي بالعلاقات الاقتصادية والتجارية عن الخلافات السياسية التي قادت إلى عزلة دبلوماسية لأنقرة وهروب للمستثمرين الخليجيين والأجانب وعزوف عن دخول اقتصاد محكوم بالمزاج السياسي للرئيس أردوغان.

وأشار هؤلاء المراقبون إلى أن تطور مسار المصالحات الذي شمل لقاءات تركية – إماراتية، وأخرى إماراتية – قطرية، سيضفي حالة من التهدئة على الملفات الخلافية الإقليمية المختلفة.

لكنهم لفتوا إلى أن هذا التقارب يأتي ضمن مناخ إقليمي تضغط فيه الولايات المتحدة على معظم الأطراف الحليفة في المنطقة من أجل تخفيف التوترات لإتاحة الفرصة أمام معالجة الملف الإيراني ببعديه النووي والإقليمي، وهو ملف تضعه الولايات المتحدة كأولوية.

وفي الثامن عشر من أغسطس الماضي استقبل الرئيس التركي في أنقرة مستشار الأمن الوطني الإماراتي و”بحثا العلاقات بين البلدين وقضايا إقليمية، إضافة إلى استثمارات الإمارات في تركيا”، حسب بيان لدائرة الاتصال بالرئاسة التركية.

وفي لقاء متلفز في اليوم ذاته قال أردوغان إن الإمارات ستقوم قريبا باستثمارات كبيرة في تركيا.

Thumbnail

وفي تصريح لاحق قال أردوغان إنه يأمل في إجراء محادثات مع ولي عهد أبوظبي بشأن إنشاء علاقات اقتصادية أوثق. كما أشار إلى أن “تقدم المحادثات بصورة جيدة يعني أن الإمارات ستكون لها استثمارات ضخمة في تركيا”.

وعكست تصريحات أردوغان حينئذ ارتياحا تركيا بشأن الخروج من عقدة العلاقة مع الإمارات، وهو ما بدأ ينعكس إيجابيا على الاقتصاد التركي المتعثر. ويتوقع مراقبون أن تُستأنف العلاقات بين البلدين بسلاسة، خاصة وأن العلاقات التجارية لم تتأثر بالتوتر الذي خيم على العلاقات السياسية.

ويصف هؤلاء العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وتركيا بأنها “وثيقة ومبنية على المصلحة المشتركة، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 8 مليارات دولار عام 2020، والإمارات هي ثاني أكبر شريك تجاري عربي لتركيا، فيما بلغ حجم الاستثمارات بين البلدين مؤخرا 5 مليارات دولار”.

تطور مسار المصالحات الذي شمل لقاءات تركية إماراتية وأخرى إماراتية قطرية سيضفي حالة من التهدئة على الملفات الخلافية الإقليمية المختلفة

وعبرت تصريحات سيد بصر شعيب، الرئيس التنفيذي للشركة العالمية القابضة، منذ أيام عن جدية إماراتية واضحة في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع تركيا أساسها التفاهم والمصالح المشتركة.

وبدأت الإمارات تتخذ خطوات في اتجاه تطبيع العلاقات الاقتصادية مع تركيا والبحث عن فرص استثمارية كجزء من تهدئة شاملة مع أنقرة.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة العالمية القابضة في أبوظبي إن “الشركة تبحث عن فرص استثمار في تركيا في قطاعات تشمل الرعاية الصحية والصناعة وتصنيع الأغذية”.

وتشير التصريحات إلى أن الإمارات وضعت توجسها وخلافاتها مع تركيا جانبا وتريد بالفعل بدء مرحلة جديدة بعيدا عن التوتر الذي خيم على العلاقات خلال السنوات الأخيرة بسبب عدة ملفات، في مقدمتها التدخل التركي في ليبيا ودعم أنقرة للإخوان المسلمين.

1