مصريون وفنانون يواجهون كورونا بالنكات والسخرية

باتت جل الأخبار تتمركز حول هذا الحدث العالمي المرعب المسمى فايروس كورونا “كوفيد - 19”، فلا تخلو وسيلة إعلامية مسموعة أو مقروءة أو مرئية من خبر هنا وتنبؤ هناك، هذا غير وسائل التواصل الإجتماعي التي باتت ساحات للتراشق بالتوقعات الكورونية ووضع الخطط والحلول الاجتهادية الغارقة في الطرافة والسخرية.
وكأنها فرصة عظيمة على الجميع استغلالها على كافة المستويات، الأطباء الشباب يروّجون لعلاج رخيص وفعال متوافر في الأسواق، وبالرغم من كونه دواءً شائع الاستخدام لعلاج الملاريا “كلوروكين” إلا أن محبي الظهور يروجون له بأنه اكتشاف.
والصيادلة يعزفون على نفس الوتر مستغلين الرعب من الوافد الجديد وحرص الأمهات على أبنائهن فيبيعون الكمامة بعشرة أضعاف سعرها، حتى الطهاة المحترفون وأصحاب القنوات اليوتيوبية يتبارون في تقديم وصفات وخلطات طبيعية بمزيج من أعشاب وخضروات منقوعة ومحلاة بالعسل وحبة البركة، أو بشرب الماء الساخن وعصير الليمون في مقاطع فيديو تنتشر كالنار في الهشيم. تنشيط اقتصادي وتجاري كأفضل استثمار.
حتى النكات والسخرية والإسقاط على العلاقات الإنسانية ذاتها، وصفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالأمهات تبث نصائح لتجنيب الأطفال الإصابة بالفايروس المستجد.
أحدث الهلع انقلابا في الشكل الاجتماعي والعلاقات الإنسانية، حتى الفتاوى باتت مضحكة، فمنهم من قال بأن من يموت مصابا بكورونا فهو شهيد دون ذكر سند شرعي، ونوهوا إلى ضرورة تغيير شكل الأزياء والعودة للنقاب الذي يشبه الكمامة لتفادي الإصابة.
من أكثر المضحكات المبكيات الاستشهاد بحلقة قديمة للدكتور مصطفى محمود تحدث فيها عن الفايروسات بصفة عامة وخص بالذكر فايروسا يشبه كورونا. فقالوا إن للرجل نظرة استشرافية ورؤية مغايرة إلى جانب خلفية دينية جعلته يقرأ المستقبل.
حتى الروائي الراحل الشهير الدكتور أحمد خالد توفيق لم يسلم من نعته بالعالم ببواطن الأمور، الرجل الذي توقع وتنبأ بظهور فايروس كورونا، عبر كتابه “شربة الحاج داود” الذي نشر عام 2014، مستشهدين بمقاطع من كتابه “لا أشعر أن مشكلة فايروس كورونا خطيرة لهذا الحد إذا وصل إلى مصر والسبب سأشرحه حالًا”.
وتابع توفيق “هناك درجة معينة من سوء الأحوال الاقتصادية قد تحميك من الأخطار.. الأطفال الأفارقة تخزن أجسامهم ‘الأفلاتوكسين’ سم الفطريات، في صورة غير سامة في البداية، تحتاج هذه المادة إلى بروتين كي تعطينا السمية الكاملة”.
وعندما تتحسن الأمور نوعًا ما يأكل الصبي اللحم، ينشط الأفلاتوكسين، ويحدث سرطان الكبد!.. هكذا تجد أن الجوع يحمي الأطفال السود من سرطان الكبد.. فهل يحمينا جو مصر من الفايروس؟
ودخل فنانون حلبة السباق على تقديم نصائح وتدابير احترازية لرواد مواقع التواصل الإجتماعي بشأن التسلح ضد كورونا كضربات استباقية منها ما قدمه المطرب راغب علامة من مقطع فيديو يقترح فيه السلام بالقدمين عوضا عن التقبيل والتحية بالأيدي لتجنب الإصابات، كبديل آمن في فيديو نشره عبر حسابه بموقع “إنستغرام” بعنوان أيام الكورونا.
ووجد مجموعة من الشباب ضالتهم في إنتاج أغنية “فيديو كليب” عن الفايروس المستجد بشكل ساخر من خلال المزج بين قوالب غنائية شهيرة بدءا من عبدالحليم حافظ وشادية ومرورا بشعبان عبدالرحيم وأغاني المهرجانات وختاما بكايروكي والأغاني الوطنية للتأكيد على أن الشعب المصري الذي عاش ولا يزال مع الفايروسات الكبدية الوبائية لا يهاب كورونا ولا أي فايروسات قاتلة.
بينما تداول رواد فيسبوك منشورا يحث على تناول البصل صباحا، معلقين على النصيحة “البصل ليس له علاقة بالفايروس ولا الشفاء منه لكنه كفيل بمنحك مسافة بعيدة بينك وبين الناس أجمعين”. وفي نفس السياق قال الفنان باسم ياخور “تناول ثلاثة فصوص ثوم صباحا كفيلة بإبعاد الناس عنك مسافة كبيرة!”.
في حين قرر سلطان الطرب اللبناني جورج وسوف منع التقبيل في عزاء والدته موقعا باسم كورونا، في لافتة دوّن عليها “عذراً، حفاظا على سلامة الجميع يرجى عدم التقبيل. التوقيع: كورونا”.
أما الفنان الكوميدي السوري أيمن رضا فقال “في آخر الزمن أموت بسبب فايروس، لماذا؟ هل أنا لابتوب؟”.
ونشر أحدهم صورته واضعا على فمه قرصا مدمجا “antivirus” خاصا بالكمبيوترات معلقا “هذا هو الحل الأكيد”. دلالية المشهد أعمق بكثير من مجرد طرفة ساخرة.
تغيير شكل التحية بين البشر بات حلا وقائيا لتجنب الإصابة، تجنّب المصافحة والاستعاضة عنها بضم اليدين أو وضع قبضة يد مضمومة في كف الأخرى.
العالم كله يعد العدة لمواجهة أيام كورونا بشعارات “لن أصافحك لأنني أحبك، أو إرسال قبلات في الهواء بين الأصدقاء المقربين، ضرب الأكتاف”.
حين رأينا العالم كله يدلي بدلوه في الأمر برقت في رأسي فكرة نفذتها مع بعض صديقات وأولياء أمور، الجميع يفكر خارج الصندوق ويمزح كما يحلو له فيجب أن نمزح نحن أيضا، ولم لا؟ بعض نسوة يجمعنا ناد رياضي أو نلتقي نحن الأمهات أمام مدارس أبنائنا، فتحضر كل أم دمية صغيرة وتتعانق الدمى، نضحك مرددين: لقاء السحاب، وتمزح أخرى: لقاء الجبابرة!