مكافحة الأخبار الكاذبة يافطة الجزائر للتضييق على الحريات

التعتيم على الشأن العام من طرف السلطة حول وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصات بديلة لاستيقاء الأخبار.
الثلاثاء 2020/04/21
مخاوف من تضييق الحريات

الجزائر – تصدّر تعديل قانون العقوبات، حزمة التدابير التي اتخذتها السلطة في الجزائر، في اجتماع مجلس الوزراء المنعقد عن بعد، حيث تضمن الإجراء عقوبات مشددة تجاه مروجي الإشاعة والمساس بكوادر الدولة، الأمر الذي أثار مخاوف في البلاد من شرعنة القمع والمساس بالحريات.

وتحوّل ما أسمته الحكومة بـ”الأخبار الكاذبة والمغلوطة”، إلى مصدر قلق حقيقي للسلطة خلال الأسابيع الأخيرة، مما استدعى تدخل الحكومة بتعديلات جديدة لقانون العقوبات بغية الحد من الظاهرة التي توسعت بشكل لافت منذ تفشي وباء كورونا.

وبات مروجو الإشاعات والأخبار الكاذبة، تحت طائلة عقوبات مشددة تتراوح بين غرامات مالية ثقيلة والسجن من عام إلى ثلاثة أعوام، الأمر الذي اعتبره مدونون وإعلاميون “ملاحقة مبيتة من طرف السلطة” لما تبقى من حرية التعبير والنشر. وساهم انغلاق الإعلام المحلي في الجزائر، بشقيه المملوك للحكومة أو الخاص الموالي للسلطة، في تصاعد وتيرة النشر على شبكات التواصل الاجتماعي، مما حولها إلى إعلام بديل حقيقي، في ظل الأحادية والتعتيم المضروب على الشأن العام من طرف السلطة.

وبرر البيان الذي توج اجتماع مجلس الوزراء، التعديل المذكور، بـ”تكيف المنظومة التشريعية مع التحولات الاجتماعية والتكنولوجية، والحد من انتشار ظاهرة الأخبار المغلوطة والمساس بكوادر الدولة”، في إشارة إلى مضامين شبكات التواصل الاجتماعي التي باتت تلاحق وتنتقد المسؤولين والمؤسسات.

وإذ كان الوضع في السابق يعرف لدى الرأي العام الجزائري، بـ”التسريبات” و”المصادر المأذونة”، التي كانت توظفها المنابر الإعلامية في إخراج غسيل السلطة إلى العلن، فإن المشهد الافتراضي من خلال الإعلام الإلكتروني صار يعج بمنصات مجهولة، تعمد إلى ممارسة تصفية الحسابات السياسية بين أركان السلطة عبر صفحات أو مواقع إخبارية. وبلغت درجة التسريب درجات غير مسبوقة في السنوات الأخيرة، على خلفية اللغط السياسي المثار في البلاد منذ انتخابات الرئاسة التي جرت العام 2014 وعرفت اشتدادا كبيرا منذ اندلاع الصراع بين الرئاسة والاستخبارات خاصة مع بداية الحراك الشعبي.

وتحاول السلطة منذ انتخاب عبدالمجيد تبون، رئيسا للبلاد التحكم في الوضع وبادرت بتعيين الإعلامي المخضرم محمد سعيد أوبلعيد، وزيرا مستشارا للإعلام في الرئاسة وناطقا رسميا باسمها، فضلا عن ناطق رسمي باسم الحكومة، إلا أن الوتيرة بقيت على حالها، وما لبث الرأي العام يطلع على حقائق عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مما يعزز فرضية لجوء فاعلين داخل السلطة نفسها إلى تلك الوسائل من أجل التعبير عن رفضهم لمسار معين.

ولا يتردد معارضون في السلطة ينشطون في عواصم غربية، في التأكيد على تلقي معلوماتهم من مصادر رسمية، مما يوحي بأن التعديلات الجديدة لا يمكن أن تحقق مبتغاها أو أن المدونين البسطاء هم من يدفع الثمن، وأن تزامنها مع حملة التضييق على منابر إعلامية ، سيعزز الاتهامات الموجهة إلى السلطة حول الإفراط في قمع الحريات وتكميم الأفواه.

وكانت وزارة الداخلية والجماعات المحلية، قد أعلنت مؤخرا عن توقيف عدد من المدونين، في كل من محافظات تيارت والشلف وسوق أهراس، بسبب قيام أصحابها بنشر نسخ مزورة لمسودة الدستور، وقرار إداري أثار لغطا كبيرا في صفوف الحماية المدنية ( الدفاع المدني)، وحتى انتقادا لأداء الحكومة في التعاطي مع ملف وباء كورونا.

4