مقاطعة البضائع الإيرانية تقلّص فاتورة الواردات العراقية

طهران تقرّ بتراجع صادراتها إلى محافظات العراق في الوسط والجنوب.
الجمعة 2020/02/21
حملة لإقصاء المنتجات الإيرانية

أكدت تقارير رسمية أن واردات العراق تراجعت بنحو 40 في المئة بسبب حملات مقاطعة السلع الأجنبية وخاصة الإيرانية وتشجيع المنتج المحلي، الذي يشهد إقبالا غير مسبوق منذ بدء الاحتجاجات ضد الطبقة السياسية الموالية لإيران في أكتوبر الماضي.

بغداد - كشفت لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي عن تسجيل انخفاض حاد لواردات السلع والبضائع منذ انطلاق الاحتجاجات ضد الطبقة السياسية الموالية لإيران في أكتوبر الماضي.

وأرجعت أوساط اقتصادية السبب الرئيسي في التراجع إلى مقاطعة البضائع الإيرانية، وهو ما أكدته بيانات إيرانية أظهرت تراجع الصادرات إلى العراق في يناير بنسبة 80 في المئة مقارنة بما كانت عليه حتى نهاية سبتمبر الماضي.

وأكدت لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية أن قيمة واردات العراق تراجعت بنسبة 40 في المئة في الأشهر القليلة الماضية بسبب تراجع الواردات من دول الجوار.

ويتزامن ذلك مع نمو غير مسبوق في الإنتاج المحلي في القطاعات الزراعية والصناعية، في ظل تشجيع كبير من المستهلكين ومقاطعة واسعة للسلع والمحاصيل المستوردة من إيران.

وقال عضو اللجنة سعد الخزعلي في تصريحات للصحافيين إن “العراق كان يستورد بضائع بنسبة 99 في المئة من دول الجوار… لكن تلك النسبة بدأت تنخفض تدريجيا خلال الأشهر الماضية” في إشارة إلى السلع الإيرانية والتركية، التي كانت تهيمن على السوق العراقية.

سعد الخزعلي:  محافظات الوسط والجنوب بدأت تعتمد كليا على المنتج المحلي
سعد الخزعلي: محافظات الوسط والجنوب بدأت تعتمد كليا على المنتج المحلي

وأضاف أن قيمة الاستيراد تراجعت خلال الأشهر الماضية بنسبة 40 في المئة وأن “محافظات الوسط والجنوب بدأت تعتمد بشكل كلي على المنتوج المحلي لاسيما المحاصيل الزراعية”.

وأشار الخزعلي إلى أن “جهات سياسية كانت تقف عائقا أمام المنتوج المحلي لأسباب تتعلق بالهيئات الاقتصادية التي تمتلكها تلك الأحزاب”.

وأقرت غرفة التجارة الإيرانية العراقية المشتركة، نهاية الشهر الماضي، بتراجع صادرات إيران إلى المحافظات الجنوبية في العراق، بسبب موجة الاحتجاجات المتواصلة وعزوف المستهلكين عن شراء السلع والمحاصيل الإيرانية.

ونسبت وكالة أنباء فارس نيوز إلى رئيس الغرفة يحيى آل إسحاق قوله إن صادرات بلاده إلى العراق انخفضت بشكل حاد، لكنها تواصل التدفق إلى إقليم كردستان العراق.

وتنشر في مواقع التواصل الاجتماعي العراقية دعوات واسعة لمقاطعة البضائع الإيرانية مثل هاشتاغ #خليها_تخيس، أي دعوها تتلف، إضافة على أعداد كبيرة من تسجيلات الفيديو في المتاجر على السلع الإيرانية دون أن يقبل عليها أحد.

وقال أحد النشطاء لـ”العرب” إن من يجرؤ على شراء منتجات إيرانية لا بد له من إخفائها خشية افتضاح أمره بسبب السخط الشعبي الواسع.

في المقابل تنتشر دعوات تشجيع المنتجات المحلية وتسجيلات التفاخر باقتنائها، حتى لو كانت مرتفعة السعر أحيانا مقارنة بالسلع المستوردة. ويتناقل النشطاء أخبار وأنواع السلع التي تنتجها شركات عراقية ناشئة بغرض الترويج لها ودعوة العراقيين إلى اقتنائها.

ويصل حماس بعض المنشورات إلى اتهام من يشتري البضائع الإيرانية بالخيانة وتكريس النفوذ الإيراني، الذي دمر العراق على حد تعبير تلك المنشورات.

من أجل اقتصاد العراق
من أجل اقتصاد العراق

ولم تقف المقاطعة الشعبية عند السلع الإيرانية بل امتدت إلى عزوف عن المنتجات التركية وجميع المنتجات الأجنبية ولو بدرجة أقل، بسبب الحماس الشديد لتشجيع المنتج المحلي.

وتكشف صور وتسجيلات فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي عن محاولات تمويه المنتجات الإيرانية بتغليفها من جديد لإظهارها على أنها منتجات عراقية.

ويشهد العراق فورة غير مسبوقة في إنتاج المحاصيل الزراعية بعد موسمي أمطار غزيرة أدت إلى رفع جميع القيود لتتضاعف المساحات المزروعة، ما أدى لإنعاش أوضاع المزارعين.

كما استفاد القطاع الزراعي من إجراءات اتخذتها الحكومة بعد سنوات من الإهمال، بتوسيع الدعم واعتماد أنواع جديدة من بذور المحاصيل، كالقمح والشعير والأرز، بعد إخضاعها لاختبارات في معامل متخصصة في سويسرا، ما أسهم في تحسين جودة المنتجات بدرجة كبيرة.

وقد تمكن العراق من تحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من المحاصيل مثل القمح لأول مرة منذ عقود. وامتد ذلك إلى عدد كبير من المحاصيل والخضروات، وشجع ذلك الحكومة على إيقاف استيرادها من الدول المجاورة وخاصة إيران وتركيا.

وفرضت الحكومة حظرا على استيراد نحو 16 منتجا زراعيا من الخارج، إضافة إلى البيض ولحوم الدواجن، وغم انتشار انتهاكات للحظر بسبب الفساد وهيمنة الميليشيات على معظم المنافذ الحدودية مع إيران.

وتقول مصادر مطلعة إن إيران وتركيا تمارسان ضغوطا هائلة على أعلى المستويات في العراق، لإجبار الحكومة على رفع الحظر على استيراد المنتجات الزراعية، لكن محللين يشيرون إلى تراجع إقبال التجار عليها بسبب المقاطعة الشعبية.

ودفعت المقاطعة شركات إيرانية وتركية إلى تغيير خططها الاستثمارية من خلال إنشاء مصانع داخل العراق للمنافسة على أسواقه وتعويض تراجع الصادرات عبر الحدود.

10