مصرفي سابق لقيادة إصلاحات جديدة في "بي.بي.سي"

لندن- أعلنت الحكومة البريطانية أن المصرفي السابق في مصرف “غولدمان ساكس” ريتشارد شارب اختير ليكون الرئيس المقبل لهيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”، لقيادة إصلاحات جديدة فيها. كان قد جرى الحديث عنها مرارا.

وأكد وزير الثقافة أوليفر دودن في بيان أن شارب هو المرشح “المفضل” للحكومة، وهو “بالضبط الرئيس الذي تحتاج إليه بي.بي.سي”، بعدما كانت الصحافة قد كشفت عن تعيينه رئيساً مقبلاً لـلهيئة.

ومنذ أشهر يجري الحديث عن إصلاحات تهدف إلى تنظيم عمل الهيئة لتكون أكثر مركزية في اتخاذ القرار، والتركيز على الأخبار الرقمية والبودكاست في تحولها الجديد، وتخفيض الإنفاق بنحو 80 مليون جنيه إسترليني في السنوات الأربع القادمة. ومما يزيد من تعقيد مهمته تراجع إيرادات بي.بي.سي بنحو 250 مليون جنيه سنوياً بسبب إعفاء من يتجاوزون 75 عاماً من رسوم الاشتراك المعروفة بـ”رخصة التلفاز”.

المؤسسات الإعلامية تواجه تحديات مالية ومهنية تجعل من إعادة الهيكلة حاجة ملحة بشكل دوري لمواكبة التغيرات

وتشير تصريحات وزير الثقافة إلى أن شارب هو الشخص الأمثل لهذه المهمة، لتحقيق هدف خفض الإنفاق في إصلاحات جديدة، بعد عام واحد فقط على إصلاحات وإعادة هيكلة الهيئة تضمنت إلغاء عدد من برامجها الإخبارية مثل “العالم عند الساعة الواحدة” الذي تبثه الإذاعة الرابعة، والاستغناء عن 450 موظفا في القسم الإخباري.

ووفقا لمدير “بي.بي.سي نيوز”، فران أنزورث، فإن “على هيئة الإذاعة البريطانية مواجهة التغيير الحاصل في الكتلة المستهدفة، وإعادة هيكلة بي.بي.سي نيوز، خلال السنوات العشر القادمة، حتى تتمكن من توفير مواردها المالية”.

وتواجه المؤسسات الإعلامية حول العالم تحديات مالية ومهنية متزايدة تجعل من إجراء الإصلاحات وإعادة الهيكلة حاجة ملحة بشكل دوري لمواكبة التغيرات على مستوى الشكل والمضمون.

وقامت المجموعات الإعلامية العربية بعمليات مماثلة، لكنها ليست بمستوى المؤسسات الإعلامية الكبرى في العالم، فآخر إصلاحات أجرتها مجموعة “أم.بي.سي” السعودية كانت في أغسطس 2017، تمثلت في عملية إعادة هيكلة شاملة للقناة وإعادة تموضع للموظفين، حيث تم توجيهها أكثر نحو الشأن السعودي وبات الشارع السعودي هو الهدف الأكبر والأهم للقناة، في ظل غياب أي تأثير للقنوات الرسمية السعودية.

كما لفتت الانتباه الإصلاحات التي أجرتها قناة “الحرة” الأميركية الموجهة للعالم العربي عام 2018، حيث أنهت عقود عدد كبير من العاملين واستقطبت آخرين بدلاً منهم، لتحسين المنتج النهائي في القناة والاستحواذ على المزيد من المشاهدين في ظل المنافسة القوية بين وسائل الإعلام المختلفة في المنطقة. من خلال مجموعة جديدة تمامًا من المذيعين الإخباريين والبرامج الإخبارية، ودمجت البث المباشر من استوديوهات جديدة بالقرب من واشنطن العاصمة ودبي.

وقاد عملية إعادة الهيكلة والتغييرات في القناة، الإعلامي الأردني نارت بوران، بهدف “إعادة ترميم المحتوى بما فيه البرامج ونشرات الأخبار”. وشهد قسم “بي.بي.سي عربي” عملية إعادة هيكلة عام 2018 طالت القناة التلفزيونية إلى جانب الإذاعة. نتج عنها الاستغناء عن عدد من موظفيها في لندن، مقابل توسيع مكاتبها في الشرق الأوسط، لتحسين الأداء وتطوير المحتوى بهدف رفع قدرتها التنافسية بين وسائل الإعلام الدولية الموجهة للجمهور العربي.

وتحظى الخدمة العالمية لـ”بي.بي.سي” بأهمية كبيرة. حيث ينظر المسؤولون البريطانيون لها باعتبارها جزءا مهما من قوة بريطانيا الناعمة حسب تعبير وزير الخارجية الأسبق ويليام هيغ، الذي قال في إحدى مقابلاته الصحافية “إذا أردت أن تعرف كم هي جيدة ومهمة بي.بي.سي، اذهب إلى أي مكان آخر”.

ومن المتوقع أن تعيّن الملكة إليزابيث الثانية شارب رسمياً في منصب رئيس الهيئة في الأيام المقبلة بناءً على توصية الحكومة. وسيخلفُ شارب (64 عاماً) الرئيس الحالي ديفيد كليمنتي في فبراير المقبل.
وأشارت وسائل الإعلام البريطانية إلى أن شارب كان مستشاراً لبوريس جونسون عندما كان رئيس الوزراء المحافظ الحالي رئيس بلدية لندن (2008-2016).
وفي الوقت الحالي، توظف “بي.بي.سي نيوز” ما مجموعه 6000 شخص، بينهم 1700 خارج المملكة المتحدة.

وتعتبر منصات خدمة “بي.بي.سي نيوز عربي” في المقدمة من حيث الشعبية مقارنة باللغات الأخرى، واحتلت المركز الأول في زيادة الانتشار بين خدمات “بي.بي.سي” العالمية، حسب إحصاء العام الماضي.

وبلغت الزيادة في عدد المتابعين 131 في المئة مقارنة بعام 2019، ووصل العدد إلى 12.7 مليون متابع أسبوعيا، فيما بلغ إجمالي عدد المتابعين لخدمات “بي.بي.سي نيوز عربي” الرقمية والتلفزيونية والإذاعية 42.2 مليون متابع ومشاهد ومستمع.