مغامرة بريطانية مثيرة للجدل لتفادي كارثة الدمار الاقتصادي

فاجأت الحكومة البريطانية دول العالم بالكشف عن سيناريو مغامر للتعامل مع التفشي الحتمي لوباء فايروس كورونا، يركز بشكل أساسي على حماية الاقتصاد من الانهيار، والذي قد تكون تداعياته أخطر من انتشار الوباء.
وتركز الخطة المثيرة للجدل بسبب مخاوف من عدم نجاحها، على ما يعرف بتعزيز “مناعة القطيع” لمنع انهيار المؤسسات الطبية والنشاطات الاقتصادية وتعزيز قدرة المجتمع على مواجهة الفايروس على المدى الطويل.
وأشار مسؤولون إلى أن الحكومة ستعلن خلال أسابيع إجراءات لحماية كبار السن والذين يعانون من أمراض مزمنة، قد تصل إلى تقييد حركتهم لحمايتهم من الإصابة بالفايروس.
وتستند خطط الحكومة إلى السماح لبقية أفراد المجتمع بمواصلة أنشطتهم، حتى لو أدى ذلك إلى إصابتهم بالفايروس، بسبب قناعة الخبراء بأن الأطفال والشباب والأصحاء قادرون على تجاوز الإصابة، ليكتسبوا بذلك مناعة تقلص إمكانية نقلهم للفايروس.
ويشير المدافعون عن الخطة المثيرة للجدل، إلى قناعة عالمية بحتمية انتشار الفايروس في جميع أنحاء العالم، وإمكانية عودته مجددا في المستقبل فور عودة السفر والاختلاط.
ويقولون إن إجراءات الحجر التي فرضتها الصين وإيطاليا ودول أخرى لن تجدي نفعا، بسبب صعوبة مواصلة فرضها لمدة طويلة وتداعياتها المدمرة للاقتصاد.
ويرى خبراء أن إزالة الحظر في الصين وشمال إيطاليا، سيؤدي إلى عودة انتشار الفايروس مع عودة السفر والسياحة والتجمعات الكبيرة.
وتريد بريطانيا من خلال هذه الخطة منح وصول الوباء إلى كبار السن والمرضى على نطاق واسع، الأمر الذي قد يؤدي إلى عجز المؤسسات الطبية وشيوع الفوضى والهلع.
وتبدو الخطة التي تتعرض لانتقادات كبيرة، أكثر جرأة مما يحتمل الرأي العام، لكنها قد يتسع قبولها كحل أخير حين يتفاقم فشل الأساليب البديلة، وتتراكم التداعيات التي تهدد بانهيار الاقتصاد العالمي.
ورغم كل إجراءات التحفيز المالي وإغداق الأموال من قبل الحكومات لمواجهة الفايروس، إلا أنها قد لا تكون كافية لمنع انهيار ملايين الشركات وفقدان مئات ملايين الأشخاص لوظائفهم.
وتخشى الأوساط الاقتصادية من حدوث زلزال فوري في قطاعات كثيرة، لن تستطيع العودة مجددا إلى نشاطها بسبب إجراءات الحجز وإيقاف جميع النشاطات التي كانت تعاني أصلا صعوبات خانقة.
ويبدو من المرجح أن يدرك العالم بمرور الوقت أن التداعيات الاقتصادية هي أخطر ما في الأزمة، وأن الفايروس سيعجل فرض نظام اقتصادي عالمي جديد قبل أوانه ودون أن تكون الحكومات مستعدة لدخوله.
وكان نموذج الاقتصاد العالمي قبل أزمة الوباء يتجه إلى تحول تدريجي تنحسر فيه الكثير من النشاطات الاقتصادية وما يعرف بمتاجر “الشارع العام” تلفظ أنفاسها في وقت تزحف الأتمتة والتسوق الإلكتروني على الوظائف التقليدية.
وقد يؤدي الانتقال من تراجعها التدريجي إلى التوقف الفوري بسبب إجراءات الوقاية الاستثنائية إلى تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي.
ويبدو أن حكومة بوريس جونسن قذفت قنبلة موقوتة لتختبر الرأي العام البريطاني والعالمي، الذي قد يزداد قبوله لها حين يدرك العالم عدم وجود أي حل آخر لإيقاف عاصفة فايروس كورونا.