مصر ماضية في صفقة "سوخوي – 35" الروسية رغم الضغوط الأميركية

القاهرة – تمضي مصر في طريقها نحو الحصول على صفقة الطائرات الروسية “سوخوي – 35” المتطورة، بالرغم من التهديدات الأميركية بفرض عقوبات عليها، وفقا لقانون مكافحة خصوم الولايات المتحدة “تاكسا”، ما يعني أن العلاقة بين الطرفين قد تأخذ منحى خطرا الفترة المقبلة، وإن لم يجر تطبيق العقوبات بشكل فعلي.
ونقلت وكالة أنباء “تاس” الروسية مؤخرا عن مصدر روسي قوله إن موسكو بدأت في إنتاج أحدث جيل من مقاتلات “سوخوي – 35” لمصر بموجب عقد موقع معها.
وكشفت وثيقة نشرها الموقع الرسمي للتعاقدات والمناقصات الحكومية الروسية مناقصة مرتبطة بتوريد بعض الوصلات الكهربائية والكابلات تدخل في صناعة سلاح جديد لمصر.
ومن المقرر أن تتسلم القاهرة الدفعة الأولى من الطائرات التي يبلغ عددها 24 مقاتلة، بقيمة ملياري دولار، خلال الربع الثالث أو الأخير من العام الجاري، مع الأخذ في الاعتبار عامل التأخير بسبب تفشي وباء كورونا.
ويؤدي ظهور “سو – 35” لدى الجيش المصري إلى خلل في التوازن العسكري بالمنطقة، فهي إحدى أقوى الطائرات المقاتلة في العالم، وتشكل خطورة على المقاتلات الأميركية في أي معركة جوية، حيث أنها تنافس طائرات “إف – 35” الأميركية المتطورة.
واستبعدت بعض المصادر التي تحدثت إليها “العرب” قيام واشنطن بتنفيذ تهديدها بشأن توقيع عقوبات صارمة على القاهرة، غير أنها أشارت إلى أن قد تفعلها حال جرى استخدام السلاح بما يتعارض مع المصالح الأميركية في المنطقة أو بما يشكل تهديدا مباشرا لأمن إسرائيل.
وأضافت أن القاهرة حريصة على علاقتها مع واشنطن، والمزيد من التفاهمات قد تجري خلال الأيام المقبلة للتخفيف من وطأة الغضب الأميركي بشأن صفقة التسليح الجديدة، كما أن القاهرة تحرص على طمأنة واشنطن بشأن استخدامات السلاح وسياقاته الأمنية والعسكرية.
وقال وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري، اللواء يحيى الكدواني، إن الجيش المصري عليه مسؤوليات جسام تحتم رفع الروح المعنوية لمقاتليه عبر تحديث منظومة التسليح، وتعدد المسارات الدفاعية والهجومية التي قد تدفع الجيش للتحرك ما يستلزم السير باتجاهات متباينة بما لا يؤدي إلى توطيد العلاقات مع طرف على حساب آخر.
ورجحت مصادر دبلوماسية لـ“العرب”، أن يكون تعامل القاهرة مع ردة الفعل الأميركية على حسب ما ستقدم عليه الولايات المتحدة من تصورات وتصرفات، ولا يمكن التنبؤ بهذا الأمر حاليا، لأن المشاورات بين الطرفين مستمرة، والفترة الماضية شهدت اتصالات بين البنتاغون والجيش المصري لضمان استمرار التنسيق بينهما في مجالات عدة، أبرزها مكافحة الإرهاب.
وأعلنت الخارجية الأميركية قبل أيام موافقتها على صفقة معدات عسكرية لمصر بقيمة 2.3 مليار دولار، وهذا لا يعني أن واشنطن مرتاحة لتطور التعاون بين القاهرة وموسكو، غير أنها تريد أن تثنيها بشكل غير مباشر، وتؤكد لها مرونتها في مجال الصفقات.
وأكد المستشار الأكاديمي للمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، عبدالمنعم سعيد، أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطا عديدة لوقف الصفقة الروسية، لكن حال تنفيذها لن يكون بإمكانها خسارة مصر باعتبارها ثالث أكبر دولة تبرم صفقات تسليح في العالم، وتضع في اعتبارها العتاد العسكري الكبير للجيش المصري والتدريبات المشتركة بين الجانبين.
وتوقع في تصريح لـ”العرب” أن يناقش الكونغرس فرض عقوبات على القاهرة الفترة المقبلة، وأن الأمر يرتبط بمسائل قانونية معقدة سوف تأخذ مساراتها قبل عقد جلسات مغلقة بين نواب الكونغرس والبنتاغون لتحديد الأثر السياسي للعقوبات حال التوافق عليها، وقد ينتهي الأمر بتجميدها مقابل الحصول على ضمانات عدة من القاهرة.
وتدخل الصفقة الروسية القيادة المصرية في تحالف قلق مع الولايات المتحدة التي ستنظر إليها بمزيد من الارتياب جراء الإصرار على الحصول على المقاتلات الروسية، والسعي دوما لتنويع مصادر السلاح، وهي مسألة تتجاوز ما يتردد عن كيمياء سياسية تجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والمصري عبدالفتاح السيسي.
وتتعامل القاهرة مع تقلبات السياسة الأميركية في المنطقة بالقدر ذاته تقريبا، وتحاول أن تحصل على أكبر مكاسب للجيش المصري دون أن يؤدي ذلك إلى الاصطدام مع واشنطن.
ووفر تنويع مصادر السلاح المصري من بلدان شملت ألمانيا وفرنسا والصين وإسبانيا وروسيا، إشارات للولايات المتحدة بأن مصر لا تتعمد الارتكان على السلاح الروسي فقط، وتستهدف بالأساس حماية أمنها القومي في أبعاده المختلفة.
وينبع تجاهل القاهرة للتحذيرات الأميركية من صفقة السلاح الروسية من أن واشنطن رفضت من قبل طلب مصر الحصول على أحدث طراز من مقاتلات “إف – 35”، وردت على هذا الرفض بالحصول على طائرات الرافال الفرنسية، والتعاقد على “سو- 35” الروسية.
وحذر وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع مارك إسبر في نوفمبر الماضي مصر من إبرام صفقة شراء مقاتلات سوخوي المتطورة، وطلبت واشنطن من القاهرة مراجعة علاقاتها العسكرية والاستخباراتية مع روسيا، في إشارة ضمنية لرهن أي تطور معها بذلك.