معركة كسر عظم في الجزائر بين سعيد بوتفليقة وقايد صالح

الجزائر - خرج الرئيس الجزائري الأسبق اليمين زروال، عن صمته لتوضيح اللبس الذي علق بموقفه، تجاه الأوضاع التي تعيشها البلاد خلال الأيام الأخيرة، لاسيما بعد ظهور بيانات وبيانات مضادة بين مؤسستي الرئاسة والجيش، بشأن مساع كيدية غير معلنة بين أطراف تتصارع على الهيمنة على السلطة في سياق معركة كسر عظم بين الطرفين بقيادة سعيد بوتفليقة من جهة وقائد الجيش أحمد قايد صالح من جهة ثانية.
وكشف زروال عن عرض تلقاه من قصر المرادية بقيادة المرحلة الانتقالية بعد استقالة متوقعة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وذلك في لقاء جمعه مؤخرا مع المدير السابق لجهاز الاستخبارات المنحل منذ 2015، الجنرال محمد مدين (توفيق)، في ضاحية موريتي بغرب العاصمة.
وذكر زروال، في بيان أصدره الثلاثاء، بأن توفيق حمل إليه عرضا سياسيا يقضي برئاسته لهيئة رئاسية تدير المرحلة الانتقالية، وذلك بالتوافق مع مستشار مؤسسة الرئاسة سعيد بوتفليقة.
وألمح بيان الرئيس السابق إلى أنه رفض العرض المقترح لقناعته بضرورة تحقيق التداول على السلطة، واحترام مطالب الشارع الجزائري.
وتسارعت التطورات بوتيرة كبيرة في الساعات الأخيرة، بشكل يوحي بانزلاق خطير بعد اشتداد القبضة بين جناحي الرئاسة والمؤسسة العسكرية، خاصة في ظل تواتر بيانات تبادل فيها الطرفان تهم الكيد والتآمر.
وكذّب المستشار في رئاسة الجمهورية محمد علي بوغازي، مضمون البيان الصادر صباح أمس عن مؤسسة الرئاسة ويحمل توقيعه، وأعلن براءته من البيان المذكور، ومن التزوير الذي طال المؤسسة السيادية الأولى في البلاد.
واتهم البيان الذي وُجّه إلى الأمة، ويحمل ختم وشعار مؤسسة الرئاسة وتوقيع المستشار محمد علي بوغازي، قيادة المؤسسة العسكرية، بـ”التدخل اللادستوري والمخترق لقوانين الجمهورية من خلال الإيعاز للمئات من عناصرها بمحاصرة مبنى رئاسة الجمهورية وإقامات الدولة والتلفزيون الحكومي”، وأن ذلك يعتبر “انقلابا على المؤسسات الرسمية”.
ودعا البيان الجزائريين إلى “الالتفاف حول مؤسسات الدولة، والحيلولة دون وقوعها تحت الهيمنة العسكرية”، وحمّل مسؤولية أي خطر يلحق رئيس الجمهورية أو عائلته إلى قيادة أركان الجيش.
وأعلن عن قيام الأمن الرئاسي باعتقال من أسماهم بـ”قادة الانقلاب”.
وفيما لم يتأخر المستشار بوغازي، في تبرئة نفسه من مضمون البيان، وتكذيب أي علاقة له به، فإن عدم تجاوز البيان لشبكات التواصل الاجتماعي، يضيفه إلى البيانات والبيانات المضادة المتواترة في الساعات الأخيرة بالجزائر.
وجاء بعد نفي وزارة الدفاع لبيان سابق ينسب إلى رئاسة الجمهورية، تضمن قرارا تنهي بموجبه مهام الجنرال أحمد قايد صالح، على رأس قيادة أركان الجيش، وتعيين الجنرال المتقاعد سعيد باي خلفا له، وأدرجته دوائر إعلامية مقربة من قايد صالح، في خانة “مناورة تستهدف إرباك جهود قيادة الجيش لمرافقة الشارع في تحقيق مطالبه السياسية”.
وشككت تلك الدوائر في مصدر بيان تنحي الرئيس الجزائري عن الرئاسة قبل الـ28 من أبريل الجاري، واعتبرت بوتفليقة “في حالة غيبوبة وتنفس اصطناعي”، ونسبت البيان إلى المستشار سعيد بوتفليقة، وأن ما جاء فيه حول “اتخاذ قرارات هامة لضمان سيرورة المرحلة الانتقالية”، هو تمهيد لمناورات جديدة لإرباك الوضع وتعفينه كما حدث مع قرار إقالة قايد صالح.
ومع ذلك أكد مصدر مطلع لـ”العرب” أن “قرار إقالة قايد صالح، حقيقي وجدي أصدرته مؤسسة الرئاسة، إلا أنها فشلت في تنفيذه بسبب تفطن المعني للعملية، وقطعه الطريق على البيان ومنعه من الوصول إلى المحطات الإعلامية، والهيئات النظامية للمؤسسة العسكرية، ويحمل قطيعة نهائية بين الرئاسة وقيادة الأركان”.
وربط متابعون للشأن الجزائري، اشتداد القبضة الحديدية بين الطرفين، بحملة التضييق المعلنة مؤخرا، على رموز اللوبي المالي المقرب من الرئاسة، وأن الإعلان عن إدراج عدة رموز نافذة في قصر الرئاسة على غرار أفراد من عائلتي كونيناف وحداد، في خانة المنع من السفر تحسبا لتحقيقات منتظرة في ملفات فساد وتهريب عملة صعبة، بإيعاز من قيادة أركان الجيش، حفز جناح الرئاسة للعب أوراق جديدة لاستعادة المبادرة في معادلة الصراع.
وفيما يستعد ناشطو الحراك الشعبي، عبر حملة تعبئة على شبكات التواصل الاجتماعي، لمسيرة مليونية سابعة الجمعة القادم، للتأكيد على مطلب الرحيل الفوري والجماعي للسلطة، عاد طلبة الجامعات وبعض الفئات الاجتماعية إلى الاحتجاج بالعاصمة نهار أمس، للتعبير عن رفض ما وصفه محتجون بـ”المناورات” والدعوة إلى رحيل السلطة.