مصر تعتمد قوانين جديدة في التعليم المفتوح

أغلقت الجامعات المصرية أبوابها بشكل غير مباشر أمام الآلاف من الطلاب الراغبين في استكمال دراستهم بنظام التعليم المفتوح في كليات الحقوق والزراعة والتربية الرياضية والإعلام. وقررت منع إصدار شهادات تعادل البكالوريوس أو الليسانس لطلاب هذه الكليات، واعتبارها شهادات مهنية أو تثقيفية، وحددت مدة الدراسة بسنة واحدة.
الثلاثاء 2016/05/03
ضوابط الامتحانات دليل النجاح باستحقاق

لم يكن قرار وقف منح هذه الشهادات لطلاب التعليم المفتوح تلقائيا بل جاء بناء على ضغوط مارستها نقابات المحامين والصحافيين والأندية الرياضية المختلفة، على المجلس الأعلى للجامعات، أكدت من خلالها أنها لم تعد ترغب في تسجيل طلاب التعليم المفتوح لديها، لأنه “لا يمكن مساواتهم مع الطلاب المتميزين في التعليم”.

وقالت نقابة المحامين إن مستوى طلاب التعليم المفتوح ضعيف للغاية، ويحصلون على شهادات علمية عالية في حين أن مؤهلاتهم الأساسية كانت فنية وزراعية ولا يمكن أن يدرسوا القانون ويدافعوا عن حقوق الناس. كما رأت نقابة الصحافيين أن هذا النوع من التعليم يقدم طلابا لا يصلحون للعمل الإعلامي.

وقوبل قرار الجامعات بصدمة شديدة من طلاب “الدبلومات الفنية، الصناعية والزراعية والتجارية، والكثير من الحاصلين على مجموعات هزيلة في التعليم ما قبل الجامعي”، خاصة أنهم كانوا يلتحقون بهذه الكليات لتحسين مستوياتهم الاجتماعية، سواء بالحصول على وظيفة أو تحسين وضعهم المهني من خلال شهادة البكالوريوس أو الليسانس.

إن أزمة التعليم المفتوح في مصر تتمثل في كونه أصبح بابا خلفيا لدخول الجامعات، فالطالب الذي لم يستطع الالتحاق بكلية الإعلام بجامعة القاهرة على سبيل المثال، التي وصل الحد الأدنى للقبول فيها إلى 97 بالمئة يمكنه الالتحاق بها – بعد 5 سنوات من حصوله على الشهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها- عن طريق برنامج الإعلام بالتعليم المفتوح حتى لو كان حاصلا على 55 بالمئة، وفي النهاية يتحصل مثل زملائه على نفس الشهادة.

وتظل المشكلة الأكبر في أن بعض الجامعات توسعت في هذا النوع من التعليم لجمع أكبر قدر من الأموال لتغطية نفقاتها، لا سيما أن الطالب يدفع خلال فترة دراسته 600 دولار، ما تسبب في أن يكون عدد المسجلين “تعليما مفتوحا” في كليات بعينها، يفوق ثلاثة أضعاف الملتحقين بها كمنتظمين من طلاب الثانوية العامة.

إصلاح التعليم المفتوح يبدأ بوضع ضوابط للقبول والامتحانات والحضور وآلية التخرج من الجامعة، بحيث تتم تنقية المتقدمين واختيار الأفضل من بينهم

وحسب تقرير لجنة تطوير التعليم المفتوح، فإن عدد الطلاب تجاوز 560 ألف طالب وطالبة بمختلف الجامعات، بينهم 160 ألف طالب في كليات الحقوق يسعون للعمل بمهنة المحاماة، و230 ألفًا بكليات التجارة.

وعلمت “العرب” أنه من المقرر أن يكون تطوير التعليم المفتوح من خلال “طبيعة الشهادة” التي يحصل عليها الطلاب، وبدلا من أن تكون مؤهلة لسوق العمل، تصبح شهادة لتجويد مستويات الباحثين عن عمل، بحيث تكون الدراسة فترة يكتسب فيها الطالب مهارات لرفع كفاءته المهنية والوظيفية، تؤهله للعمل، ولا تعتبر بالضرورة شهادة للتوظيف أو الترقية.

ويرى عدد من طلاب التعليم المفتوح أن الإجراءات الجديدة تمثل تمييزا لصالح طلاب الجامعات أصحاب المجموعات المرتفعة، والنظام الجديد يقضي على حقهم في استكمال تعليمهم والحصول على شهادة ترتقي بهم في المجتمع، بينما ينظر الطرف الآخر إلى القضية على أنها انتصار لهم، خاصة أن طلاب التعليم المفتوح كانوا يزاحمونهم في العمل والدراسة.

وقالت مصادر لـ”العرب” إن اجتماع لجنة التعليم المفتوح بالمجلس الأعلى للجامعات يوم 12 مايو، سوف يضع حدا للفوضى التي يشهدها التعليم المفتوح في الكليات، بحيث يتم وضع ضوابط للالتحاق به، مع تطوير برامجه المختلفة ليكون تعليما فنيا وليس أكاديميا. ومن المتوقع أن يتم إقرار تخصيص كليات للمجالات الفنية، بحيث يتم تعديل مسار التعليم الفني بشكل عام.

تقنين منح الشهادات بالتعليم المفتوح “إيجابية للغاية”، لأجل القضاء على فوضى منح الشهادات دون وجه حق، ووقف التعامل مع التعليم الجامعي على أنه “متجر”

قال الدكتور يحيى مقلد، عضو حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات، إن خطوة تقنين منح الشهادات بالتعليم المفتوح “إيجابية للغاية”، لأجل القضاء على فوضى منح الشهادات دون وجه حق، ووقف التعامل مع التعليم الجامعي على أنه “متجر” يتعامل مع الشهادات وكأنها سلعة تباع بمقابل نقدي. وأضاف أنه لا بد من وضع ضوابط للتعليم المفتوح، بحيث يكون فنيا وليس أكاديميا، بمعنى أن تكون هناك كليات متخصصة في المجالات الفنية لأنه لم يعد يحقق مصلحة الدولة بالرغم من كونه مصدر دخل مادي للجامعات، لأن الشهادة المهنية لا تؤهل صاحبها لسوق العمل، ما يزيد من حدة البطالة.

وعلى النقيض من هذا الرأي، قال الدكتور سامي نصار، عميد معهد البحوث التربوية بجامعة القاهرة، إن قرار وقف منح شهادات البكالوريوس والليسانس لطلبة التعليم المفتوح في بعض الكليات “يسير عكس حركة العالم نحو تطوير التعليم”، لأن إصلاح التعليم المفتوح يبدأ بإجراءات وقواعد حاكمة وليست مانعة. وأشار لـ”العرب” إلى أن كل جامعات العالم تتعامل ببرامج التعليم المفتوح، والعيب في مصر يتمثل في غياب الرؤية والأسس الحاكمة والاستراتيجيات الخاصة بهذا النوع من التعليم، بعدما أصبح “وسيلة لشراء الشهادات وبابا خلفيا لدخول الجامعات”.

وأفاد بأن إصلاح التعليم المفتوح يبدأ بوضع ضوابط للقبول والامتحانات والحضور وآلية التخرج من الجامعة، بحيث تتم تنقية المتقدمين واختيار الأفضل من بينهم، وحتى إن كان الطالب يقتصر في التعليم المفتوح على الشهادة، فلا بد للجامعات أن تجبره على التعلم وفقا لرؤيتها “ويوم يحصل على الشهادة، يكون قد استحقها عن جدارة”.

ووصف حال التعليم المفتوح في مصر حاليا بأنه “مهلهل”، ويحتاج إلى “جراحة عاجلة”، وأصبحت الجامعات والطلاب يتقاسمون المنفعة من ورائه، فالكليات تبحث عن المال، والطالب يبحث عن شهادة، وسوق العمل أصبح الضحية، بعدما غابت الكفاءات وحضرت النجاحات المزيفة، مدفوعة الأجر.

17