مشروع مرسوم لاختزال آجال القضايا الانتخابية للتعجيل بحل البرلمان التونسي

تونس- تصاعدت التكهنات في الساعات الماضية بشأن عزم الرئيس التونسي قيس سعيد إصدار مرسوم يتعلق باختصار آجال القضايا الانتخابية للاستحقاقين التشريعي والرئاسي اللذين انتظما في 2019، حيث ترى أوساط سياسية تونسية أن ذلك سيعجل بحل البرلمان في ظل اتهامات تقرير لمحكمة المحاسبات لحزبي قلب تونس والنهضة بإبرام عقود لوبينغ مع شركات أجنبية أو تجاوز سقف التمويل الانتخابي المحدد.
وخلال اجتماع مجلس الوزراء الذي انعقد الخميس الماضي تطرق سعيد إلى مشروع المرسوم المتعلق باختصار “آجال البتّ” في تقارير دائرة المحاسبات المتعلّقة بالانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019، معتبرا أنه لا معنى لأحكام تصدر بعد عقود دون أثر قانوني.

زهير حمدي: البت في تقرير محكمة المحاسبات سيسهل عملية حل المجلس النيابي
وكان تقرير محكمة المحاسبات الذي صدر في نوفمبر من العام الماضي قد أشار إلى أن حركة النهضة الإسلامية تعاقدت مع شركة ضغط أميركية منذ عام 2014 لتلميع صورتها، والأمر نفسه ينطبق على حزب قلب تونس، لكن التقرير ظل دون متابعة قضائية.
واعتبر الأمين العام لحزب التيار الشعبي زهير حمدي أن “البت في تقرير محكمة المحاسبات سيزيد من أريحية الرئيس سعيد وسيسهل عملية حل المجلس النيابي وذلك في وقت هناك قضايا أخرى على غرار الاغتيالات السياسية والتسفير وغيرها إذا يتم الحسم فيها فإن كل المنظومة السياسية سترحل”.
وأضاف حمدي في تصريح لـ”العرب” “من أجل إنقاذ تونس وتلافي أخطاء المنظومة السياسية السابقة فإننا في التيار الشعبي ندعو إلى ضرورة المحاسبة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ويجب تسخير كل الوسائل والإمكانيات وإعطائها الأولوية”.
وبالرغم من مضي أشهر على إعلان تقرير لمحكمة المحاسبات، وهي أعلى هيئة قضائية رقابية في تونس، بشأن الانتخابات العامة التي جرت في 2019، إلا أنه لم يتم إصدار أي حكم قضائي حول الشبهات التي وردت في تقريرها المتعلقة بعدد من الأحزاب الممثلة برلمانيا.
وفي نوفمبر 2020 قالت فضيلة القرقوري، وهي رئيسة دائرة بمحكمة المحاسبات، خلال مؤتمر صحافي في نوفمبر الماضي إن حركة النهضة أبرمت عقدا مع شركة الدعاية والضغط “Burson Cohn & Wolfe” للقيام بحملات دعاية وضغط وكسب التأييد في الانتخابات منذ عام 2014.
وأضافت القرقوري خلال تقديمها للتقرير الذي أُنجز في سياق مراقبة المحكمة للحملات الانتخابية أن النهضة قامت بعقدين مع هذه الشركة الأميركية؛ الأول منذ سبتمبر 2014 إلى غاية 2018، ثم أبرمت عقدا تكميليا في الفترة الممتدة بين السادس عشر من يوليو 2019 إلى السابع عشر من ديسمبر 2019، أي بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

هشام الحاجي: اختصار آجال التنازع في قضايا انتخابية خطوة مهمة جدا
وأوضحت المحكمة أن قيمة العقد الذي أبرمته الحركة الإسلامية بلغت ربع مليون دولار، مشددة على أنها لم تتسن لها معرفة مصادر هذه الأموال.
كما اتهمت المحكمة حزب قلب تونس الذي يرأسه رجل الأعمال نبيل القروي بتعاقده مع شركة ضغط أجنبية بقيمة 2.85 مليون دينار وتم تحويل جزء من قيمة العقد عبر حساب بنكي غير مصرح به وهو حساب زوجته.
وتم في وقت سابق تنفيذ العديد من التحركات الاحتجاجية التي تطالب بالإسراع في البت في هذه الاتهامات وهو ما لم يتم إلى حد الآن.
وتشهد تونس مسارا سياسيا انتقاليا منذ الخامس والعشرين من يوليو إثر اتخاذ الرئيس سعيد قرارات استثنائية تطبيقا للفصل 80 من الدستور أقال بموجبه الحكومة وجمد أعمال البرلمان واختصاصاته ورفع الحصانة عن نوابه ما اعتبر تمهيدا لحله.
وقال المحلل السياسي هشام الحاجي إن “هذا المشروع قد يستهدف فعليا إيجاد مخرج قانوني لحل البرلمان، لكن بقطع النظر عن النوايا السياسية التي تقف وراء هذا المشروع المرسوم الذي سيتم إصداره فإن اختصار آجال التنازع في قضايا انتخابية مهم جدا”.
وأوضح الحاجي لـ”العرب” أن “المدة النيابية أو الرئاسية محددة بخمس سنوات لا يمكن تجاوز هذه العهدة ثم البت في الاتهامات المتصلة بالتمويل أو بقية الاختلالات التي يتم رصدها وهي اختلالات يمكنها أن تغير اللعبة السياسية وتؤثر في نتائجها، لذلك أعتقد أن مشروع المرسوم الذي سيتم إصداره مهم ومن العناصر الإيجابية التي من الضروري أن يتم إقرارها”.