معرض القاهرة للكتاب يحتفي برواد الأدب والفن

ندوات تكريمية لأهم الرموز الفنية والأدبية المصرية لكل من الشاعر عبدالرحمن الأبنودي والقاص سليمان فياض والسينمائي فريد شوقي.
الجمعة 2020/01/31
نقاد يتناولون تجربة سليمان فياض

القاهرة – قدم معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الجارية والمستمرة حتى الرابع من فبراير القادم، العديد من الندوات التكريمية والاستذكارية لأهم الرموز الفنية والأدبية المصرية، فقد تناول في ثلاث ندوات تجارب كل من الشاعر عبدالرحمن الأبنودي والقاص سليمان فياض والسينمائي فريد شوقي.

أولى الندوات كانت حول الأبنودي وكان مدخلها الأثنوغرافيا، وهي أحد فروع علم الإنسان وتهتم بوصف للأعراق البشرية، أي وصف لأحوال البشر، ورصد ثقافات الناس المختلفة ومعرفة سلوكياتهم الاجتماعية، وتحظى الإثنوغرافيا الأدبية اليوم باهتمام كبير على مستوى العالم، ومن تجليات هذا الاهتمام خصصت إدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الحادية والخمسين محورا خاصا لمناقشة العلاقة بين الإبداع والإثنولوجيا، وخصصت أولى ندوات هذا المحور للشاعر عبدالرحمن الأبنودي.

تحدث في الندوة الناقد أحمد مجاهد، رئيس قسم النقد والدراما بكلية الآداب جامعة عين شمس، والباحث خالد أبوالليل، أستاذ الأدب الشعبي بجامعة القاهرة، فتناولا مشوار الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي، وعرضا لمنجزه الذي أثرى الحياة الأدبية والثقافية، وأدار الندوة الصحافي والباحث ياسر الغبيري.

وبيّن أحمد مجاهد أن الأبنودي أيقونة إثنوغرافية بامتياز، فهو لم يصطنع اللهجة الصعيدية، وإنما كانت جزءا من تكوينه الشخصي، فلم يستطع التخلص من لهجته الصعيدية التي لازمته في كل أعماله. كما أن الأبنودي أكثر شعراء العامية شعبية في عالمنا العربي وأكثرهم استفادة من التراث الشفاهي وأدب الملاحم، ودلل مجاهد على ذلك بدوره في جمع السيرة الهلالية وتراث الشاعر الشعبي ابن عروس من تونس.

وقال خالد أبوالليل إن الأبنودي نقل الشعر إلى مرحلة أخرى حيث أدخل الشعر العامي بيوت الشعب المصري. وهو يرى أن مكانته لا تقل عن بيرم التونسي وفؤاد حداد وصلاح جاهين، إذ كانت للأبنودي إسهاماته الهامة في العامية المصرية، كما كان واحدا من المثقفين الذين كانوا مثل الممر العابر بين هزيمة 1967 ونصر 1973، فأسهموا في استعادة المصريين للثقة في الذات.

واحتفل معرض القاهرة الدولي للكتاب كذلك بالذكرى الخامسة لرحيل القاص والناقد المصري سليمان فياض (فيراير 1929 – فبراير 2015)، وذلك بتخصيص ندوة لمناقشة منجزه الأدبي ضمن محور “الأدب والإثنوغرافيا“، وأدارت الندوة صفية فرجاني، التي قدمت في كلمتها سيرة موجزة للراحل، بوصفه كاتبا وباحثا لغويا كتب مادة أهم برامج اللغة العربية في الإذاعة المصرية، وأبدع أكثر من سبعين كتابا، وقد أمضى عمره مدافعا عن القيم الرفيعة، وتجسد ذلك في حياته كشخص وفي أعماله كأديب.

الأبنودي حافظ على "صعيديته" وفياض ترك 70 كتابا لكنه لم يجد حق الدواء أما شوقي فكان "أبوالبنات"

وتنهدت صفية فرجاني بأسى، قائلة “رغم هذا العطاء الثري والمتميز إلا أن حظه كان قليلا بالنسبة للدراسات العلمية والنقدية فلم يعطه النقد ما يستحق من اهتمام. إلا أن الجوائز أنصفته فنال في حياته عددا من التكريمات، بالإضافة إلى العديد من الجوائز والأوسمة منها جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 1970، وجائزة الشاعر سلطان العويس عام 1994 في حقل القصة، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2002”.

وأوضح الناقد حمدي سليمان أن أدب سليمان فياض يعتبر أدبا إثنوغرافيا بامتياز، وخصوصا روايته القصيرة “أصوات”. معبرا عن حزنه من عدم تكريم فياض بالشكل الذي يليق به قبل رحيله، وأرجع ذلك لأنه كان يعتز بنفسه وليست له شلة بين المثقفين والصحافيين، بينما كان معاشه لا يفي بتكلفة الأدوية، وقد كتب فياض ذلك على صفحته بالفيسبوك قبل رحيله بأيام.

وأشار الناقد والأكاديمي محمد عبدالعال إلى أن فياض أجاد التعبير عن مجتمعه وإثارة قضاياه من خلال براعته في التقاط التفاصيل، فالناس في قصصه الأولى فقراء مهانون، يقيدهم التخلف والخرافة، وقصصه جاءت ملتصقة بحياته وذكرياته وتحمل دلالات عميقة.

  وبمناسبة مرور مئة عام على ميلاد الفنان الراحل فريد شوقي، نظم معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الحالية ندوة شهدتها قاعة المقهى الثقافي بعنوان “مئوية فريد شوقي”، حضرها الفنان سمير صبري وابنتا الفنان الراحل الممثلة رانيا فريد شوقي والمخرجة عبير فريد شوقي.

بدأت الندوة بعرض مجموعة لقطات لمجموعة من أفلام الفنان فريد شوقي، ثم تحدث سمير صبري منطلقا من ذكريات أثارها مشهد تم عرضه من فيلم “وبالوالدين إحسانا” الذي تم عرضه في القاعة، فذكر أن الفنان فريد شوقي هو الذي اختاره ليمثل دور الابن رغم اعتراض بل وسخرية أحد منتجي الفيلم.

وأوضح أن من تبنى فريد شوقي هو الفنان أنور وجدي وأنه كان يحبه بشدة وأعطى له العديد من الأدوار مثل “زوج مراتي” مع الفنانة صباح، وكانت بدايته في السينما فيلم “ملاك الرحمة”، وهو ما حدد له اتجاهه لأدوار الشر والتي اشتهر بها بكلمة “بشرف أمي”، وبعدها تمرد فريد شوقي على أدوار الشر وأصبح “ملك الترسو”. ثم أنتج أول فيلم له وهو “الأسطى حسن” وتلته العديد من الأفلام التي أنتجها وأبرزها “حميدو”، “جعلوني مجرما” وكان هذا الفيلم نقلة كبيرة للفيلم الاجتماعي الذي يعالج قضية.

وبدأت الفنانة رانيا فريد شوقي حديثها بتوجيه الشكر لإدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب لاحتفاله بمئوية الفنان الملقب بأبوالبنات، وأضافت أنه كان يحب هذا اللقب لأنه كان يحب بناته جدا، لدرجة أنه لم يتمن إنجاب الولد.

أما المخرجة عبير فريد شوقي فأكدت أن والدها كان حريصا على  أن تحمل أفلامه رسالة ما، وهذا ما حدث فقد أدت أفلام مثل “حميدو”، “كلمة شرف”، “جعلوني مجرما” وغيرها، إلى إجراء تعديلات في القانون المصري، وذكرت أنه لم يوجه بناته للفن، وأيضا لم يعترض على اختيارهن له.

15