مشاورات الفرصة الأخيرة لتفادي انتخابات مبكرة في إسبانيا

عدم العفو عن القادة الاستقلاليين الكاتالونيين إذا أدينوا من المحكمة العليا لدورهم في محاولة الانفصال شرط الليبراليين لتشكيل حكومة.
الأربعاء 2019/09/18
بيدرو سانشيز عالق بين السيء والأسوأ

تواجه إسبانيا التي تعيش أزمة سياسية حادة منذ أربعة أشهر شبح الذهاب إلى انتخابات مبكرة في نوفمبر القادم، ما لم يتمكن رئيس الوزراء المكلف بيدرو سانشيز من التوصل إلى توافقات حزبية تضمن له أغلبية بسيطة داخل البرلمان الإسباني المنقسم بحلول الاثنين القادم. وتقدم الحزب الليبرالي بعرض مفاجئ يضمن نيل حكومة سانشيز الأغلبية في مقابل التزامها بعدم العفو عن الانفصاليين الكاتالونيين الذين قادوا الانفصال في 2017، وهو ما رفضه سانشيز في وقت سابق.

مدريد – أجرى ملك إسبانيا الثلاثاء مشاورات الفرصة الأخيرة مع الأحزاب السياسية الكبيرة، في مسعى لتشكيل حكومة وتفادي الدعوة لانتخابات مبكرة للمرة الرابعة في أربع سنوات.

وبعد نحو خمسة أشهر من انتخابات 28 أبريل التي فاز فيها رئيس الحكومة المنتهية ولايته بيدرو سانشيز، بدأ الوقت يضيق. وفي حال لم يحصل الاشتراكي سانشيز على ثقة البرلمان، حيث لا يملك أغلبية، بحلول الاثنين، ستتم الدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة تنظم في 10 نوفمبر.

وتعاني إسبانيا من حالة من عدم الاستقرار السياسي منذ تشتت كتل البرلمان في 2015 مع دخول حزبي بوديموس (يسار متشدد) والمواطنون (ليبرالي). وزاد تشظي البرلمان مع بروز حزب فوكس (يمين متشدد) في الاقتراع الأخير.

وفي هذا الإطار يتشاور الملك فيليب السادس منذ الاثنين مع قادة الأحزاب الممثلة في البرلمان. واستقبل الثلاثاء ممثلي الأحزاب الكبيرة وآخرهم سانشيز.

وإثر هذه المشاورات وإذا ارتسم اتفاق، يمكن أن يكلف سانشيز بتقديم ترشحه أمام البرلمان. وإذا تعذر التوافق يتم حل البرلمان الاثنين والدعوة إلى انتخابات جديدة.

ألبرت ريفيرا: واجبنا أن نقترح شيئا، إذا التزم سانشيز بألا يفعل شيئا
ألبرت ريفيرا: واجبنا أن نقترح شيئا، إذا التزم سانشيز بألا يفعل شيئا

وكان سانشيز فشل في يوليو في الحصول على ثقة النواب، بسبب عدم الاتفاق مع بوديموس على حكومة ائتلاف. وبعد شهرين مازالت المفاوضات في طريق مسدود مع هذا الحزب الذي يقوده أستاذ العلوم السياسية السابق بابلو إيغليسياس.

ويبدو أن المفاوضات بين الأحزاب استؤنفت بعد عرض مفاجئ في اللحظة الأخيرة من حزب المواطنين الليبرالي.

وعرض ألبرت ريفيرا قائد حزب “المواطنون” امتناعا مشروطا عن التصويت لنوابه ونواب الحزب الشعبي لتسهيل نيل سانشيز الثقة. وكان يرفض حتى الآن ذلك رغم دعوات سانشيز.

وعند المرور إلى جولة ثانية من التصويت على الثقة في البرلمان، يتم الاكتفاء بالأغلبية البسيطة. وامتناع نواب الحزبين كاف لمنح الثقة مجددا لسانشيز الذي لن يكون حينها بحاجة لأصوات نواب بوديموس.

وقال ريفيرا الثلاثاء “سانشيز ظل يناور ويضيع الوقت منذ ستة أشهر ومفاوضاته مع بوديموس فشلت” و”من واجبنا (مع الحزب الشعبي) أن نقترح شيئا، إذا التزم سانشيز بألا يفعل شيئا”. ولم يعلن الحزب الشعبي رسميا موقفه لكن يبدو غير موافق على المقترح، حيث تبدو الشروط التي وضعها ريفيرا لامتناع النواب، صعبة.

وهو يطلب خصوصا من رئيس الحكومة الالتزام بعدم العفو عن القادة الاستقلاليين الكاتالونيين إذا أدينوا من المحكمة العليا لدورهم في محاولة انفصال كاتالونيا في 2017. وسيشكل ذلك موقفا لا سابق له قبل صدور حكم المحكمة العليا.

كما يطلب من سانشيز أن يحل الاشتراكيون الحكومة الإقليمية في نافاري (شمال) والتحالف مع اليمين حتى لا تكون أغلبيتهم رهينة حزب انفصالي باسكي في هذه المنطقة.

وقال المحلل جوزيه بابلو فرانديز إن هذا الحزب “سيكون أكبر الخاسرين إذا نظم اقتراع جديد”، ويريد ريفيرا فقط “إظهار عجز رئيس الحكومة عن التوصل إلى اتفاق” للتمديد له في الحكم.

دعوات الانفصال

ومن جانبه قال المحلل أوريول بارتوموس “ريفيرا قدم الأمر بشكل يتيح له أن يقول في حال رفض سانشيز مقترحاته ،حاولت، وأبديت استعدادا” لتفادي اقتراع جديد. وبحسب استطلاع نشرته صحيفة ال موند، تريد أغلبية الإسبان أن يتوصل سانشيز لاتفاق مع بوديموس لتجنب إجراء انتخابات جديدة. وأظهر الاستطلاع تأييد نحو 55 بالمئة للتوصل لاتفاق.

ويعتزم حزب بوديموس الإسباني الامتناع عن التصويت في تصويت بالثقة في البرلمان، ما لم يغير القائم بأعمال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الشروط التي عرضها على الحزب المناهض لإجراءات التقشف في مقابل الحصول على دعمه للبقاء رئيسا للوزراء.

ورفض سانشيز أحدث اقتراح من بوديموس الذي كان يهدف إلى تشكيل ائتلاف“اختباري” مع حزبه الاشتراكي للحكم سويا إلى أن تتم الموافقة على ميزانية جديدة. وقال زعيم بوديموس بابلو إيغليسياس إن العرض الذي تم تقديمه الخميس لا يزال قائما.

ويحتاج رئيس الوزراء بالوكالة إلى دعم بوديموس من أجل ضمان إمكانية فوزه بدعم البرلمان. وكان سانشيز قد عجز في محاولة سابقة عن تشكيل الحكومة عندما امتنع بوديموس عن التصويت الذي جرى في يوليو الماضي.

وقال إيغليسياس إنه بمجرد اعتماد الميزانية، يمكن حل الائتلاف وسيقدم بوديموس المساندة لحكومة مستقرة يقودها الاشتراكيون.

ويقول سانشيز مرارا وتكرارا إنه لا يريد ائتلافا مع بوديموس بسبب خلافات في السياسات لا يمكن تذليلها حتما معهم من بينها كيفية التعامل مع الأزمة السياسية لإقليم كاتالونيا.

5