مستويات توتر الأزواج تزداد مع ارتفاع أجور الزوجات

أزواج يفضلون الضغط المالي على تفوق زوجاتهم في الدخل، فيما تؤكد بحوث أن الرجال يشعرون بالسعادة عندما يكونون العائل الوحيد لأسرهم.
الثلاثاء 2019/12/03
محاولة مد الأسرة بأكبر قدر من المداخيل

تستند أنجح العلاقات الزوجية على العمل الجماعي، لكن على ما يبدو فإن المساهمات الفردية مهمة، خاصة إذا تعلق الأمر بمن يمد الأسرة بأكبر قدر من المداخيل، وعلى الرغم من ارتفاع مستويات التوتر عندما يكون الزوج هو العائل الوحيد للأسرة إلا أن هذا الأمر يشعره بالرضى عن نفسه.

لندن - يشعر الرجال في العلاقة الزوجية بسعادة كبيرة عندما يساهم كلا الشريكين ماليا في مستلزمات الحياة الأسرية، إلا أنهم يفضلون أن يكونوا العائل الرئيسي للأسرة في مختلف دول العالم، وفق دراسة حديثة.

وأكدت جوانا سيردا محاضرة في اقتصاديات الأعمال، بجامعة باث البريطانية أن البحوث التي أنجزتها كشفت أن الزوج يشعر بالراحة أكثر عندما تكسب شريكة حياته مداخيل لا تتجاوز 40 بالمئة من دخل الأسرة، لكن مستويات توتر الأزواج تزداد بشكل حاد مع ارتفاع أجور الزوجات إلى مستوى يفوق هذه النسبة، بل ويشعرون بتوتر أكبر عندما يجدون أنفسهم يعتمدون كلياً على دخل زوجاتهم.

واستندت نتائج البحوث التي قامت بها سيردا على دراسة أكثر من 6 آلاف من الأزواج الذين يعيشون مع بعضهم على مدى فترة 15 عاما. وتم احتساب مستويات الشعور بالتوتر والقلق لديهم بناء على الشعور بالحزن والعصبية والتوتر واليأس والإحساس بفقدان القيمة داخل الأسرة ومظاهر حياتهم اليومية.

وتوصلت البحوث إلى أن الرجال يشعرون بالسعادة بشكل نسبي عندما يكونون العائل الوحيد لأسرهم، لكنهم لا يشعرون بالتوتر والقلق مثل الرجال الذين تكون زوجاتهم هن مصدر الدخل الرئيسي للعائلة، مشيرة إلى أن ذلك يؤثر سلبا على الصحة النفسية للأزواج في كل الحالات.

واستثنت الدراسة من ذلك الرجال الذين يتعمدون الارتباط بزوجة تتمتع بدخل مرتفع وتكسب الكثير من المال، حيث أفادت نتائج البحوث أنهم لا يعانون من مشاكل نفسية بسب دخل الزوجة الذي يفوق دخلهم.

ونبّهت الباحثة إلى أن هذا الصنف من الرجال لا يختار الزوجات بشكل عشوائي، لذلك إذا كانت المرأة هي التي تكسب الدخل الأعلى قبل الزواج، فإن فجوة الدخل هذه تكون واضحة بالفعل للرجل، وربما تكون سببا للارتباط بها وللعلاقة الزوجية.

وأشارت سيردا إلى وجود مجموعة متنوعة من الأسباب التي قد تفسر السبب في شعور الأزواج الذين تتفوق عليهم زوجاتهم في الدخل بضيق نفسي وتوتر، موضحة أنه عندما يكسب واحد من الزوجين نسبة أكبر بكثير من الدخل المشترك، فقد يؤدي ذلك إلى حدوث خلل في العلاقة.

وأوضحت قائلة “على سبيل المثال، إذا تدهورت العلاقة بشكل كبير، فإن إمكانية الطلاق أو الانفصال يمكن أن تجعل العائل الأقل يشعر بأنه أكثر ضعفاً، من الناحية المالية. هذه التأثيرات أكبر بين الزوجين اللذين يعيشان مع بعضهما البعض، وربما يرجع ذلك إلى زيادة احتمال انهيار العلاقة”.

مع ازدياد عدد النساء اللاتي يتفوقن على شركائهن الذكور، قد تبدأ القاعدة الاجتماعية التقليدية، في التكيف مع الوضع

وتابعت “وحتى لو لم ينفصل الزوجان، فإن دعم الأسرة مالياً عن طريق شريك واحد يؤثر أيضًا على توازن القوى. وهذا مهم إذا كان لدى الشريكين وجهة نظر مختلفة حول ما هو أفضل لعائلتهم، ومقدار الادخار، وما ينفقون عليه، والخطط المختلفة والقرارات الكبيرة”.

كما كشفت الباحثة أن نظرية أخرى تتضمن التأثير التاريخي للقواعد الاجتماعية والنفسية والثقافية عندما يتعلق الأمر بتقاسم الأدوار بين الجنسين، حيث كان البناء الاجتماعي للعائل الذكر متجذرا دائمًا في ثقافة الماضي.

وعلى مدى عدة أجيال، في العديد من الثقافات، كان هناك توقع بأن يكون الرجل هو المزوّد الأساسي للدخل في الأسرة، وأن الذكورة مرتبطة ارتباطًا وثيقا بتحقيق هذا التوقّع. وفي مواجهة تغيير هذه النتيجة عن طريق الزوجات، يعني هذا أنه من المرجّح أن يشعر الرجال بمستويات عالية من الضيق النفسي.

وأفادت سيردا أن الأمور تتغير، حيث أنه في أماكن مثل الولايات المتحدة، تزداد نسبة الزوجات اللاتي يتفوقن على أزواجهن من حيث الدخل، وفي عام 1980، كانت نسبة 13 بالمئة فقط من النساء المتزوجات يكسبن أكثر من أزواجهن، وفي عام 2000، تضاعف هذا الرقم إلى 25 بالمئة تقريبًا، وفي عام 2017 ارتفعت النسبة إلى 31 بالمئة. ومن المرجّح أن يستمر هذا الاتجاه في المستقبل بعد أن لوحظت أنماط مماثلة في دول أخرى.

وقالت سيدرا موضحة “في المتوسط​​، قال الرجال في دراستي إنهم عانوا من أدنى مستويات الضيق النفسي عندما لم تحصل زوجاتهن على أكثر من 40 بالمئة من دخل الأسرة”.

وأضافت “لكن بالنسبة للرجال، فإن كونك العائل الوحيد قد يكون لذلك ضريبة نفسية. لأنه حتى وإن كانت المعايير الاجتماعية تدعم هذا الموقف، فإن كونك مصدر الدخل الوحيد في الأسرة يرتبط بالكثير من المسؤوليات والضغط، وبالتالي قد يؤدي إلى الشعور بقلق كبير”.

وبينما تم البحث في قضية المُعيلة الأنثى وعواقب ذلك، لم يكرس سوى القليل من الاهتمام للعقبات النفسية التي يواجهها العائلون من الذكور. وربما يكون هذا النقص في البحوث بسبب فكرة القوة المقترنة بالذكر كونه العائل الأساسي للأسرة، وعادة ما يتم تكريس أبحاث الصحة النفسية للظواهر الجديدة، بدلاً من المعايير المقبولة والمتأصلة بشكل أساسي في المجتمع، وفق الباحثة البريطانية.

وخلصت نتائج الدراسة إلى أنه من الواضح أن معايير الهوية الجنسية لا تزال تثير نفورا واسع النطاق من الحالات التي تكسب فيه الزوجة دخلا يفوق دخل زوجها. ومع ازدياد عدد النساء اللاتي يتفوقن على شركائهن الذكور في الدخل، قد تبدأ القاعدة الاجتماعية التقليدية، التي تقر بأن الرجل هو العائل الأساسي للأسرة، في التكيف مع الوضع الجديد.

21